الإنسان السوي لا يهدر كرامته وقيمته الإنسانية عند نفسه ووسطه الاجتماعي، وهذه هي القاعدة وما خالفها فهو استثناء قد يكون الداعي له ظروف غامضة تبقى جرحاً نفسياً لا يندمل ويستمر مدى العمر يعصر صاحبه ألماً وكمداً يتصاعد وينمو في جوانح المكلوم أو المظلوم يعيش معه يقلق منامه ويكدر صفوه، يربك مشاعره بين فينة وأخرى، يتذكره في موقف فيعشي بصره حين يستعيد أحداث الألم، لاسيما إن كان في مرحلة عمرية كالطفولة، وما آلم الموقف الظالم حين يكون هذا الصغير يتيماً يظن أن لا ناصر له إلا والديه، وما أعتى الآلام حين تكون المظلمة وكسر نفس اليتيم أمام أقران له في مدرسة ونحوها، كما حصل لطفل يتيم منذ عقود في حائل على يد معلم لم يقدّر ما تكنه مشاعر هذا المغلوب على أمره وهو يكرر كل صباح الإهانات وعبارات التحقير أمام زملائه طلاب الفصل الابتدائي، ونشرت (الحياة) يوم الأحد 15 شوال قصة انفجار غضبه وعنف انتقامه من معلمه مؤخراً حين التقى به صدفة في حفل عرس رغم أن المعلم قد تجاوز الخمسين من عمره.. وسمعت قصصاً متنوعة على لسان أناس عانوا من مثل ما وجد هذا اليتيم في صغره وعبروا بأن شيئاً في أنفسهم كطعنات الخناجر لا تزال تنتابهم وعجزوا عن نسيانها بسبب إهانات وصفعات تلقوها من معلمين أو أقارب كانوا مظلومين فيها، وقد يكون المتسبب مخطئاً في ظنه آنذاك.. لكن الآلام لا تخطئ، ورحم الله كل من رحم صغيراً وعطف عليه وقَوّم خطأه بإحسان.