Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/10/2009 G Issue 13517
الخميس 12 شوال 1430   العدد  13517
أعراف
الشجر (2)
محمد جبر الحربي

 

استكمالاً لشجرٍ كتبناه نقول إن الشجرة قد هبطت بآدم من الجنة السماوية إلى الأرض، ليعود إليها ومن آمن من ذريته، بعد رحلة دنيوية لا تطول مهما طالت حسب السنوات الأرضية: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (19) سورة الأعراف.

(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى، فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) (120- 121) سورة طه، قيل هي الحنطة، وقيل الكافور، وقيل شجرة الخلد.

ولمريم نخلتها المباركة المعجزة التي دبت فيها الحياة بعد يبس: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) (25) سورة مريم، وللنخل موقع خاص في القرآن، ومنزلة خاصة في قلوب العرب الذين نزل بلسانهم، فتنوعت بصفاتها وأنواعها الأسماء، والنخل من شجر الجنة (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ) (10) سورة ق، و(وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ) (11) سورة الرحمن. واللينة هي النخلة: (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ) (5) سورة الحشر، واللين هو التمر، ويكمن الإعجاز في النخلة في نظم الحماية من تبخر الماء وفقدانه في بيئتها الصحراوية، وفي دورة الماء والغذاء فيها، مهما شقّت العنان، واحتجبت في السماء كما يصفها أحمد شوقي.

وعلى ذكر اليهود الفاسقين في سورة الحشر، فلليهود شجرهم وهو الغرقد، ولكنه شجر انتهاء لا ابتداء، فقد روى الشيخان عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله) (ذكره في صحيح الجامع الصغير برقم -7414). وفي رواية لمسلم: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله.. إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود) (ذكره في: صحيح الجامع الصغير أيضاً -7427).

ومن الشجر الذي اقترن بالأنبياء شجرة البيعة، بيعة الرضوان، وهي شجرة سمرة بالحديبية، وكان ما يقارب ألفاً وأربعمائة من الصحابة، قد بايعوا تحتها الرسول صلى الله عليه وسلم على مناجزة قريش، وعدم الفرار: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيباً) (18) سورة الفتح. ويذكر أن عمر رضي الله عنه قد أمر بقطعها لما علم أن الناس يقصدونها للصلاة عندها.

أما شجرة النبي يونس عليه السلام فهي اليقطين، وهو القرع تظله بساق على خلاف المعتاد، وهي معجزة له: (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ، وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (145-146) سورة الصافات.

وقد أطلق الإنسان على الشجر أسماء وصفات غريبة متفاوتة، ومن ذلك سُمّي الموز بقاتل أبيه، لأن شجرة الموز تقلع عندما تكبر، لتنمو إحدى الشجيرات الصغيرة التي حولها، كما يسمى بفاكهة الفلاسفة والحكماء أيضاً، ربما لأنه يساعدهم على تحفيز النشاط، والتفكير العميق، وهو من شجر الجنة، وذكر في القرآن بانتظامه (وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ) (29) سورة الواقعة.



mjharbi@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد