Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/10/2009 G Issue 13522
الثلاثاء 17 شوال 1430   العدد  13522

سرقة (الباريزة)!
د. محمد أبو حمرا

 

هناك (أنابيب مشاريع) مواسير مياه واسعة الحجم، تمر عبر هجر (جمع هجرة) وهي تحمل الماء إلى مدن تقع بعد الهجر، ولكن تلك المواسير تخترق الهجر، ويسمع أهلها خرير الماء العذب والمكرر والصالح للشرب، وهم لا ينالون منه شيئاً، لأن دورهم في التزويد به لم يحن بعد،

وذلك حسب الحاجة والأهمية وتقرر الميزانية لذلك، وغيره من إجراءات المناقضات والعمليات الحسابية والمالية التي قد تطول، لذا فهم ينتظرون سنوات وسنوات، ولا يزالون يشترون الماء عن طريق الصهاريج، والتي قد يرتفع سعرها إلى أسعار خيالية في مثل مواسم الأعياد أو العطلات المدرسية أو حمّارة الصيف الشديد.

وبعضهم يردد قول الشاعر القديم:

كالعيس في الصحراء يقتلها الظمأ

والماء فوق ظهورها محمول

فهم ينظرون إلى مواسير الماء الضخمة تمر أمام بيوتهم، ويتخيلون تفرعها إلى منازلهم فيما بعد، ولكنهم لا يستطيعون أخذ نقطة منها، إلا بعد أن توزع الشبكة على الهجرة كلها بعضهم يتحسس متى يقف ضخ الماء عبر تلك المواسير (أنابيب ضخمة جداً)، لأن الماء يوقف في ساعات معينة للصيانة أو لتوجيهه إلى جهة أخرى، فيقوم ليلاً وعلى حين غرة من المسؤولين والناس بخرق الأنابيب الضخمة ويقوم بتركيب ما يسمى (باريزة) وهي محبس يحيط بالأنبوب الضخم مما يسمح بأن يتفرع منه مخرج للماء، ثم يقومون بخرق الأنبوب بما يتيسر لهم من أداة حادة أو أكسجين حارق، ويوصلون أنبوباً إلى بيوتهم من تحت الأرض، فيشربون ماءً سائغاً لذيذاً للشاربين مثل غيرهم، ويصبحون وكأن شيئاً لم يحصل!!

وهم بذلك يسلمون من شراء صهريج الماء أو من انتظاره متى يأتي خصوصاً أن بعض متعهدي توزيع المياه في القرى والهجر لا يوفون الكيل لما تم التعاقد عليه، بحيث تقيس الوزارة كم حاجة تلك القرية أو الهجرة فيقننون لهم عشرين ردا أو ثلاثين بالشهر، لكن (بعض) المقاولين يرضي كبراء القرية ويغدق عليهم الماء، ويحبس النصف أو أكثر مما يوفر عليه أشياء كثيرة يعدها مكسباً، كاستهلاك الديزل وتوفير حركة الصهريج أو استغلال الصهريج في توريد الماء لمكان آخر بسعر السوق، وهو تصرف غير جيد!! مثل هذا العمل من الناحية الأخلاقية غير جيد، أعني سرقة الماء بوساطة الباريزة، ومن ناحية قانونية يعاقب عليه، لأنه تعدٍ على ممتلكات الوطن، حتى وإن غض المتعهد أو شركة الرقابة أو الصيانة النظر، وذلك تفسيراً منهم وتقديراً لحاجة الناس، لكن من الناحية الشرعية لا أدري، ولعلنا ندري أن من يتوضأ بماء مسروق أو مغصوب فإن وضوءه غير مجدٍ للصلاة في المكان المغتصب أو المسروق.

فهل حالة هؤلاء المحتاجين إلى الماء النقي ينطبق عليها تلك الحالات أم أن في المسألة نظراً ولهم مخرج شرعي يعطيهم الحق في شرب الماء النقي؟!!

فاكس 2372911 Abo-hamra@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد