Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/09/2009 G Issue 13515
الثلاثاء 10 شوال 1430   العدد  13515
شيء من
أرامكو منها بدأنا وإليها نعود!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

شركة أرامكو كانت أول (مُنشأة) حضارية عرفتها هذه البلاد. بها، ومن خلالها، انتقلنا من عصور التخلف إلى عصر الحضارة والمدنية والالتحاق بالعالم المتطور. من يقرأ تاريخ التنمية في المملكة يجد أن (أرامكو) لم تكن مجرد شركة تسعى إلى تحقيق الربح مثل أي شركة تجارية أخرى، ولم تكن كذلك مجرد شركة متخصصة في استخراج النفط وتسويقه؛ بل كانت أكثر من ذلك بكثير؛ فهي التي اعتمد عليها (المؤسس) -رحمه الله- في تأسيس بنية الدولة المدنية الحديثة؛ ليس فقط من خلال توفير الموارد المالية لمشروع الوحدة، وإنما كانت -أيضاً- المنشأة الوحيدة آنذاك التي تعلمنا منها العمل والتنظيم والإدارة وتدريب الكوادر البشرية، وكيف نصنع التنمية على أسس عصرية. من يقرأ في (وثائق التأسيس) يجد وبوضوح أن أرامكو بعد ملحمة الوحدة، كانت الآلية الأهم التي كان المؤسس العظيم ورجاله العظماء يتكئون عليها في مشروع (الدولة الحديثة).

وما بين عام 1933م عندما بدأت هذه الشركة عملها في صحاري المملكة وعام 2009م ثلاثة أرباع قرن. هذه الفترة حفلت بالكثير من الإنجازات، وتحقق فيها الكثير من الأهداف التنموية.. و بقدر ما نحن فخورون بها، وبإنجازاتها، يجب - أيضاً - أن نُعيد قراءتها بشفافية وموضوعية، بعيداً عن العواطف، لنعيد (تقييم) تجربتنا التنموية، و(جهازنا البيروقراطي)، بواقعية.

يوم الأربعاء الماضي افتتح خادم الحرمين الملك عبدالله - حفظه الله- صرحاً شامخاً من صروح العلم (الحقيقي) والمعرفة (الحقيقية) في هذه البلاد، إنها (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية). هذا الصرح تم إنجازه في مدة قياسية، وبطريقة أبهرت الكثيرين، سواء من حيث نوعية الإنجاز، أو مدة التنفيذ، أو دقة التنظيم، أو من خلال نقل الفكرة من النظرية والورق إلى (التطبيق) على أرض الواقع. تنفيذ هذا الحلم الحضاري الكبير اضطلعت به أقدم المنشآت في بلادنا، (شركة أرامكو)؛ فلم يجد الملك عبدالله، وهو يبحث عمّن يُحقق حلمه، إلا ذات المنشأة التي اعتمد عليها - أيضاً- المؤسس -رحمه الله- لنعود إليها مرة أخرى، ونوكل لإدارتها الإشراف على تحقيق حلمه حفظه الله.

وهنا بيت القصيد في هذا المقال.

معنى ذلك -يا سادة يا كرام- أن (الجهاز البيروقراطي) للدولة، الذي يُفترض أن بناءه قد اكتمل خلال 75 سنة، مازال -للأسف- (عاجزاً) عن تحقيق الطموحات، ومواكبة الآمال؛ فعُدنا إلى المنشأة الأولى، والشركة الأقدم، لتحقق واحدة من أهم وأغلى طموحاتنا التنموية (لنتحرر) من أغلال التخلف، ونؤسس جامعة علمية معاصرة (حقيقية).

كذلك أوكل الملك عبدالله إلى شركة أرامكو -كما تقول الأخبار- الإشراف على بناء (مدينة الملك عبدالله الرياضية) في مدينة جدة، وليس إلى الجهاز (البيروقراطي) المسؤول عادة عن تنفيذ مثل هذه المشاريع.

أول المشاريع التنموية، ومشاريع البنى التحتية، التي عرفتها البلاد في عهد المؤسس -رحمه الله- نفذتها شركة أرامكو. وآخر مشروع حضاري وتنموي عملاق في عهد الملك عبدالله، (الملك السادس في الدولة السعودية الثالثة)، نفذته كذلك (أرامكو)؛ أي أننا عدنا إلى ذات النقطة التي (بدأ) منها المؤسس!. الفرق أن مديري أرامكو الذين نفذوا مشروعها التنموي الأول كانوا أمريكيين، ومديري أرامكو الذين نفذوا آخر مشاريعها كانوا سعوديين.

ماذا تقرأ في ذلك؟ ولماذا نجح السعوديون في أرامكو، وأخفق السعوديون في الجهاز البيروقراطي للدولة؟.. أترك الإجابة لكم. إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد