Al Jazirah NewsPaper Saturday  10/10/2009 G Issue 13526
السبت 21 شوال 1430   العدد  13526

دفق قلم
سلمت أجيال القرآن
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

كلما حضرت حفلاً لتخريج أعداد من حفظة كتاب الله الكريم، وسمعت نماذج من تلاواتهم المباركة شعرت بانشراح الصدر، وهدوء النفس، واطمئنان القلب، وإشراقة الأمل في انتصار الحق وأهله مهما واجهوا من كيد العدو وغدره وختله.

القرآن الكريم هو النبع الصافي الذي لا ينضب، به ترتوي القلوب، وبنوره تضيء الدروب، وببركته تنفرج الكروب، وباليقين المنبثق من آياته تنهزم الخطوب، ترقى به النفوس، وتصفو به الأذهان، ويصبح به الإنسان مثلاً للخلق الفاضل، والإيمان الراسخ، والعقل الراجح وتصبح به شخصيته قوية الجانب، متقنة الأداء، سليمة من التذبذب والضعف، ومن التطرف والغلو والإسراف.

لقد نجحت -بفضل الله- جمعيات ومدارس ودور تحفيظ القرآن الكريم في المملكة وغيرها من الدول الإسلامية في تخريج عشرات الآلاف من حفظة كتاب الله ذكوراً وإناثاً، وحازت المملكة العربية السعودية قصب السبق في تنظيم المسابقات الدولية الكبرى سنوياً في هذا المجال، وتميزت بالمسابقة الدولية الكبرى للعسكريين التي تنظمها إدارة الشؤون الدينية في وزارة الدفاع والطيران، فكسرت ذلك الحاجز الوهمي الذي كان يحول بين أفراد القطاعات العسكرية وبين القرآن الكريم حفظاً وتجويداً عند معظم الجهات العسكرية في كثير من الدول الإسلامية.

نعم أصبح النجاح في هذا المجال ملموساً لا يخفى من يقرأ ويسمع ويشاهد، وهنا يبرز سؤال مهم:

ما مدى الربط بين الحفظ والتلاوة وبين التطبيق والعمل؟ وأين نحن مما أخبرنا به أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من أنهم لم يكونوا يتجاوزون عشر آيات من القرآن حتى يتعلموا ما فيها من الأحكام والأعمال ويطبقوها في حياتهم؟؟ سؤال سمعته في أكثر من لقاء واجتماع، وقرأته في أكثر من مقال، وهو يرد على ألسنة بعض المحبين المؤيدين لهذه الجمعيات المباركة رغبة منهم في استكمال الخير، وتمام النعمة، وتحقيق المصلحة كما يرد على ألسنة بعض المبغضين المناوئين لهذه الجمعيات الذين لا يتورعون عن محاربتها واتهامها بتفريخ الإرهاب والإرهابيين رغبة منهم في إيقاف بركتها، واستكمال اتهامها بعدم الفائدة.

ونحن نقول: إن التنبه إلى ما طرحه هذا السؤال بصرف النظر عن نية من طرحه، مسألة مهمة، ولهذا أوجه هذا النداء إلى جميع القائمين على جمعيات ومراكز ومدارس وكليات تحفيظ القرآن الكريم في أصقاع الدنيا أن يرفعوا شعار (حفظ، وتلاوة، وتطبيق) وأن يضعوا برامج عملية ودورات تدريبية تعنى بتوجيه الحفظة إلى العمل والتطبيق لما يحفظون من كتاب الله سبحانه وتعالى في العبادات والمعاملات، كما كان يفعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه، وكما كان يفعل أصحابه من بعده وأتباعهم من السلف الصالح.

إن حملة القرآن الكريم يحملون مسؤولية كبرى في التطبيق لأن الحجة قد قامت عليهم بكاملها، فهم أولى الناس بالجد والعمل المتقن والخلق الفاضل، والصدق والأمانة، وحسن التعامل، والدعوة إلى الإصلاح بين الناس، ولن يكونوا على هذا المستوى المطلوب اللائق بكتاب الله عز وجل إلا إذا تلقوا -مع التلاوة والحفظ- التعليم والتدريب، والتوجيه السليم، وتحقيق ما يشتمل عليه النص القرآني الكريم من الإيمان واليقين، والصلاح، والهدى، انطلاقاً من قوله تعالى: { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.

إشارة:

هذا كتاب الله، أنسُ قلوبنا

كم ضمّ من شرفٍ ومن إجلالِ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد