أتصفح بين فترة وأخرى المنتدى الشخصي لموظفي الخطوط الجوية السعودية، وأتابع ما يطرح فيه من موضوعات وقضايا لا شك أنها تأخذ الكثير من اهتمامي، فما أمضيته في خدمة الخطوط السعودية لا يمكن نسيانه أو تجاهله، وأجد نفسي منساقاً لمعرفة ما يحدث في محيطها، ولو عن طريق ما يثيره موقع موظفيها الشخصي من أحداث وموضوعات.
لفت انتباهي وأنا أتصفح المنتدى، مطالبة أحد الزملاء بتخصيص زاوية لتخليد ذكرى الموظفين الذين خدموا الخطوط السعودية وتقاعدوا أو رحلوا عن هذه الدنيا، وتخصيص يوم في المنتدى لمداخلات المتقاعدين، لتعريف الموظفين الجدد بهم وبما قاموا به من اجتهادات، وما أحدثوه في زمنهم من أمور كان لها أثرها الطيب على مسيرة الخطوط السعودية، ليستفيدوا من تجربتهم ويقتدوا بإنجازاتهم.
وحقيقة لامس هذا المقترح - حتى ولو لم ينفذ - شيئاً في نفسي، وأثار فيها مشاعر طيبة، وأنا وكثير من الزملاء الذين تقاعدوا عن العمل نُذكر بعد ترك العمل من موظفين قد لا يكون لنا بهم صلة مباشرة، وربما لم نلتق بهم أصلاً، بينما تجاهلتنا الخطوط السعودية ومسؤولوها الذين دون شك كان لنا معهم الكثير من المواقف والعطاء والشد والجذب، وقذفونا من النافذة دون أن نسمع منهم حتى كلمة وداع بسيطة لا تكلف مالاً ولا جهداً، وعندما يأتي من يطالب من الموظفين وإن بصفة شخصية أن يُعاد تذكر من خدم المؤسسة، فهو لا يكرّم رجالاً خدموا وقدموا ما مكّنهم الله في سبيل رفعة الخطوط السعودية فقط، لكنه أيضاً ينتشل الخطوط السعودية من بحر جحودها وتنكُّرها، ويعزّز أهمية بقاء القيم ضمن ثقافة المؤسسة والتي لن تتحسن أحوالها إن عدمتها أو أهملتها، فثقافة أي منشأة إنما تقاس بمقدار القيم المثلى التي تؤمن بها وتجسِّدها على أرض الواقع.
لا أدري من صاحب هذا المقترح، لكنني أود أن أقول له إنني وبقية الزملاء المتقاعدين - وفي هذا تجاوز مني أن أتحدث بلسان المتقاعدين - كرّمنا الآن بتذكرك لنا، وقد أهديت لنا ما بخلت به مؤسستنا، وأحييت في نفوسنا شعوراً ظنناه مات مع ما مات من قيم لم نرها ونحن نغادر مكاتبنا، شكراً أيها الكريم .. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com