Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/09/2009 G Issue 13515
الثلاثاء 10 شوال 1430   العدد  13515
نوافذ
أقر وأتعهد
أميمة الخميس

 

أقولها آسفة أنني طبعت ونشرت معظم كتبي خارج المملكة لاعتبارات عدة قد يكون موضوع مقالي اليوم هو أحدها.

فعندما قررت هذه المرة أن يصدر كتابي محليا عن دار نشر سعودية عملا بمبدأ كن سعوديا واشتر بضاعة سعودية، كانت أول خطوة طلبتها مني دار النشركي تنال الفسح من إدارة المطبوعات في وزارة الثقافة والإعلام هو أن أوقع على الإقرار التالي

(نعم أنا....أقر وأتعهد بأنني أتحمل كافة المسؤلية لما ورد في كتابي، كما أتحمل مايترتب عليه من الناحية المادية والمعنوية تجاه غيري بعد طبع ونشر الكتاب، مع تحملي مسئولية أي مطالبة حقوقية لاحقة قد تنشأ من جراء نشر الكتاب وسحبه من الأسواق، وأتعهد بعدم المطالبة بتعويض مالي مقابل سحب كتابي ومصادرته من الأسواق لمخالفته نظام المطبوعات والنشر أو لإساءة للآخرين).

تفاصيل وبنود الإقرار استوقفتني كثيرا فهي:

1- محملة بالروح البوليسية المخابراتية والصياغة الأثرية التي ترجع إلى خمسينيات القرن الماضي عندما كان العالم يتوجس من الكلمة المطبوعة والمنشورات السرية، ويتعامل بفوبيا ضد موزعي المنشورات السياسية السرية وبالتالي يستريب من كتاب وأدباء سلاحهم الوحيد هو المفردة. الصياغة في لغتها ومضمونها ومجملها كأنها موجهة لمراهقين طائشين للتحذير من التفحيط في الشوارع.

2- غموض لوائح وأنظمة المطبوعات بالنسبة للكاتب، فمانوع العقاب الذي سيطبق علي تبعا لجملة (تحملي مسؤولية أي مطالبة حقوقية لاحقة) ؟ فماهي الخطوط الحمراء التي ستضعني تحت طائلة القانون ؟ وماالجهة العدلية التي ستفصل في القضية ؟ هل هناك محاكم مختصة في هذا المجال ؟

3- وبما أن الكتاب سيصدر عن دار نشر فكيف أوقع على تحملي مايترتب عليه من الناحية المادية كما جاء في نص التعهد المفترض أن دار النشر هي مسئولة عن النواحي المادية فمن يضمن حقوق الكاتب لديهم؟ أم أن الكاتب هو عادة الجدار القصير ؟

4- والمفارقة هنا هو الشطر الأخير من الإقرار (فهو أتعهد بعدم المطالبة بتعويض مالي مقابل سحب كتابي ومصادرته من الأسواق لمخالفته نظام المطبوعات والنشر) فكيف سيسحب كتابي من الأسواق بعد أن نال الفسح من الجهة الرسمية المعنية بإجازة النصوص ؟ إذا ماذا يفعل جيوش المراقبين والمدققين والمتابعين من أصحاب الحذف والحجب والأقلام الحمراء في مكاتب قسم رقابة المطبوعات، هل بعد أن يمر الكتاب عليهم سيظل معرضا للتهديد ؟ أم أن وقتهم الثمين مابين الشاي والصحف لايتيح لهم التدقيق في المحظورات التي من الممكن أن يكتشفها قارئ فطن أو مترصد؟

علامات الدهشة والعجب حول الإقرار غير المتناهية ولاسيما وأنه يمثل وزارة يقوم على رأسها أديب وشاعر مثقف من طراز رفيع، دهشة في عصر ودع فيه العالم الحجب والمنع، ووثق بذكاء ووعي القارئ.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد