حظيت الزيارة التي أنجزها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى سورية العربية باهتمام ومتابعة إعلامية مع أن زيارات ومبادرات الملك عبدالله بن عبدالعزيز عادة ما تحظى بمثل هذا الاهتمام والمتابعة إلا أن المتابع والراصد للحراك الإعلامي والسياسي العربي، يجد أن الزيارة الأخيرة للملك عبدالله إلى سورية حظيت باهتمام أكثر ومتابعة أكبر من سابق الزيارات، وقد يعود هذا لازدياد المحطات الفضائية ولكثرة القضايا العربية الشائكة التي تعاني من تعثر الحلول لمعالجتها، وللثقل السياسي المتزايد للمملكة وسورية والملك عبدالله والرئيس بشار الأسد، إضافة لتسارع الأحداث والحراك الإقليمي حيث تحاول القوى الإقليمية غير العربية القيام بأدوار أغفلتها الدول العربية، كل هذا رفع من سقف توقعات إيجابيات زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى سورية، وجعل الكثير من المراقبين يتوقعون أن تعقُبها انفراجات تشمل الكثير من الأزمات العربية ومن أولها الوضع في لبنان، ولهذا فلا غرابة أن نجد أن جميع المحطات الفضائية اللبنانية قد وضعت الزيارة في رأس اهتماماتها وكانت الخبر الرئيسي لتلك المحطات وخصصت العديد من البرامج الحوارية لتحليل أبعادها ونتائجها المرتقبة ولأن الحابل بالنابل يختلط في مثل هذه البرامج؛ بخاصة إذا كانت تلك البرامج تبث من محطات فضائية هي في الأساس تابعة لجهات حزبية أو واجهات لقوى إقليمية معروفة والتي تسعى إلى تمرير مواقفها ونظرتها لهذه الزيارة وما تريد تحقيقه ولهذا فإنها تدس بين الضيوف الذين يتحدثون عن الزيارة وتحليل أبعادها من يعرض وجهة نظر تلك القوى الإقليمية أو الجهة الحزبية العاملة على الساحة اللبنانية.
عن الزيارة أُستضفت في خمس محطات فضائية منها ثلاث محطات لبنانية جميعها تتبع جهات حزبية والمحطتان الأخريان واحدة كويتية والأخرى MBCوباستثناء ال MBC التي كان الحوار احترافياً يحاول المقدم أن يحصل من المحَاوَر على معلومات تضيف شيئاً جديداً، فإن اللقاءات الأربعة الأخرى يشعر الضيف أنه محاصر بجملة من الأفخاخ السياسية بقصد انتزاع موقف مؤيد لتوجهات المحطات أو السكوت على ما يطرحه الضيوف الآخرون لصنع رأي مؤيد لخط البرنامج عند المتلقين على اعتبار أن (السكوت من علامات الرضا)..!! وكان من الممكن للمشارك في الحوار أن يسكت عن بعض الآراء لأنها في النهاية تكشف عن مستوى فهم ومعلومات من يطلقها، أما أن يتحول الأمر لترديد آراء فيها كثير من التجني وعدم الفهم والبعد عن الحقيقة وتظهر تفاهة مطلقها، هو ترديد بعض ممن يستضافون في تلك البرامج الحوارية ومنها التشكيك في الإرادة السياسية للدول العربية فمن خلال طرح سؤال عن مغزى توقيت زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وهل هناك علاقة بين الانفتاح الأمريكي نحو دمشق وبين إتمام زيارة خادم الحرمين الشريفين لسورية.. بمعنى هل سمحت واشنطن بإتمام هذه الزيارة..!!
ما هذا الهراء..؟
هل دول مهمة مثل المملكة العربية السعودية وسورية دول ضعيفة الإرادة، وتنتظر الإذن من خارج الحدود..!!
مثل هذه الآراء والحديث عنها هدفها إظهار الدول العربية ضعيفة الإرادة ولا توجد دولة عربية قادرة على قيادة الصف العربي.. والهدف واضح وهو طالما لا توجد دولة عربية قادرة على إعادة ولم الشمل العربي وقيادة العمل العربي المشترك وعليه يجب إفساح المجال لقوى إقليمية غير عربية للقيام بهذا الدور وتحويل العرب جميعاً كتبع لهذه القوى الإقليمية التي تخدمها تلك المحطات الفضائية.
jaser@al-jazirah.com.sa