كانت لفتات أكثر من رائعة تلك التي قدمها أحمد الشقيري عن اليابان في برنامجه اليومي (خواطر 5) الذي عرضته عدة قنوات فضائية من بينها ال(إم بي سي) و(الرسالة) خلال شهر رمضان الفائت، والروعة في هذا البرنامج ليس فقط في الاختيار الواعي للنماذج اليابانية الراقية على مستوى السلوك وعلى مستوى الإنسان، وإنما في استخدامه تقنية (Benchmarking) أحد مبادئ الجودة الشاملة التي تركز على (مقارنة معيارية) بين مؤسستين أحدهما أفضل من الثانية، من أجل أن تلحق المؤسسة الأقل بالمؤسسة المتقدمة وفقاً لمعايير معينة تتناسب مع نشاط المؤسسة.
والذي طبقه الشقيري فعلاً (مقارنة معيارية) لا تبحث عن من هو الأفضل اليابان أو الدول العربية؟ وإنما تبحث في بيان معايير تفوق اليابان بصورة يمكن للدول العربية أن تطبق هذه المعايير لتصل للنموذج المتقدم الذي وصل إليه اليابان، إذن هي (مقارنة فعالة) أو بتعبير أدق (مضاهاة فعالة) وليس مقارنة ظالمة أو مقارنة غير متكافأة، كما يحب أن يصفها الناس من أصحاب النظرة التشاؤمية، الذين يضعون العوائق في كل الطريق.
وتأتي هذه الحلقات التي قدمت وجهاً يابانياً مشرقاً، في وقت بلغ فيه الكوكب العربي درجة متدنية من التخلف في مجال السلوك والنظافة وحقوق العمال وتقدير الإنسان واحترام الوقت والأمانة والصدق وتوفير متطلبات العيش للأجيال القادمة بصورة لا تنفع معها إلا المكاشفة والصراحة والشفافية، وبرنامج (خواطر 5) قدم مادة (عملية) تعادل آلاف البرامج الخطابية البليدة والكلام المكرر والنصائح الفوقية التي لم تحرك شعرة في مفهوم الإنسان والحقوق والعدل.
الشقيري طبق تلك التقنية على مستوى الأخلاق، بين كوكب اليابان والكوكب العربي، ما أظهر (مأساة) في قيمة الأخلاق والوعي بها لدى كوكبنا العربي تشبه حد (الصدمة)، وما أجملها من صدمة أو ما أعظمه من (ألم) عندما يكونان لدى الأمم (الحية) باعثاً على التغيير نحو الأفضل.
Ra99ja@yahoo.com