يقول علماء النفس أن للناجحين خصائص تتحدد من منطلقات عدة، أهم تلك المحددات هي المحددات البيئية والاجتماعية وكذلك المحددات الوراثية، وتلعب تلك المحددات مجتمعة دوراً بارزاً في تكوين وتحديد ملامح شخصية الناجحين، فللمعطيات البيئية التي يعيشها الإنسان دوراً لا تهمله تلك الدراسات من خلال أثر البيئة على تكوين الشخصية، وتلعب البيئة دوراً فاعلاً من خلال أثرها على نجاح الأشخاص من فشلهم، فالبيئة المتفائلة في الأسرة والبيئة المستقرة في العمل وكذلك المحيطين بشخص ما هي من الأهمية بمكان لتكوين ملامح تلك الشخصية إن نجاحاً أو فشلاً، فبيئة شخص يعيش في كندا على سبيل المثال هي بيئة تختلف عن شخص يعيش في أحد الدول الإفريقية الفقيرة وعادة ليس للإنسان دوراً في تغيير تلك العوامل أو المحددات لأنها من المحددات التي لا يستطيع شخص ما تغييرها أو تعديلها لأنها خارج دائرة السيطرة، أما المحدد الاجتماعي فيلعب دوراً هو الآخر بارزاً ومؤثراً من خلال الأشخاص المحيطين بشخص ما، فإن كانت تلك البيئة الاجتماعية التي تضم الأقارب والأهل وتحوي الأشخاص الناجحين والمبرّزين كالإخوان والأعمام والأصدقاء فإن تلك البيئة تلعب دوراً لا يستهان به في تشكيل الشخصية وتأطيرها، فالشخص الذي تكون الدوائر الاجتماعية التي حوله هي من الدوائر الناجحة والإيجابية كأن يكون الأقرباء والأصدقاء كلهم أو معظمهم من الأشخاص الناجحين فنجد فيهم الوزير ورجل الأعمال والطبيب والمهندس فهذا يُحدث بالضرورة أثراً لا يمكن تجاهله أو إغفاله، وللدور الوراثي أثراً جلياً وواضحاً في تكوين الشخصية وتشكيلها ورسم خط حياتها فالأشخاص الذين يحملون الجينات المتفائلة والإيجابية والمتطلعة هم حتماً أولئك الأشخاص الذين سينقلون تلك الخصائص والجينات إلى أبنائهم وبناتهم ليحملوا أولئك بالتبعية تلك الجينات الجاذبة للنجاح والملامسة له، وتقول دراسة أجريت في أمريكا من حوالي سنتين على مائة رجل أعمال أمريكي أن أهم القواسم المشتركة التي تجمع بين أولئك الناجحين من رجال الأعمال هي (التعليم والاطلاع، قراءة كتاب كل أسبوع، مصاحبة الناجحين، السفر المنظم والإيجابي، الاطلاع على الأحداث الدائرة في المجتمع من خلال الصحف والإنترنت، تطوير الذات من خلال الدورات التدريبية، المثابرة والاجتهاد والإخلاص، الجرأة المحسوبة) وأضيف أنا هنا إلى أهم عوامل معطيات النجاح وهو الاتكال على الله، والصدق والأمانة والعمل الخيري، والتواصل مع الأهل والأقرباء، واختيار المعاونين كما أنني أود هنا أن أشير إلى أن للزوجة الأثر الكبير في تغيير وتطوير ونجاح كل رجل على سطح هذه الكرة الأرضية، فالمرأة التي تريد أن تُنجح زوجها وتملك المقومات والعوامل المؤثرة لهذا النجاح سوف بالقطع تعطي هذا الرجل النجاح والتفوق، ومن أهم تلك العوامل وأبرزها في رأي هي الدعم المعنوي في السراء والضراء، فان حقق نجاحا دعمته ودفعته وأثنت على ما قام به، وإن أصيب بإخفاق فعليها التهوين عليه والدعاء له والتخفيف من المصيبة وفتح باب الأمل والرجاء أمام عينيه، فإني أعرف أشخاصا كثر من أصدقائي نجحوا أيما نجاح بعد توفيق الله بدعم زوجاتهم ومؤازرتهن لرجالهم، اعرف شخصا تزوج من امرأة وذكرت ذلك بأكثر من مقام وكان هذا الرجل يحمل شهادة المتوسطة ويعمل معقبا في إحدى الشركات، فدعمته وبدأ يدرس في المساء المرحلة الثانوية وأتمها، ودخل جامعة الملك عبد العزيز انتساب فتخرج منها، وحضّر الماجستير والدكتوراه وهو الآن يتبوأ منصبا رائعا في القطاع الخاص، هكذا يعمل الدعم بل إنه يعمل عمل السحر والكيمياء التي تجعل من الإنسان شخصية أخرى بمقومات سحرية ومتطلعة، يقول لي أحد رجال الأعمال إنه كان يعمل في العلاقات الحكومية لإحدى الشركات الكبرى وإنه عرف أسرار العمل واستوعبها وكوّن علاقات جميلة مع العملاء، وبعد 7 سنوات عمل استأذن من صاحب الشركة ليعمل نفس العمل أو قريب منه فما كان من صاحب الشركة - وهذا أمر يشكر عليه- إلا أن دعمه ودعا له فخرج صاحبنا ليكوّن عملا صغيرا بدأ بخطوات محسوبة يقول لي قامت على الصدق والمثابرة والجد والاجتهاد، والخطوات المحسوبة والرؤية الواضحة لهدف هذا العمل فبدأ العمل يكبر شيئا فشيء إلى أن تجاوز صاحبنا صاحب تلك الشركة التي كان يعمل لديهم بخمسة آلاف ريال وهو الآن من رجال الأعمال الذين يشار لهم بالبنان، وما أكثر القصص والحكايات حول ذلك، فلدينا شواهد كثيرة عَمَلت مع رجال أعمال (كصبي) ومن ثم تجاوزوا من كانوا يعملون معهم بمراحل ومن أشهرهم محمد إبراهيم السبيعي، وعبد الرحمن الجريسي، وغيرهم كثير، للنجاح أيها السادة في تقديري خطوات يجب على الجميع إتباعها دون تحديد ماهية هذا النجاح أنا هنا أتكلم عن النجاح بمفهومه الشامل فأول تلك الخطوات هي يجب أن تكون الرؤية واضحة وجلية، أن يتابع تحقيق هذه الرؤية من خلال خطوات مجزئة على أوقات محددة لتعطي في النهاية نتيجة نهائية لتحقيق الهدف، المثابرة والاجتهاد والإخلاص في النية، أخذ العبر والدروس من تجارب الآخرين، اختيار المعاونين، المرونة في الوصول إلى الأهداف، عدم استعجال النتائج، المحاولة أثر المحاولة وعدم اليأس، كل هذه العوامل وغيرها كثر تحقق بإذن الله وتوفيقه النجاح والتألق، سألت أحد كبار السن في هذا الشأن وهو رجل حكيم ولكنه غير متعلم، فقال لي النجاح هو أن ترضي عن نفسك ويرضى عنك الله والآخرون فابتسمت وقبلت رأسه، وسألت أحد رجال الأعمال عن النجاح فقال هو تحقيق رغبات كامنة ترى أثرها في عيون الآخرين، وسألت صديق لي أكاديمي فقلت له ما هو النجاح قال هو العيش بكرامة وعدم الحاجة إلى الناس، وسألت رجل بسيط عن النجاح قال أن تخرج من الدنيا كفافا، وسألت أحد الذين تبوأ منصباً عالياً عن النجاح قال هو عملية مستمرة لا تتوقف حتى تتوقف أنفاس الإنسان، اللهم اجعلنا ممن ترضى عنهم وتتقبلهم قبولا حسنا.
كاتب سعودي
Kmkfax2197005@hotmail.com