Al Jazirah NewsPaper Monday  05/10/2009 G Issue 13521
الأثنين 16 شوال 1430   العدد  13521
بين قولين
الكتابة للطفل
عبد الحفيظ الشمري

 

الكتابة للطفل رسالة إنسانية موجهة للجميع، لا سيما تلك التي تنحو الجانب الإبداعي، حيث تكمن أهمية هذه الرسالة في كونها موجهة للطفل وأسرته ومجتمعه، ومن حوله لتتضافر الجهود نحو تكوين مواد تربوية وفنية وتراثية تسهم في الرفع من ذائقة الطفل، وتوفر مناخاً جمالياً قد يجد ذاته فيه يوماً ما.

إلا أنه في ظل هذه الهجمة المعلوماتية وغزارة الصورة المرئية فإنه يتحتم علينا تلبية احتياج الطفل للمعارف والفنون، والكتابات الجادة، وبناء قاعدة أساسية تنطلق منها هذه الأجيال لتنشئ ذوقها الخاص أولاً، ومن ثم تشرع في تنمية الذوق العام وفق ما يتاح لها من فرص وإمكانات.

فالكتابة للطفل تنطلق من ثلاث ركائز تتمثل فيما يكتبه الطفل، وما يكتب للطفل، وما يكتب عنه، لترتبط هذه الركائز في إطار واحد يصوغ في داخله حالة الوجدان، وارتباطه الذهني بما يراه في العالم من حوله، لتبرز في هذا الإطار أهمية الاقتراب من نمط تفكيره، ومحاذاة سلوكه، ومقاربة الصور النمطية المؤثرة في عقله.

فلو قرأنا هذه النقاط أو الركائز الثلاث قراءة متأنية، وتمت مقارنتها بما يقدم اليوم من كتابات، وقصص، ورسومات، وأفلام هادفة موجهة للطفل سنجد أن العمومية والشكلية قد تغلب عليها في أبسط القياسات. فمن هنا قد نحتاج إلى مزيد من التأصيل المتقن، والتعريف الدقيق لكل ملمح من ملامح العمل الفني والتثقيفي الذي يسهم فيه - عادة - الكتاب والمبدعون من أجل مسعى واحد يتمثل في اكتمال المشهد التذوقي للطفل.

فحينما نقف عند الركيزة الأولى: ما يكتبه الطفل، نجدها رؤية هامة تحدد معالم توجه الطفل في بناء نمطه الخاص، حيث يتسنى لنا فهم مراميه، لا سيما حينما يريد التعبير من خلال العمل المتوفر من تعبير خطابي وإلقاء شعري، ورسم وكتابة.

فحينما نناقش ما يكتبه الطفل نجد حقيقة أن لدينا ندرة في أعمال الأطفال وانصرافاً تاماً عن كل ما يحفز الكتابة والتعبير لديه، فقد تغيب الكتابة الشعرية والقصصية ليحل محلها الخطاب التعبيري، ومن ثم التلوين والرسم لأنها مرتبطة حقيقة بالمادتين المدرسيتين (التعبير) و(الرسم)، أما ما سواها من تجارب فإنه نادر وغير مهم.

ولو توقفنا عند هذه الآليات سنجد أنه مع مراحل التعليم الأولى بزغت فكرة هاتين المادتين في المناهج النظامية قبل عقود، إلا أن هذه الأفكار لم تحقق أهدافها نظراً لتدخل المجتمع المتوجس آنذاك من كنه هاتين المادتين مما تسبب في تهميشهما وجعلهما غير فاعلتين، ولا تدخلان في التقييم النهائي حيث حوربتا وتم اختزالهما في هذا الوضع الراهن الذي لم يتغير أو يتطور رغم تطور وتغير المواد والمناهج كالرياضيات والعلوم والحاسب، والجغرافيا وسائر المعارف الأخرى.

أما الركيزة الثانية فإن ما يكتب للطفل لا يعدو كونه محاولة من الكبار الإسهام في بناء هذا المفهوم، إلا أن الندرة أيضاً هي التي تسمه بالغياب، أضف إلى ذلك ثالث الأثافي كما تقول العرب والمتمثلة في أن النقد والتقييم للمادة الإبداعية للطفل غائبة تماماً، مما أعطى للمشهد التلفزيوني، والصورة الكرتونية والمعلومة الرقمية هذه الهيمنة التي باتت تستحوذ على الكثير من وقته واهتمامه.



Hrbda2000@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد