أكثر من خمسة عشر عاما مضى على تشكيل (مجلس الشورى)، أو بمعنى أدق إعادة تشكيله وتكوينه، بوصف إنشائه سابق لهذا التاريخ بخمسة عقود تقريبا، ولسنا بصدد الإشارة، أودراسة واقعه وتقييمه، ومراحل تقدمه أوتعثره تاريخيا، والظروف التي صاحبت ذلك بمجرد خاطرة سريعة، لكن الشيء المؤكد أن المواطن السعودي تحقق جزء من حلمه حين استعاد المجلس تنظيمه، وأقرت لوائحه وهياكله في عهد الملك الراحل (فهد بن عبد العزيز)- رحمه الله-، وبمشاركة من صنّاع القرار بهذه البلاد.
* منذ أن بدأ المجلس يمارس مهامه وصلاحياته بدأ المواطن يتطلع بشغف كبير إلى كل ما يصدر عنه من قرارات، أو ما يناقش تحت أروقته من مشاريع، حتى أصبح هذا الحراك من المفاخر التي نباهي بها غيرنا، أ وعلى الأقل أحسسنا بوجودنا الذاتي بين المجتمعات، وهو يتسابق إلى تكوين وتطوير برلماناته ومجالسه، ويوسّع من دائرة المشاركة الشعبية في إدارة شؤون بلاده، ورسم مستقبل أجيالها القادمة بمهنية عالية، واحتراف تام.
* لم يقف حلم المواطن عند هذا الحد، وهو يتابع مسيرة المجلس، بل أمسى يتطلع، ومع كل تشكيل جديد أن يصحب ذلك تطوير لمهامه، وتوسيع لدائرة صلاحياته التي لم نلمس منها منذ التأسيس سوى زيادة في مقاعده، أو تعديل طفيف في لجانه الداخلية ومهامها.
* ما يمر به المجلس من إشكالات، أو عقبات تنظيمية، أو ضعف تفاعل بعض أعضائه، وعدم الاكتراث بما يطرح، أوتخلف بعضهم عن جلساته المنتظمة، لاشك أن هناك جهات رقابية تلاحظ عن كثب مثل هذه المؤثرات التي قد تعترض مسيرة المجلس، وتنال من عطاء مؤسسة عملاقة أخذت على عاتقها تقييم أداء الآخرين في كافة المؤسسات، والوقوف على أعمالهم ومنجزاتهم، ومناقشتهم في أوجه القصور.
* مراحل القوة والضعف التي قد تمر بها هذه المجالس يحكمها عدة ظروف واعتبارات، لكن السباق المحموم بين المجتمعات، والصراع الحضاري المحتدم، ومحاولة إثبات الوجود بين الدول، وتطلعات الشعوب ووعيها بما حولها كلها محفزات وعوامل لا ترحم، ولا تقبل التراخي، أو التأجيل، بل تنتظر المزيد والمزيد من النقلات في المؤسسات التي تشارك في صناعة القرار، أو التهيئة له.
* لقد دعمت الدولة هذا المشروع الحضاري بكل ما تستطيع من قوة، واختارت له من النخب المثقفة، ذات الكفاءة العالية، والتنوّع في الفكر والتخصص ما لا يتوافر في غيرها من البرلمانات والمجالس الشورية، ومع هذا الدعم غير المحدود ماديا ومعنويا نلحظ من خلال وقائع جلسات المجلس اعتماده على فئات، أو أشخاص محددين ومعدودين، يبدو تفاعلهم ونشاطهم وأطروحاتهم وهمومهم أكثر من غيرهم، خلافا لمن يقتصر دورهم على التصويت، أو مداخلات لا تنم عن قراءة واعية ومدروسة للموضوعات المدرجة في جدول الأعمال، بل تساق أصواتهم لإثبات الحضور.
* الرهان الكبير في هذه المرحلة الحاسمة ليس على دعم الحكومة، ودعمه بصلاحيات أوسع في المحاسبية فحسب، بل على فاعلية قيادته، وتفاعل أعضائه، ومحاولة تحقيق تطلعات أولياء أمورنا، وطموحات مجتمعنا. أملنا كبير في أعضائه الموقرين، وتفاؤلنا غير محدود بقدراتهم وإمكاناتهم. ا - هـ
dr_alawees@hotmail.com