كل شيء في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يوحي بالعمل, وكل شيء في ردهات دار الأوبرا الذي احتضن حفل الافتتاح مساء السبت الماضي يوحي بالتجديد, عشرة أيام هي عمر المهرجان, ولكنها تمثل لحظات تاريخية وذلك حين تبرز تجربة جديدة تعمم على مستوى العالم.
عندما تكون من بين الحضور تتأمل سحنات الوجوه المختلفة باختلاف المناطق الجغرافية التي أتت منها, تعرف أنك لست الوحيد في هذا العالم الذي يعرف المسرح, ولست الوحيد الذي يحمل هم المسرح ولست الوحيد الذي يبحث عن الجديد.
في كل مرة نرى تجربة المشاركة في هذا المهرجان تختلف عن سابقتها, الأفق يتسع وحدود المسرح تتباعد لتعطي مزيداً من الحركة والإبداع والتألق, وهذا ما أكده العرض البولندي (دون كيشوت) لفرقة المسرح الجديد في زايجي الذي شاهده الجميع في حفل الافتتاح, حينما جعل خشبة المسرح عالما قائما بذاته بإزاء العالم الذي نعيش فيه، من خلال تكنيك مسرحي مبهر وإضاءة أتت من جميع الجهات وأداء متقن, كشف ما يحدث خلف الكواليس المسرحية, وذلك حين كشف المخرج البولندي حركات الممثلين خلف الكواليس للجمهور الحقيقي, في حين ان الواجهة المفترضة للعرض جعلها (كواليس).
في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي نحن بإزاء تجارب مسرحية مدهشة لا تدع مجالا للصدف, ولا تعمل حسب ما هو موجود, ولا تنتظر (إدارياً) يوقّع ورقة مسرحية ويضع عليها رقم الصادر ورقم الوارد, ولا تتعامل مع (ميزانية حولية) لا ينشط المسرح إلا بقدومها. تجارب وورش عمل تنشط من أجل المسرح واكتشاف كل ما هو جديد في هذه الدنيا التي وصفها شكسبير بالمسرح الكبير.
هنا لا أحد يسخر منك, ولا يصادر تجاربك, ولا ينتقص من قدراتك, ولا يقصيك. في هذا التجمهر العالمي الذي نجحت القاهرة في تكوينه تجد أن الكل يصفق للكل, والكل يدعم الكل, والكل يصافح الكل, هنا لا أحد فوق المسرح.
شكراً لمهندس المهرجان الفنان فاروق حسني, شكرا لمديره المتألق د. فوزي فهمي, شكراً لكل الأشقاء في مصر الذين سهلوا علينا كيف يمكن لنا أن نوسع حدود المسرح في أذهاننا, وأن ننشر بالمسرح الحب والسلام والرقي.
NLP1975@GMAIL.COM