قبل رمضان كانت هناك تحذيرات من الذهاب إلى مكة المكرمة بسبب (إنفلونزا الخنازير) حتى أن البعض لم يذهب إلى مكة بعد أن كان عازماً على ذلك.. لكن - بحمد الله - لم ينل المعتمرين أي أذى، وانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء أو انتشار لأي وباء.. وقد كان الطقس بمكة المكرمة جيداً والوضع الصحي ممتازاً.. بل إن مكة المكرمة والمدينة المنورة كانت أقل المدن إصابة بهذا المرض رغم الحشود الكبيرة التي فيهما كما صرح بذلك مسؤولو وزارة الصحة، وقد نشرت صحيفة (الجزيرة) تصريحاً رسمياً من وزارة الصحة بثته (واس) بأنه لم تحصل بين المعتمرين أية حالة وفاة أو تنويم بحمد الله حتى نهاية رمضان وقد تم ذلك بفضل الله - أولاً - ثم بالجهود الكبيرة من وزارة الصحة سواء الوقائية أو التوعوية أو العلاجية.
وقد رأى من اعتمر اطمئنان الناس هناك وهم في بيت الله الحرام حتى أنك نادراً ما تجد من ارتدى (الكمامات) وبالطبع هذا لا يعني عدم فعل الأسباب لتجنب هذا المرض أو غيره بالحرم أو بالأسواق أو المساجد أو ملاعب الكورة ولكن ذلك جاء عن روح الاطمئنان، وما نشره أحد الأطباء عن عدم تحقق الجدوى من ارتداء الكمامات، ولعل الأمر، وكما قال لي أحد الأصدقاء: أرواحنا ليست أغلى من أرواح العلماء وأئمة الحرم الذين كانوا يصلون في رمضان طوال الشهر.
* * *
في شهر رمضان هذا العام كان بيت الله الحرام وساحاته على مستوى كبير من النظافة والخدمات والتنظيم بمتابعة وإشراف إمارة منطقة مكة المكرمة وسمو أميرها وتنفيذ الأجهزة الحكومية وفي مقدمتها رئاسة الحرمين الشريفين وأمانة العاصمة المقدسة.
وقد سعد المعتمرون بسهولة وتنظيم الدخول إلى الحرم والخروج منه حيث كان هناك تعاون موفق بين رئاسة الحرمين ووزارة الداخلية ممثلة بأجهزة الأمن العام بمكة المكرمة حيث دعم الأمن العام وزاد أعداد العاملين من الضباط والأفراد للمزيد من أمن وسلامة التنظيم داخل الحرم وساحاته، وكان لذلك أثر كبير فيما لمسه الناس سواء بما يتعلق بالدخول للحرم أو منع المتسولين والمفترشين وغيرها من الظواهر السلبية التي نتمنى أن يتم القضاء عليها بجهود رجال الأمن والتوعية للناس مثل الجلوس بالممرات والنوم بالحرم.. الخ، كما وفقت رئاسة الحرمين في الترتيب الجد لأئمة الحرم المكي في صلوات التراويح والقيام.
* * *
بقي أن أشير إلى الجسر الذي اقترحته رئاسة الحرمين وتم تنفيذه والذي يمتد من قرب شارع أجياد إلى الدور الثاني والسطح بالحرم، فقد خدم هذا الجسر الناس كثيراً وأصبحوا ليسوا بحاجة إلى تخطي رقاب المصلين بالساحات حيث سهل لهم الوصول إلى السطح والدور الثاني بسهولة، ونتمنى أن تعمم فكرة هذا الجسر في جوانب أخرى من الساحة ولو بشكل أصغر، وحتى لو كانت جسوراً حديدية يتم عملها بطريقة جديدة وأنيقة.. ففكرة الجسور فوق الساحات فكرة موفقة وناجحة.
* * *
وبقي أخيراً أن أتطرق إلى التناقض العجيب بين شكوى أصحاب الفنادق التي بجانب الحرم من نقص المعتمرين وبين زيادة أسعار الغرف بالفنادق بشكل كبير..! وعادة أنه عندما يكثر العرض ويقل الطلب تنقص الأسعار.. لكن الفنادق حول الحرم غير..!!
ولهذا لا ندري هل الشكوى صحيحة لأن القاعدة الاقتصادية البديهية تقول إن الأسعار تنقص ما دام الطلب على السلعة قليلاً!! فما رأي هيئة السياحة والآثار التي تولت الإشراف على الفنادق، وأهمها فنادق وشقق مكة والمدينة بوصف الناس لم يجيئوا هنا للسياحة بل لشأن تعبدي يطمح إليه ويتساوى فيه كل الناس أغنياؤهم وفقراؤهم.