Al Jazirah NewsPaper Monday  05/10/2009 G Issue 13521
الأثنين 16 شوال 1430   العدد  13521
السعودية تحت أضواء المؤتمر العالمي للاتصالات
د. ممدوح الروحاني

 

دأبت المملكة خلال العقود الماضية على المشاركة الفاعلة في المحافل الدولية والمؤتمرات والندوات والتجمعات الاقتصادية من منطلق الحرص على الأخذ بمفهوم التنمية المستدامة وتعميق ذلك الفهم على كافة المستويات لضمان مشاركة دولية إيجابية من جانب مختلف هيئات ومؤسسات المجتمع السعودي تليق بالمكانة الدولية التي تصبو إليها المملكة.

إن تواجد المملكة من خلال مؤسساتها الحكومية والاقتصادية في المؤتمرات والفعاليات الدولية أداة رئيسة لتفعيل سياسات الانفتاح على العالم والاندماج في النظام التجاري الدولي والحفاظ على مركز الثقل للاقتصاد السعودي، كما أنها بوابة هامة للمشاركة الفاعلة في وضع الخطط والإستراتيجيات الدولية والمساهمة في صنع القرار وفي ذات الوقت الدفاع عن المصالح الحيوية، خصوصاً وأن المملكة إحدى دول مجموعة الدول الـ 20 الكبرى (G20).

يأتي هذا المدخل في تقديري ضروريا لإلقاء الضوء على المشاركة المميزة للمملكة في المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي للاتصالات الذي يقام كل 4 سنوات وتنطلق فعالياته هذا الأسبوع في جنيف بسويسرا ويعتبر أهم تجمع رسمي واقتصادي يهتم بقطاعات الاتصالات وتقنية المعلومات، وأهم محفل دولي ترعاه هيئة الأمم المتحدة يضم المنظمات الدولية والحكومات، بالإضافة إلى الشركات المتخصصة في مجالات خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات.

بدأ الحديث في السنوات القليلة الماضية عن ظهور لاعبين جدد على خارطة خدمات الاتصالات في العالم وبدأ المراقبون والباحثون يوجهون أنظارهم إلى ما يسمى بالأسواق الصاعدة في مجال الاتصالات، فإلى وقت قريب كان هناك عدد محدود من شركات الاتصالات والتي يمكن أن يطلق عليها صفة العالمية حيث كانت تتمركز في عدد محدود من الدول وتمتد أفقيا ورأسيا في أسواق الاتصالات وتقنية المعلومات حول العالم. بينما كانت أسواق الاتصالات في بقية دول العالم محدودة بتقديم الخدمات الرئيسة إما من خلال شركات تقدم خدمات قليلة تعمل ضمن النطاق الجغرافي المحلي أو الإقليمي أو من خلال مؤسسات أو أشباه مؤسسات لا تزال حبيسة الملكية الحكومية تنتظر مخاض تحولها إلى شركات اقتصادية تدخل معادلة الربح والخسارة.

إن المتابع لتطور سوق الاتصالات السعودي وأنماط نمو استثمارات شركاتها داخليا وخارجيا يلاحظ أن السنوات الأخيرة شهدت نموا سريعا وذكيا لعدد من الشركات مدعومة بسياسات اقتصادية عملت على إعادة تنظيم الأسواق وتخفيف الأعباء التنظيمية، مما ساهم وبشكل فعال في إحداث قفزة نوعية وكيفية لهذه الشركات ووضعها على خارطة الاتصالات العالمية، ونقل المملكة من دول مستخدمة إلى دول مستثمرة تؤثر في سوق الاتصالات العالمي.

المملكة تجني اليوم ثمار سياساتها الاقتصادية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات والتي بدأت قبل عشر سنوات فقط من خلال إعادة هيكلة سوق الاتصالات وتخصيص القطاع وتأسيس شركة الاتصالات السعودية وفتح سوق الاستثمار ومنح رخص جديدة وتبني أنظمة اتصال مرنة وإعادة تقنين سوق الاتصالات. قد ينظر البعض لما حدث خلال الـ 10 سنوات الماضية على أنه مجرد اكتتابات وطرح أسهم ودخول مشغلين جدد وبالتالي خلق جو تنافسي في السوق، ولكن الحقيقة أن ما حدث في هذه السنوات القليلة الماضية هو بناء قاعدة صلبة تستطيع الشركات السعودية من خلالها أن تنطلق إلى مستويات جديدة من العمل وأن تنطلق إلى الخارج وتدخل تدريجيا في سوق التنافس العالمي. إنه من الإنصاف القول إن القرارات التي تتخذها مجالس إدارة شركات الاتصالات في السعودية لا تؤثر على السوق المحلي فحسب بل تؤثر في أكثر من 10 أسواق حول العالم وصلتها هذه الشركات واستطاعت أن تكسب السباق فيها في مقابل شركات ومستثمرين عالميين كانت حتى الأمس القريب هي الأسماء الوحيدة اللاعبة في السوق العالمي.

بعد عدة أيام سيتم افتتاح المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي بحضور أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون وبحضور عدد من رؤساء دول العالم وجمع كبير من الوزراء ومديري المنظمات العالمية وخبراء تقنيات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكالمعتاد سيتحدث عدد من رؤساء الدول بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومديري عدد من المنظمات العالمية المتخصصة وهم يضعون الرؤية لمستقبل سوق الاتصالات العالمي. ولكن غير المعتاد أن يكون بين المتحدثين شخصان من القطاع الخاص، رئيسان لشركتين لم تظهرا على الساحة العالمية إلا منذ سنوات قليلة ولكنهما أثبتتا بأنهما قادمتان وبقوة، إن اختيار الرئيس التنفيذي لعملاق الاتصالات الصيني (موبايل الصين) السيد جيان جاو وانغ والرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات السعودية المهندس سعود الدويش ليكونا المتحدثين الوحيدين من الشركات في حفل الافتتاح وتقديمها كلمتين رئيستين جنبا إلى جنب عدد من الرؤساء والمسؤولين العالميين يحمل دلالات ومعان كثيرة وتؤشر إلى الدور الحيوي الذي بدأت هذه الشركات تأخذه في سوق الاتصالات العالمي.

اللافت للنظر في جنيف - حتى قبل بدء المؤتمر - هو حجم الاهتمام الذي يوليه الاتحاد الدولي للاتصالات للمشاركة السعودية وبدأ العديد من المؤسسات الاستشارية وبيوت الخبرة بمتابعة مشاركة المملكة ومحاولة قراءة التوجهات الاقتصادية السعودية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، بل إن عدداً من وسائل الإعلام المهتمة أدخلت الجناح السعودي ضمن قائمة الأجنحة التي تراقبها عن كثب في محاولة لمعرفة التوجهات الاقتصادية والاستثمارية القادمة وتتبع ما يمكن أن تظهر من اتفاقيات وعقود مهمة.

إن المملكة اليوم اسم رئيس ضمن قائمة الاقتصاديات الصاعدة في مجال الاتصالات، والزائرين لجناح المملكة لن يأتوا بدافع فضول التعرف على ما يحدث في سوق الاتصالات السعودي بل يأتون باحثين عن أسئلة اقتصادية مهمة:

- كيف ستوجه المملكة والشركات السعودية استثماراتها في السوق العالمي؟

- ما هي الأسواق الجديدة التي ستستهدفها الشركات السعودية؟

- كيف تقرأ مجالس الإدارة السعودية نمو وتحركات السوق العالمي؟

- ما هي التحالفات القادمة؟

الأيام القليلة القادمة ستكون بداية مرحلة جديدة لقطاع الاتصالات السعودي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد