الحديث عن تفوق المملكة في مجال عمليات فصل الأطفال السياميين يطول بحيث لا يمكن وضع حدود لهذا الإنجاز، والذي يقف خلفه الكثيرون بدءاً من الملك - حفظه الله - والذي يستقبل الأطفال الذين أجريت لهم عمليات الفصل ويرعاهم وهذا يحدث لأول مرة على مستوى العالم أن يهتم رئيس الدولة بأطفال أجريت لهم مثل هذه العمليات، وبالطبع هذا ...
... يعطي مؤشراً على نهج الملك ودولته في تكريس مفهوم مملكة الإنسانية، ويحسب بلا شك مثل هذا الإنجاز للحرس الوطني. وقد يتبادر للأذهان حالما نذكر الأطفال السياميين اسم معالي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة وزير الصحة, وهو مشهور محلياً وعالمياً بسبب عمليات فصل التوأم التي يقوم بها. وهو بطل رواية أوروبية قامت بكتابتها الأديبة الرومانية دومنيكا اليزل تعبيراً عن امتنانها لما قام به من أعمال وقامت بإهداء أول نسخة من الكتاب إلى الملك عبد الله آل سعود لرعايته تكاليف العملية (وفقاً لموسوعة ويكيبيديا على الإنترنت).
وزير الصحة الحالي الدكتور الربيعة نفذ العديد من عمليات فصل التوائم السيامية، استغرق بعضها 18 ساعة مثل التوائم العمانية والمصرية، وبعضها 16 ساعة مثل التوأم السعودي، لذلك يعد من القلائل على مستوى العالم الذي نفذ هذا الرقم من العمليات بهذا الزمن الطويل، ومعالي الدكتور الربيعة يحظى باحترام الشعب السعودي جميعاً فهو مفخرة وطنية في نظرهم وله كاريزما شخصية تمنحه مزيداً من القبول في نظر الناس، لذلك جاء قرار تكليفه وزيراً للصحة متوافقاً مع أهواء الناس، وكان الله في عونه فقد ورث وزارة متلاطمة الأمواج، الدكتور الربيعة الذي كان نجماً في نظر الناس أصبح الآن على المحك، أصبح مسؤولاً مباشراً عنهم، كل من لم يجد سريراً ألقى باللائمة والعتب على الوزير الذي أحبوه قبل أن يصبح وزيراً، وكل خطأ طبي سيتحمل تبعاته وزيرنا المحبوب، يا لها من مسؤولية، ويا لها من وزارة شغلت الناس، ولعل خبرة الدكتور الربيعة في إدارة الشؤون الأكاديمية والتي امتدت من بداية عمله في مستشفى الملك خالد الجامعي مرورا بمستشفى الملك فيصل التخصصي وانتهاء بالشؤون الصحية في الحرس الوطني تحتم عليه تحديد الأوليات التي سينطلق منها في تحديد التخصصات الطبية التي تحتاج إليها الوزارة. فوزارة الصحة تعاني نقصا شديداً في أعداد استشاريي طب الأسرة والمجتمع (على سبيل المثال)، مما يفرض على الدكتور الربيعة - والحال كذلك - دراسة ما تحتاج إليه وزارة الصحة من كوادر طبية من أجل استثمار الابتعاث في التخصصات التي تعد أولوية في المرحلة الحالية. ومراكز الرعاية الأولية - أيضا - تعاني من نقص شديد في الكوادر الطبية المؤهلة. كما أنها تعاني من فقدان الثقة في مستوى خدماتها وتأهيل أطبائها، لذلك فهي مصدر للهدر الطبي والمالي من وجهة نظر الكثيرين، وثمة ملف حان وقت فتحه يتعلق بالمناطق البعيدة والمدن الصغيرة بدءاً من الكوادر الطبية المؤهلة، وانتهاءً بالقيادات الإدارية المناسبة ومروراً بالموظفين على مختلف تصنيفاتهم.
وفي حديث سابق (نشرته الصحف المحلية) أكد معالي الدكتور عبدالله الربيعة أن عمله كوزير لن يؤثر في عمليات فصل التوائم السياميين، مشيراً إلى أنه طبيب جراح ولن يتوقف عن عمله المهني كطبيب، وهذا بلا شك صدق في الانتماء ورغبة في ممارسة التخصص بروح عملية ترفض الكراسي الوثيرة والمثيرة التي قد تفقدها الحساسية الجراحية على مبضع الجراح.
واليوم يواجه معاليه ملفات كثيرة أعانه الله عليها لعل من أكثرها إزعاجاً مرض إنفلونزا الخنازير، وهو أحد أمراض الجهاز التنفسي التي يسببها فيروسات إنفلونزا تنتمي إلى أسرة أورثوميكسوفيريداي (Orthomyxoviridae)، وحتى عام 2009 تم التعرف على ستة فيروسات لإنفلونزا الخنازير وهي فيروس الإنفلونزا ج و H1N1 و H1N2 و H3N1 و H3N2 وH2N3. وتبقى هذه الفيروسات منتشرة ضمن الخنازير على مدار العام، إلا أن معظم حالات الانتشار الوبائية ضمن الخنازير تحدث في أواخر الخريف والشتاء كما هو الحال لدى البشر. وتشير المصادر الطبية أنه بدأت عدوى إنفلونزا الخنازير بالانتشار بين البشر في فبراير 2009 في المكسيك حيث عانى عدة أشخاص من مرض تنفسي حاد غير معروف المنشأ، وأدى المرض إلى وفاة طفل يبلغ من العمر 4 سنوات، فأصبح أول حالة مؤكدة للوفاة بسبب الإصابة بإنفلونزا الخنازير، ولكن لم يتم ربط وفاته بالمرض حتى أواخر شهر مارس 2009.
وجهود معالي وزير الصحة الدكتور الربيعة كبيرة في هذا السياق امتداداً لجهود حكومتنا الرشيدة، حيث جاء قرار الإجازة الخاصة بالتلاميذ متناسباً مع التوقيت الحالي في ظل عدم وصول لقاحات المرض إلى الآن، ونظراً لخطورة هذا المرض على المراهقين أيضا فكنا نتمنى لو أن قرار الإجازة شمل الطلاب والطالبات في المرحلة الجامعية أسوة بطلاب التعليم العام، فهذا المرض عدو المراهقين أيضا فقد أشار تقرير صادر عن الجمعية الصحية للجامعات الأمريكية (نشرته قناة الجزيرة على موقعها في الإنترنت) إلى أن وباء إنفلونزا الخنازير أصاب 1640 طالبا في 165 جامعة خلال أسبوع واحد أو الفترة من 22 إلى 28 أغسطس - آب الماضي.
ومعالي الدكتور الربيعة أشار في غير موضع إلى أن جهود المملكة للتعامل مع هذا الوباء لن تقل عن جهود الدول المتقدمة، مطالباً في الوقت نفسه الإعلام بالوقوف كشريك في عملية التوعية وبث التثقيف الصحي، وإعلامنا مطالب - في ظل تطمينات معاليه - بعدم المبالغة وإثارة الهلع في نفوس العامة بنشر تقارير صحية غير واقعية عن هذا الوباء، حمى الله بلادنا من كل مكروه، لتستمر هذه البلاد في رحلتها لخدمة البشرية كمملكة للإنسانية.
Mk4004@hotmail.com