Al Jazirah NewsPaper Monday  12/10/2009 G Issue 13528
الأثنين 23 شوال 1430   العدد  13528
نهارات أخرى
شيخ الأزهر والنقاب!
فاطمة العتيبي

 

أتفهم أن يرفض الفرنسيون مثلاً النقاب ويعدّونه حدثاً غريباً يشي بالتعبير عن الهوية الدينية، مما يناقض السيسولوجية الثقافية والسياسية الفرنسية القائمة على علمانية الدولة! (على أنّ ذلك فيه ما فيه من تناقض مع مبادئ الحرية التي تقوم عليها الإيديلوجيا الثقافية الفرنسية!)

لكني عاجزة مهما حاولت عن تفهُّم موقف فضيلة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي الرافض بحدّة للنقاب، والذي تناقلت وسائل الإعلام المصرية تفاصيله الغريبة، حيث انفعل في وجه فتاة في إحدى المدارس التابعة للأزهر كانت ترتدي النقاب وألزمها بكشف وجهها بعد مناقشة حادّة تمّت بينها وبينه قال فيها لها: إنها لا تعلم في الدين قدر علمه! ثم علّق في حضرة زميلاتها عليها حين كشفت عن وجهها بقوله: (لو كنت حلوة يعني شوية لعذرتك على تغطية وجهك)!؟؟. (ذكرت الفتاة ذلك لوسائل الإعلام المختلفة).

الذي يظهر لي أنّ المذهب الديني أصبح مقدساً حتى إذا اخترق من مذهب آخر ثارت حفيظة أتباعه وتعاملوا مع الأمر وكأنه اختراق من دين أو ملّة أخرى.

ليس لدي تفسير لانفعال فضيلة شيخ الأزهر ...

ومثلما نطالب بأن يتم التسامح مع اللاتي اخترن الحجاب ولم يتنقّبن متبعات الرخص الدينية في هذا الأمر والتي أقرّتها أغلبية المذاهب الأربعة، فإنه من الحري أن يتم قبول النقاب على اعتبار أنه أحد الآراء الوجيهة في الفقه الإسلامي، ولا مشكل دينياً في اتباع من يقول به.

إنّ حديثنا الطويل عن التسامح والاستفادة من تعددية الآراء الفقهية، مما هو تأكيد على اليسر والتوسيع على المسلمين يختفي تماماً, وتغيب شمسه وتذهب ثقافة الاختلاف وقبول الآخر، وكأنها كلام ليل يمحوه النهار, وتذهب حرية الاختيار مع الريح!! إننا نفشل مع أول تصادم بين هذا الرأي المختلف وأهوائنا الشخصية، حيث يظهر تغليب الهوى والمصالح على تحقيق الحكمة في السماحة والتعددية في الآراء والتفسيرات والاجتهادات.

لا يعنيني في الحقيقة أن أؤيد أو أعترض على غلبة مذهب على مذهب، لكنني معنيّة بالتأكيد على أنّ المذهب ليس ديناً مستقلاً يُعد اختراقه - باتباع جزئية من مذهب آخر - هو بمثابة خروج عن الملّة، يستحق كل هذا الضجيج والعنف اللفظي الذي طال الفتاة المسكينة!!

المذاهب الفرعية الفقهية هي ضمن الاجتهاد البشري في تفسير النص الديني، ولا يلزم إلباسه هذه القدسية التي تجعل من أتباع السني يقفون بهذه الحدّة والانفعال تجاه تفسيرات وآراء بعضهم، إنّ الاختلاف رحمة وسعة، لكن الخلاف فرقة وذهاب ريح!!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد