Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/09/2009 G Issue 13515
الثلاثاء 10 شوال 1430   العدد  13515
لما هو آت
شبح الخنزير..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

الفأر الصغير خرج من مكمنه، يقفز فرحاً بشعور الأمان, ثمة ما يشغل الناس عن الطرقات، ومنعطفاتها، وقف يضحك على رصيف الشارع الطويل الآهل بالمحلات التجارية الفارهة والأبنية الرخامية الصقيلة، وقد صمتت الحركة فيها تماماً، وأخذ يتجول بحرية متناهية لا خوف يعتريه من طيف مار، ولا صوت يقلقه من وجود إنسان، الكل اندس في بيته كمم أنفه وحفظ مجرى أنفاسه، فحمى الخنازير شبح الإنسان في العالم كله.

قال الفأر: سأدعو أقربائي وأصدقائي ولنتجول في الأرض ما شئنا، لنرى ما فعل الإنسان بالأرض، حفرها وبناها وأقام أوتادها وأنارها، وعبأها من أطايب الثمار وألوان الصناعات، ووسع مقاعده، وأرسى قواعده، وأنا ماذا فعل بي؟.. سخرني لتجاربه ضحية, كما سُخرت له لحوم الأبقار والخرفان، تلك يجزها فيمتع بلذائذ لحومها، وأنا يجزني ويقطعني بعد أن يسجنني ويحقنني ويهدر دمي ويُمتع بنتائجه،.. وحين دهمه من الخنزير داء، تكمم وارتاع، وتقوقع واختفى...

قفز الفأر يمنة ويسرة، ورفع صوته كما احتكاك قطعتي صفيح في الفضاء، فأتى استجابة له جمع من الفئران، ما لبثت الشوارع والمنعطفات، والأبنية والمسطحات أن اكتست مسحة سوادهم، يقفزون فرحين، يتجولون ويندسون في مقدرات الإنسان.. والفأر الأول يقهقه.. يقهقه.. فزعت الصغيرة من منامها تشهق، وحين ركض إليها أبواها حدثتهما عن رؤيا الفئران... وأمها تبسمل عليها، وأبوها يضمها إليه.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد