قامت الدولة قديماً وتقوم حديثاً بابتعاث عدد كبير من المعيدين والمحاضرين في مختلف التخصصات في الجامعات السعودية للدراسة في جامعات الدول المتقدمة واكتساب مهارات البحث العلمي؛ من أجل العودة للعمل في أقسامهم العلمية تدريساً وبحثاً وخدمةً للمجتمع. إن أعضاء..
..هيئة التدريس في الجامعات يؤدون دوراً مهماً وفاعلاً في تحقيق رسالة الجامعة في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع؛ ومن هذا المنطلق فإن عليهم واجباً كبيراً ومسؤوليةً مضاعفةً في تحقيق وأداء هذه المهام الكبيرة. وإذا كان أعضاء هيئة التدريس في الجامعات يقومون بأداء المحاضرات وتقديم الأبحاث العلمية في تخصصاتهم، فإنهم كذلك لا بد أن يشاركوا في الأعمال التطوعية لخدمة المجتمع من خلال القنوات الكثيرة المتمثلة بالجمعيات العلمية ولجان التنمية وغيرها. إن أعضاء هيئة التدريس - وهم من أهم الكوادر التي تفتخر بها الدول قاطبة - لا بد أن يقدموا كذلك ما يدفع طلابهم ويقنع غيرهم بهذه المهمات؛ لأنهم يعدون القدوة في المجتمع مع غيرهم من أبناء الوطن الغالي في مختلف المهن والوظائف.
ولقد سعت كثير من القطاعات الحكومية والخاصة إلى الاستعانة بخبرات عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس من خلال العمل كمستشارين غير متفرغين أو مستشارين متفرغين ؛ حيث أسهم كثير منهم من خلال تخصصاتهم المتنوعة في رسم الخطط والاستراتيجيات وتقديم الرؤى والأفكار المستقبلية التي من شأنها أن تدفع بعجلة التقدم التي تسعى إليها جميع القطاعات في بلدنا الغالية، ولا بد هنا أن أقول: إن العمل والتدريس أمانة كبيرة ؛ مما يحتم على هؤلاء الاهتمام بالطلاب والطالبات مع أداء العمل الاستشاري حتى لا يتضرر الطلاب والطالبات نتيجةً لانشغال أساتذتهم.
وقد سعدت مؤخراً بحضور حفل مستشاري معهد الأمير نايف للبحوث والخدمات الاستشارية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برعاية معالي مديرها الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبالخيل الذي أكد على أن واجب أعضاء هيئة التدريس واجب كبير وعظيم، وأوضح أن الجامعة لن تقف في طريق تقديم الخدمات الاستشارية للجهات الحكومية والخاصة من خلال تعاون أعضاء هيئة التدريس في مختلف التخصصات مع تلك القطاعات.
وهنا أقول: إن ما طرحه معالي مدير جامعة الإمام يعكس سعة الأفق والنظرة الشمولية التي تقول: إن العمل في أي موقع وفي أي مدينة يعود لصالح هذا الوطن الكبير وأبنائه؛ مما يستوجب أن تكون نظرة المسؤول واسعة وشاملة متعدية حدود القطاع نفسه، وبعيداً عن مقولة (صرفت عليه الجامعة وتركها)، مما يجعلنا نتساءل: إلى أين ترك الجامعة ؟ وعلى الرغم من قناعتي التامة بأن خدمة أعضاء هيئة التدريس في أي موقع ستكون مفيدةً لكياننا الكبير المملكة العربية السعودية، إلا إنني أؤكد على أن هؤلاء الأعضاء يجب أن يكونوا أوفياء مع جامعاتهم وأقسامهم العلمية وأن يشاركوا بفاعلية في التدريس والبحث العلمي والإشراف على طلاب وطالبات الماجستير والدكتوراه حتى وإن كانوا مرتبطين باستشارات مع جهات أخرى؛ لأن ترك هؤلاء الطلاب والطالبات وهم بحاجة إلى مساعدة وتقويم وإشراف ليس صحيحاً.
وأخيراً فإن أعضاء هيئة التدريس ليسوا ملائكةً ولا منزهين عن النقص، لكنهم يبقون قدوات للأجيال القادمة في البذل والعطاء وخدمة المجتمع والعمل التطوعي.
alelayan@yahoo.com