العاشرة مساءً... وليل مفجع يداهم شوارع المدينة... ناشراً ظله وحزنه على أغصان الزيزفون العتيق...
ووراء خيوط العنكبوت ألف ألف حكاية وحكاية...
وقبل أن تتكسر أغصان زهور الزنبق كانت هناك أحجية خفية...تكاد تكون ذات الوقت محكية...
خدعة الألف ميل المبتدئة دوماَ بميل مارست مهارتها على براءة طفولة الطفولة...
وحتى لايضيع الحق وتهزم الابتسامة القديمة...
دفع ثمن مالا يقدر بثمن... كالعادة رخيصاً...
من يشتري الزنبق... وهل حكم عليه أن يشرى ويباع ثم يزج به في براثن الضياع...
العاشرة مساءً... وقت خروج الذئاب العطشى نحو كبد المدينة...
تشرب من دم خفاش جريح...
ثم تطبق الأنياب على نحر غزال قتيل...
...
بللت دموع قطرات المطر بماء أجاج شعر وكتف صاحبة العيون الجذلى...
فكانت كمن تحمم بعطر وتنشف بنور...
وكيف لا...؟؟ فلا زالت هي بعمر الزهور... يحاول جسدها الغض الطري الخروج من شرنقته الصغيرة... بعد صبر دام عقد وقبضة من السنين...وفي عقلها وقلبها سكن حنين الحنين للعب مع صديقاتها في الابتدائية...
ناء جسدها من كثرة اللف والدوران... فقد جابت اليوم شوارع جديدة ناشرة زنبقها على حبل الغسيل...
...
اقترب صاحب السيارة الفارهة من إناء زهور صاحبة العيون الجذلى...
شدته رائحة الفقر فيها...
كان الثلج قد غطى فروة رأسه منذ زمن... وحفرت السنين أخاديد في قفر وجهه...
واختبئ كل الباقي منه عن الورى... خلف نظارة كبيرة سوداء...
وعندما سألها عن سعر كل الزنبق بيدها... امتدت إليها قضب الأمل بالعودة إلى برد بيتها...ونضح الماء من صخرة جوعها وإنهاكها...
طأطأت رأسها وردت بخجل (كما تريد ياسيدي)...
وعندما مدت بأغصان الزنبق نحوالسائق...غزا الرعب قلبها الصغير عندما رأت ابتسامته المصفرة... وقد تجلت عن أنيابه الرمادية... فزادت الأخاديد على قفر وجهه عدداً وعمقاَ...
(اركبي السيارة... اركبي في المقعد الخلفي... سوف أعطيك ثمن زنبقك...
ثم أعيدك لبيتك...
هل هوبعيد ؟؟؟... قديم أم جديد ؟؟؟)
(رددت بتردد... بيتي بعيد...أسكن مع أمي وإخوتي وهم بانتظاري في بيتنا القديم)
فتح باب السيارة الخلفي...وسرعان ما اختفت صاحبة العيون الجذلى في جوف حديد...
تحركت العجلات الضخمة فوق زهور زنبق بطعم الدم...
ثم انطلقت المركبة إلى البعيد... البعيد...
تاركة ًورائها جدائل صاحبة العيون الجذلى على إسفلت الشارع المظلم مجروحة.
إعلامية سعودية