Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/10/2009 G Issue 13522
الثلاثاء 17 شوال 1430   العدد  13522
الجزء الثاني والأخير
بعض من مسيرة النسابة والأديب عبدالعزيز الفيصل:
هؤلاء عالة على أصحاب الصوالين !

 

حوار - تركي الماضي

حديث شائق اكتنفه الوضوح، وعمَّته الصراحة؛ فلم يتحرَّج فارس التاريخ والأدب من الإجابة عن أيٍّ من الأسئلة الموجَّهة إليه، فألقى الضوء على أبرز محطات حياته الأولى؛ بداية من العودة فالرياض وانتهاءً بالقاهرة، عندما حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الأزهر عام 1398هـ.. وطال حديثه الحديث عن أبرز مَن زامله من العلماء والأساتذة خلال تلك الفترة، وكذلك مسيرته العلمية المضيئة التي تمثلها مؤلفاته وبحوثه النظرية والعملية، فهو أول عميد للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.. وكذلك عن رؤيته لمستقبل الدراسات العليا في المملكة العربية السعودية وعن مشروعه في جمع شعر القبائل العربية وتحقيقه.. زاهدٌ في الإعلام، قليل الظهور، فظلَّ هاجس العلم هو شغله الشاغل؛ إذْ يمكث في مكتبته الخاصة ما يزيد على سبع ساعات يومياً... كل هذا وغيره تناولته (مسيرة) يوم الثلاثاء الماضي في الجزء الأول من هذا الحوار.. واليوم تلقي (مسيرة) الضوء على نقاط عديدة عن مسيرته خلال الجزء الثاني والأخير من لقائها مع الأديب والمؤرخ والنسَّابة، الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن محمد الفيصل..

فإلى نص الحوار:

* أثبتت الصوالين الأدبية الخاصة نجاحها على الصعيدين الثقافي والجماهيري فما سبب ذلك؟

- الصوالين الأدبية رافد قوي للثقافة في المملكة العربية السعودية، وقد تتقدم على الأندية الأدبية، وإن كانت الصوالين والأندية والجنادرية وعكاظ تهدف إلى رفع المستوى المعرفي لدى المواطن السعودي والمقيم على أرض المملكة العربية السعودية إلا أن الأندية الأدبية والجنادرية وعكاظ تكون دعواتها عامة في الغالب باستثناء ضيوف الجنادرية أو بعض الدعوات الخاصة لعكاظ، أما الصوالين الأدبية فهي لأشخاص لهم أهدافهم الخاصة فيجتهد صاحب الصالون في دعوة من يرى أنهم يشرفون صالونه ولهم مكانة اجتماعية فيتصل بهم بالهاتف ويتابع الدعوة ويحرص عليها، فالصالون يجمع بين الوجاهة الاجتماعية والثقافة وقصاده غير قصاد النوادي الأدبية وهم أنواع وأنماط.

المدعوون وهم من أصحاب الثقافة أو الخبرة الاجتماعية أو من أهل الخبرة الإدارية والعسكرية، فهؤلاء يجمعون بين أمرين أنهم أهل للدعوة بحكم ثقافتهم العلمية أو الأدبية أو خبرتهم الإدارية أو العسكرية، الأمر الثاني أنهم يشرفون الصالون وصاحبه ولذلك فصاحب الصالون يحرص على هذا النمط من المدعوين.

الذين ينشدون العلاقات الاجتماعية عند علية القوم ومنهم أصحاب الصالونات الأدبية، وأكثر هؤلاء من المقيمين من غير السعوديين، فهم يقصدون الصالونات الأدبية من أجل توثيق العلاقة مع صاحب الصالون وليس من أجل الثقافة وهم يحرصون في الوقت نفسه على إظهار ثقافتهم، ولا ننكر مشاركاتهم الأدبية والعلمية وإن لم تكن هدفا فيستفيد الحضور من هذه المشاركات لأن الأحاديث تتفرع فينتج منها فوائد لا تنكر.

وهناك نمط ثالث من الحضور وهم من المبتدئين في الثقافة فهم ينشدونها في أي موضع من طلاب الدراسات العليا أو من متقاعدين أو من هواة الثقافة، وهؤلاء عالة على صاحب الصالون لأنه لم يفتح صالونه لهؤلاء فمكان هؤلاء النوادي الأدبية ولكنهم يظنون أن هذه الصالونات فتحت لهم وأمثالهم، ومن هؤلاء من يثري النقاش في الصالون ويجلب الفائدة للحضور مع ما يكتسبه هو من الاستماع إلى المحاضرة أو الحديث أو النقاش في الموضوعات المطروحة، ولا ننكر أن هذه الأنماط الثلاثة تكون ثقافة ولكن هذه الثقافة غير متطورة فالذي نلحظه عدم تطور ثقافة الصالونات الأدبية أو نزوع بعضها إلى ثقافة معينة دينية أو أدبية أو علمية، فنحن في الرياض منذ صالون خالد الفيصل عندما كان رئيسا لرعاية الشباب قبل ما يقرب من خمسين عاما لم نلحظ تطورا أو نزوعا إلى نمط معين من الثقافة فالنجاح الذي حققته الصوالين الأدبية هو نجاح الاستمرارية وليس نجاح التقدم إلى الأمام أو تحصيل معطى ثقافي معين.

* أصدرتم معجم (من غريب الألفاظ المستعمل في قلب جزيرة العرب) ومعجم (عودة سدير)، كيف بدأت فكرة تأليفهما لديكم وهل هذان المؤلفان بذرة أو نواة لإصدار معاجم جديدة؟

- بدأت فكرة تأليف كتاب (من غريب الألفاظ المستعمل في قلب جزيرة العرب) بسبب الابتعاد عن النطق بالكلمات القديمة وهي عربية وكثرة استعمال الكلمات الجديدة مع انحرافها عن عربيتها، فكلمة (ماء) عربية فصيحة ووردت في القرآن وكانت تستعمل في قلب جزيرة العرب (نجد) قبل خمسين عاما ولا ينطق غيرها فزاحمتها كلمة (موية) وأزاحتها عن أفواه الناس، ثم إنني لحظت حيرة المحررين في الصحف والمجلات والمصالح الحكومية في بعض الكلمات مما يضطر المحرر إلى وضع الكلمة بين قوسين على أن الكلمة عامية وهي عربية، لما رأيت قلة استعمال الكلمات القديمة، وأن المتحدث يتهرب منها إلى غيرها من الألفاظ، وأن كل سنة تمر يهمل منها عدد كبير عزمت على جمع ما يمكن جمعه، ولما توافر لدي ما رأيت فيه الفائدة أخذت أفتش عن الشواهد من كلام العرب الأوائل في الجاهلية وصدر الإسلام إلى نهاية زمن الاستشهاد المعروف أي في نصف القرن الثاني الهجري تقريبا، وقد وثقت كل كلمة أوردتها بشاهد، وهذا ليس بالأمر اليسير، وقد أضطر إلى أن أسوق عبارة من كتب اللغة المعتمدة للدلالة على صحة عربية الكلمة. وحاجة المجتمع إلى هذا المعجم يحس بها كل مشتغل في التحرير في صحيفة أو مصلحة حكومية وكل طالب يصنع موضوعا إنشائيا وكل معلم وأستاذ وموجه تعرض له كلمة يشك في عربيتها، فهذا المعجم لم أثبت فيه إلا الكلمات العربية الفصيحة، فإذا شك المشتغل في التحرير أو التعليم في صحة عربية الكلمة يفتح المعجم ويطرد الشك باليقين. إن وضع معجم للألفاظ التي قل استعمالها يساعد على ذيوعها من جديد وذلك إثراء للغة العربية، وكلما كثرت مفردات اللغة المستعملة سهل استعمالها في الإنشاء والمحاضرة والترجمة من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية لأن كثرة المفردات تتيح للمعاني المترجمة أن تستوعب بسهولة، وهذا المعجم يدعم المتحدث بتلك الكلمات فيعتز بلغته ويجرؤ على استعمالها فيعود انتشارها في مجتمع الشباب والنشء ومن ثم يعود إليها شبابها.

أما فكرة تأليف كتاب (معجم عودة سدير) فقد كانت بسبب الهجرة غير المسبوقة من القديم إلى الحديث، فقد هجرت بيوت الطين، وقل الاهتمام بالنخيل والمزارع القديمة، واتجه الشباب إلى الوظائف الحكومية، وهجرت الحرف القديمة، من رعي الماشية وزراعة البعول والخروج إلى البر لجمع الحشيش والحطب، بالإضافة إلى تغير وسيلة النقل، فالسيارات استحدث لها طرق وهجرت الطرق القديمة، هذه المتغيرات دعتني إلى تأليف معجم عودة سدير فهو إن شاء الله سيحفظ تلك الأماكن المهجورة ويعرف بها ويقربها إلى الشباب، مع الاحتفاظ بأسمائها لأجيال المستقبل، فجل الأسماء الواردة في المعجم مثبتة في وثائق تحتفظ بها الأسر، ثم إن معجم عودة سدير يلقي الضوء على علاقة العودة ببلدان نجد وبالأسر التي استوطنت العودة ثم رحلت عنها وبقيت أملاك تلك الأسر تحمل أسماءها إلى اليوم، فمن حيث علاقة العودة بالبلدان المجاورة نجد في العودة مدينة غيلان وفي أشيقر صندوق غيلان، ومن حيث هجرة الأسر من العودة نجد المعجم يحوي أسرا كثيرة غادرت العودة وبقيت أسماؤها في أملاكها القديمة، منها: آل بُرَيْه، وآل بِشْر، و آل بَكْر، وآل بلال، وآل الثُّمَيْري، وآل جُمْهُور، وآل حَمَد، وآل الحُمَيْدِي، وآل الحُمَيْضيِ، وآل خُرَيِّف، وآل الزُّغَيْري، وآل سَالِم، وآل سِنَان، وآل عَجْمي، وآل عُجَيمي، وآل العَلْقمي، وآل عُلَيْوي، وآل عَوَّاد، وآل عُوَيمر، وآل فَضْل، وآل مُحَيْشر، وآل فارس.

هذه فكرة تأليف هذين المعجمين، أما المعاجم الجديدة فهي مرهونة بالزمن والحاجة إليها فإذا رأيت ما يدعو إلى تأليف معجم جديد فلن أتراخى في تأليفه إن شاء الله.

* نلاحظ في وصفكم الدقيق للأماكن والمواقع الأثرية التي تؤكدون وقوفكم عليها كطعس ذي الرمة وقبر عنترة بن شداد العبسي وقبر كليب بن ربيعة.. حدثنا عن توظيف هواية الرحلات البرية في خدمة الأدب والتاريخ؟

- نحن أبناء الجزيرة العربية نشأنا فيها وعرفنا جبلها وسهلها فإذا قرأنا الأخبار والشعر في كتب التراث المختلفة استوعبناها بسهولة فعلى أرض الجزيرة العربية دارت معارك خزاز بين عرب الشمال وعرب الجنوب بالقرب من جبل خزاز المطل على بلدة دخنة ودارت معارك حرب البسوس بين بكر وتغلب في الذنائب ووادرات وعنيزة وما حول هذه الأماكن بل إن معارك هذه الحرب كان مسرحها ما بين جبل النير وجبل خزاز من الجنوب إلى الشمال وفي سفوح جبل النير الشرقية قبر كليب، ودارت معارك حرب داحس والغبراء في الشربة وبالقرب من جبل قطن (بالقرب من عقلة الصقور) وقبر عنترة في الشمال الشرقي من بلاد عبس، والعرب في الجاهلية تعظم زعماءها بعد موتهم فعندما توفي عامر بن الطفيل زعيم بني كلاب من بني عامر في الشمال الغربي من بلاد بني كلاب وضعت له بنو كلاب قبرا بمساحة ميل في ميل لا يقطع شجره ولا يقتل صيده ولا تنتهك حرمته، وقد وقفت على مسارح المعارك وأماكن الشعراء ومنها جبل خزاز الذي أوقدت في أعلاه النار لتهتدي جموع مَعَدّ إليه وقد أمر بذلك السفاح التغلبي يأمر كليب بن ربيعة زعيم معد، أقول وقفت على هذا الجبل وصعدت إلى أعلاه لعلي أجد أثرا لنار معد وعندما وصلت إلى أعلى الجبل وجدت صخرة تتربع أعلى الجبل بمساحة خمسين مترا في مثلها وبارتفاع عشرة أمتار فلم أستطع صعود هذه الصخرة، فنظرت من أعلى الجبل إلى كبد نجد فإذا بي أشاهد بالمكبر ما يبعد عن الجبل بستين كيلا حتى إنني أرى مدينة الرس وأنا في رأس الجبل، وعندما شاهدت تلك الأماكن من رأس الجبل أدركت حكمة السفاح التغلبي في إيقاد النار، ومن ثمرة الوقوف على أماكن الشعراء استثمارها في عملي في الكتابين اللذين ألفتهما وهما (المعلقات العشر) بشرح كاتب هذه السطور، و(شعراء المعلقات العشر) ومما قلته في مقدمة (المعلقات العشر: فإذا كان البيت يشتمل على أسماء أماكن فإنني أعرف بها وأحددها، ولا أقول عن الكلمة (اسم موضع) كما يفعل الشراح الآخرون، فشروح المعلقات التي بين أيدينا من عمل علماء عاشوا خارج الجزيرة العربية، أما هذا الشرح فهو من عمل مقيم في نجد، وقد نشأ فيها وعاش في أكنافها، وزار جل الأماكن التي وردت في أبيات المعلقات، ومع المعرفة الشخصية فإنني أشير إلى المصادر والمراجع التي حددت الأماكن فهذا الشرح أول شرح يضيف التحديد الدقيق للأماكن الواردة في المعلقات مما يسهل للقارئ فهم البيت، فتحديد الأماكن والتعريف بها، ومعرفة مساكن القبائل في الجزيرة العربية من لوازم المعرفة لشرح الأبيات فقول عمرو بن كلثوم:

يَكُونُ ثِقَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْدٍ

وَلُهْوَتُهَا قُضَاعَةُ أَجْمَعِينَا

يلزم لشرحه معرفة شرقي نجد ومساكن قبيلة قضاعة. وقد استثمرت معرفتي بأماكن الشعراء في الكتاب الثاني مما سهل علي دراسة حياة الشاعر وتحديد بلاده التي نشأ فيها وتأثر ببيئتها ومعرفة مكان قبره.

وأقول إن بلادنا قليلة الموارد فالنفط لن يدوم فإذا استثمرت الأماكن في السياحة فستكون المملكة في صف اليونان ومصر وإسبانيا وسيعيش على السياحة عدد كبير من سكان المملكة، وقد شاهدنا استثمار السياحة الصيفية في عسير وكيف حسنت دخول الأسر العسيرية في خلال سنوات قليلة.

* في الفترة الأخيرة كثر التأليف عن الأنساب من قبل الباحثين الشباب ومن قبل باحثين جدد ليس لديهم الخبرة في هذا الميدان، فما دور الجهات المسؤولة في كبح جماح هذا الأمر؟

- لو رجعنا إلى إدارة المطبوعات العربية في وزارة الثقافة والإعلام لوجدنا المطبوعات تزداد من سنة إلى أخرى من كتب القصة والرواية والدواوين الشعرية والرسائل الجامعية، وكتب الأنساب من ضمن الكتب التي تخدم المجتمع ويُهتَم بها، فليست كتب الأنساب أكثر من غيرها ولكن كتب الأنساب تمس حياة كثير من الناس فيحصل فيها اختلاف وقد يمتد هذا الخلاف إلى دوائر الأمن والمحاكم، ومن هنا اهتمت بهذا الأمر جهات حسم الخصومات، وهم محقون في ذلك حتى لا يتصدى للتأليف في الأنساب إلا من هو مؤهل لذلك.

* مثلتم جامعة الإمام في ندوة عن تعليم اللغة العربية بالمغرب، حدثنا عنها؟

- تحرص جامعة الإمام على حضور الندوات والمؤتمرات التي تثري المعرفة، وقد عقدت في المغرب ندوة عن تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها فندبت لها أنا والشيخ ناصر الطريم عميد كلية اللغة العربية في حينها، وكانت الجلسات صباحية ومسائية وجدول الأعمال يملأ الوقت، وكان الحضور من مختلف الجامعات العربية، وقد انضم إلى وفد جامعة الإمام زميل عزيز يمثل الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وكنا الثلاثة لم نغير هيئتنا من الثوب والشماغ والبشت، فإذا شُرِعَ في الجلسة تحدث بعضهم بالألمانية وبعضهم بالفرنسية وبعضهم بالإنجليزية لتوضيح بعض المسائل، أما نحن الثلاثة فلا نتكلم إلا باللغة العربية وقد حصل بيننا وبين الدكتور صابر من جامعة القاهرة خلاف في مسألة وكان يورد جملا بالإنجليزية لتوضيح ما يقول واحتدم النقاش في المسالة، فرمانا صابر بالجهل باللغات في غضب فما كان من زميلنا (فابيا عبدالرحيم) ممثل الجامعة الإسلامية إلا الانطلاق في الكلام باللغة الإنجليزية فاندهش صابر ولم يستطع متابعة عبدالرحيم وتبين له أنه أخفق أمام الحضور فخرج من تلك الجلسة. وقد انتهت الندوة وخرجت بنتائج طيبة أفاد منها معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها التابع لجامعة الإمام.

* (المعلقات العشر) و(شعراء المعلقات).. كم استغرق تأليفهما منكم وكيف استخلصتم جميع الشروحات وسددتم ثغراتها؟

- أمضيت أربع سنوات في تأليف كتابَي (المعلقات العشر) و(شعراء المعلقات) وقد بدأت في شرح المعلقات وأنا أعرف أنها شرحت من قبل لكنني أحس أن الأعمال الخالدة مثل المعلقات تحتاج إلى خدمة متجددة، ومن هذا المنطلق أحسست بواجبي تجاه خدمة شعرنا القديم وشعرائنا القدامى، بالإضافة إلى الرغبة التي أبداها كثير من طلبة العلم، فاتجاهي إلى خدمة هذه المعلقات منطلق من واجبي نحو تراثنا الشعري، ثم من أجل طالب العلم في أي مكان، فمن يقرأ العربية له حق علي وعلى غير من أساتذة الجامعات، فعملي في هذا الشرح خدمة للعربية وقرائها. والإضافة في هذا الشرح هي تحديد المواضع الواردة في المعلقات، وشرح الألفاظ وشرح البيت شرحا لا يطول فيضيع معنى البيت ولا يقصر فيخل بمعنى البيت، ونحن نعرف أن الشروح القديمة تطيل عند تناول المسائل النحوية، فالقارئ ينتظر الحصول على المعنى فيضيع منه، ففي نظري أنني استطعت سد الثغرات في الشروح القديمة وأفدت القارئ.

* كم تحوي مكتبتكم من الكتب.. وكم تمكثون فيها يوميا وماذا عن المخطوطات؟

- تبلغ الكتب الموجودة في مكتبتي أربعة آلاف كتاب وهي تزداد ولله الحمد في كل شهر بما يهدى إلي من الكتب وبالكتب التي أحتاج إليها فأشتريها، فالإصدارات في عالمنا العربي متتابعة وطالب العلم نهم يطلب المعرفة ما دام موجودا على أديم الأرض، ومكثي في مكتبتي يختلف من زمن لآخر، ففي أيام العطلات أمكث في مكتبتي ثماني ساعات يوميًّا وأما أيام العمل فأمكث فيها أربع ساعات، وأما المخطوطات الموجودة في المكتبة فهي: التعليقات والنوادر لأبي علي الهجري (النسخة الهندية) والتعليقات والنوادر لأبي علي الهجري (النسخة المصرية) وديوان (ابن بختيار) و(منتهى الطلب من أشعار العرب) لابن المبارك، و(الإسعاف في شرح شواهد القاضي والكشاف) لخضر بن عطاء الموصلي، ولدي مخطوطات تتعلق بتاريخ البلدان والأسر وهي مخطوطات قصيرة.

* ما جديدكم؟

- أشتغل الآن في كتابين؛ الأول سأنتهي منه إن شاء الله في خلال سنة وهو (مصادر الأدب عند ابن خلدون) والثاني بدأت فيه منذ سنوات وكلما شرعت في الكتابة جَدَّ ما يصرف عن العمل فيه وهو (مناهج تحليل النص الأدبي) ولا أعلم متى أنجز هذا الكتاب؛ لأنني أشتغل فيه إذا توافر شيء من الوقت، ولعل إنجازه إن شاء الله يكون في خلال ثلاث سنوات.

* هل فكرت يا دكتور في كتابة سيرتك الأكاديمية.. خاصة أن كثيرا من الأساتذة قد تتلمذوا على يديك؟

- السيرة الذاتية ليست ترجمة مطولة وإنما هي نمط أدبي يظهر فيه السرد والخيال والإمتاع ورسم الصورة، فهي وإن كانت تحكي واقعا إلا أنها تمزج الواقع بالخيال من أجل إمتاع القارئ، وحتى تصنف في الأنماط الأدبية لا بد لها من تلك الصفة، وقد يطلق على بعض الروايات سيرة ذاتية إذا التصقت الرواية بحياة كاتبها وعبّرت عن مراحل حياته، وهذا يدل على تقارب الرواية والسيرة الذاتية في السرد والإمتاع، وإذا أردنا أن ندخل السيرة في إطار الفن فلا بد من توافر الإبداع في جميع أجزائها، أما إذا كتب مؤلف ترجمته الذاتية المطولة أو كتب مذكرات عن حياته ووسم الكتاب بعنوان (سيرة ذاتية) فإننا نقول له كتبت ترجمة أو كتبت مذكرات ولم تكتب سيرة ذاتية، فمن عرف حدود السيرة الذاتية فإنه يقدم رِجلا ويؤخر أخرى فيما لو رغب في كتابة سيرته الذاتية، وأنا ممن عرفوا حدود السيرة الذاتية؛ ولذلك فإنني أفكر طويلا قبل الإقدام على هذا العمل، فإذا رأيت أن هذا العمل سيدخل في إطار الفن ويصنف في الأدب فإنني سأقدم عليه، أما إذا رأيت أنه يدخل في باب المذكرات والترجمة الذاتية فإنني سأحجم عنه وأرجئه.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد