Al Jazirah NewsPaper Monday  14/09/2009 G Issue 134500
الأثنين 24 رمضان 1430   العدد  134500
وزير خارجية تركيا في حوار مع عدد من الإعلاميين في عمان
أوغلو لـ «الجزيرة»: العلاقات التركية السعودية تتطور بفضل حكمة القيادتين

 

عمان - الجزيرة - خاص - عبدالله القاق

أكد وزير خارجية تركيا الدكتور أحمد داود أوغلو ان العلاقات التركية السعودية متينة وتتطور في مختلف المجالات وان هناك تنسيقا شاملا بين بلاده والسعودية لدعم التضامن الإسلامي وتفعيل التعاون المشترك لما يحقق لشعبي البلدين مزيدا من التقدم والاستقرار.

وأضاف ان بلاده تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة وأنها تطالب بوقف الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية وتسعى إلى وقف التهويد للمدينة المقدسة وتدعو إلى إنهاء الخلافات السورية العراقية بالحوار, وقال: إننا نبذل جهودا كبيرة لتحقيق ذلك ووصف علاقات بلاده مع الدول العربية بأنها ممتازة وتتطور باستمرار.

وأكد أوغلو أن سياسة تركيا الخارجية تقوم على محددات واضحة ومن أبرزها خلق علاقات جوار عربية وإسلامية ثابتة تقوم على المصالح والرؤى الواضحة ولذلك فإنه يزور القاهرة ودول الجوار كثيرا للتباحث حول القضايا الراهنة ويشارك في عملية رأب الصدع بين العراق وسورية بعد تفجيرات الأربعاء الماضية مضيفا أنه قد حان الوقت لبناء علاقات حميمة في الإقليم والتعاون الصادق لحل المشاكل الحالية وأن لتركيا تاريخا وجغرافيا خاصين، ولذلك فإن سياستها تنطلق من هذا الأساس.

سياسة تركيا الخارجية

وأوضح خلال لقاء في منزل السفير التركي حضرته (الجزيرة) أنه قبل أيام زار بغداد وأجرى محادثات مع رئيس الوزراء نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري ثم انتقل إلى سورية وفي المطار هاتفه وزير الخارجية السويدي, وتحدثا حول العلاقات التركية الأرمنية وفي دمشق التقى الرئيس بشار الأسد ثم انتقل إلى قبرص ومن ثم إلى السويد لحضور لقاء للاتحاد الأوروبي وكل ذلك بسبب وضع تركيا القوي وارتباطاتها التي تمتد على المساحة ما بين البلقان والمتوسط والاتحاد الأوروبي.

وفي السياق نفسه شدد أوغلو على أن لا احد ينكر عراقة التاريخ وحضارة تركيا الممتدة حيث ترى الألباني والعربي والأذري والتركي يعيشون معا في البناية نفسها في أنقرة على سبيل المثال وهم يشكلون مكونات المجتمع التركي ويتشاركون التاريخ نفسه وهناك ألبان وبوسنيون وشيشان وأبخاز يعيشون في تركيا أكثر من الموجودين حاليا في هذه الأقاليم, منوها إلى انه قام بتأليف كتاب حول الإستراتيجية التركية يتعلق بالتاريخ والجغرافيا.

وسأل سؤالا محددا: لماذا نرى حلب السورية وانطاليا التركية بعيدتان عن بعضهما هذه الأيام مع أنهما كانتا جارتين في السابق؟

تركيا والحرب الباردة

وتحدث عن تداعيات الحرب الباردة على بلاده فأوضح أوغلو أن تلك الفترة اتسمت ببروز العديد من الظواهر السيئة مثل جدار برلين والنزاع التركي السوري وأن الكل كان يحذر من الغزو السوفييتي لتركيا مؤكدا انهم يحاولون بعد انتهاء تلك الفترة الحرجة إعادة الصلة بين الجغرافيا وأنهم تعرضوا لعملية غسيل دماغ حول التراث العثماني مطالبا بعدم النظر إلى الخلف.

وحول التحولات التي يشهدها العالم والمنطقة على وجه التحديد قال الوزير التركي: إننا أمام مشهد جديد ويتوجب علينا فهم التحولات جيدا وخاصة ما يتعلق بمنطقتنا وهذا هو أساس سياستنا الخارجية التي تتعلق بمواجهة التحديات القائمة ومن الشواهد على ذلك هروب البوسنيين والشيشان إلى تركيا إبان الصراعات الداخلية وهذا ما جعلنا دولة جديدة وهم يقولون: إننا السبب في ما حل بهم لأننا جعلناهم مسلمين ثم تخلينا عنهم وأصبحوا عرضة للتنكيل ولذلك نقول: إننا لا نستطيع تحويل الجغرافيا والتاريخ.

حضور تركيا اللافت في ساحات الصراع

وردا على سؤال حول حضور تركيا اللافت في ساحات الصراع الدولية والاقليمية بين الوزير أوغلو أن علينا فهم منطق الأحداث من حولنا من أجل التعامل معها فما يحدث في فلسطين والعراق والبوسنة والشيشان ليس بعيدا عن تركيا وسياستنا الخارجية محكومة بالعديد من المبادئ منها الموازنة بين الحرية والأمن حتى لا نكون بين خيارين لا ثالث لهما وهما حكم التكنوقراط أو الفوضى وكذلك لا بد من بناء علاقات جوار حسنة وتقليل عدد الأعداء.

موضحا أن الماضي كانت تحكمه علاقات عداء، أما اليوم فإن الشراكة والصداقة مع الجميع هي ديدننا ونحن نعمل على ترتيب الأمور مع جيراننا بدءا من بلغاريا حتى سورية مرورا بإيران واليونان.

وحول ما تمتاز به السياسة الخارجية التركية قال نحن لا نعتمد سياسة انتظر وراقب, بل تحرك دبلوماسي بسرعة وأن تكون الخطوات محسوبة بدقة, وتعامل مع الحدث حتى قبل حدوثه, كما أننا لا نقيم علاقات مع أحد على حساب آخر, ونحن على اهبة الاستعداد لتقديم المساعدة للآخرين.

مشيرا إلى أنه ذات يوم قال لوزيرة خارجية امريكا هيلاري كلينتون ان هناك 22 دولة تقع في محيط انقرة البالغ الف كيلومتر, في حين يرتفع العدد إلى 75 دولة اذا ما توسع المحيط ووصل إلى ثلاثة آلاف كيلومتر وهذا غير موجود بالنسبة لواشنطن او نيويورك.

الإنجازات التركية

وبين أوغلو أن تركيا تقع في مركز آسيا وهي محط أنظار الجميع ولديها مسؤولية تاريخية لا تستطيع التهرب منها, وهذا ما جعلها تنشغل في كافة الصراعات في المنطقة وهي البانيا والبوسنة والعراق والمفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل وسورية, ولبنان وهناك تنافس شديد بينها وبين القوى العظمى حول العلاقات مع المنطقة.

مؤكدا أن العلاقات التركية مع روسيا ليست بديلا عن العلاقات مع الاتحاد الاوروبي, ومع ذلك فإن تركيا ترى أن علاقتها مع روسيا استراتيجية وعليها تنميتها لأن روسيا شريك استراتيجي لها, كما ان العلاقات التركية مع الغرب ليست بديلا عن العالم العربي, وأن تركيا ترغب بلعب دور محوري في القضايا العالمية, ولديها حضور دولي قوي, وقد حصلت على 153 صوتا في الأمم المتحدة, وهي عضو مراقب في الاتحاد الافريقي وأسست قبل سنتين المنتدى التركي العربي.

مؤكدا أن وجوده مع وزراء الخارجية العرب ليس غريبا ولا يشعر انه ضيف بينهم, منوها إلى ان لدى بلاده علاقات متميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي. ولديها أيضا مبادرات تجاه افريقيا, وسفارات في دول امريكا اللاتينية, ودبلوماسيتها العالمية قوية.

تركيا المعاصرة

وفي معرض حديثه عن تركيا المعاصرة بعد الحرب الباردة قال الدبلوماسي التركي الأول أن بلاده مرت ابان الحرب الباردة بفترة حرجة, صحيح ان جيشها كان قويا لكن معدتها كانت خاوية بسبب الازمة الاقتصادية, وقيل ان الاتحاد السوفييتي سيغزو تركيا, لكنها تجاوزت المحنة وأصبح لديها جيش قوي ومعدة ملآنة وقلب سليم.

مؤكدا ان الأتراك سيحافظون على هذا الوضع فهم الآن يحتلون الرقم 16 في اقتصاديات العالم والسادس في أوروبا وستكون تركيا من أقوى اقتصاديات العالم في العام المقبل, وهي الآن قوة مؤهلة وهذا يساعدها في بناء علاقات قوية مع الآخرين.

مؤكدا أن المفتاح السحري لذلك هو حرية الاتراك وبناء الثقة بالنفس للشعب لأن الثقة بالنفس هي الاساس, ولهذا يرفع الأتراك صوتهم عاليا, ورغم انهم لم يتوصلوا لحل جذري لجميع مشاكلهم, لكن الثقة بالنفس مكنتهم من انجاز الخطوة الاولى.

الوساطة التركية بين العراق وسورية.

ولدى اجابته على سؤال حول قبول سورية والعراق وساطة غير عربية قال الوزير أوغلو أن هذا هو سؤال كل العقود, بيد أنه أوضح أنه يرد على ذلك بالقول لماذا لا نتحدث عن علاقة حسن جوار

متسائلا ايضا من الذي سيتأثر بالوضع السوري العراقي نحن ام السودان والمغرب على سبيل المثال? ومن لديه علاقات قربى مع الحدود العراقية السورية ان الحرب تؤثر علينا ولذلك علينا التفكير بعدم وجود الحدود, والعمل على تتبع الحراك البشري.

السلام مع سورية

واكد اوغلو ان السلام مع سورية أفاد تركيا كثيرا, وجعلها تقوم بإبعاد جيشها عن الحدود وكذلك تعاملت مع الالغام التي كانت مزروعة على جانبي الحدود, لأنها اصبحت تعيش مرحلة امن وامان.

مشيرا إلى ان بلاده قامت بإرسال وحدات من الجيش التركي إلى لبنان ضمن قوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيم) اصحاب القبعات الزرقاء بالتشاور والتنسيق مع سورية.

العلاقات العربية التركية

وحول العلاقات العربية التركية قال أوغلو إنها ممتازة وهي قائمة على التعاون والتنسيق, وأن التبادل التجاري يشهد اتساعا ملحوظا بين الجانبين كاشفا أن الميزان التجاري عام 2002 كان 8 ملايين دولار لكنه قفز إلى 37 مليار دولار حاليا أي انه تضاعف نحو خمس مرات في سبع سنين, وكل ذلك بسبب الثقة والتنسيق والتعاون, ورسالتنا الآن: هناك عالم جديد خال من الاستعمار والحرب الباردة, ونحن بحاجة إلى تعميق التعاون حتى الاندماج, كما اننا بحاجة للأمن والاستقرار الاقتصادي والعيش المشترك والا نكون عبيدا للأجندات الخارجية, وألا ننافس احدا في الاقليم ولا نسعى لشطب أحد والإحلال مكانه. كما اننا لسنا عثمانيين جددا, ولا نفرق بين هذا وذاك, ولا نتعامل مع الآخرين حسب حجم دولهم, فنحن واقعيون ونتمنى الاستقرار لكل دول الإقليم.

التعاون مع مصر

وأوضح على سبيل المثال أن التعاون مع مصر سيخلق استقرارا إقليميا عريضا من إفريقيا الى آسيا، وكذلك روسيا بالنسبة لآسيا الوسطى مؤكدا أن ما حدث إبان العدوان على غزة لم يكن تنافسا مع مصر.

وأشار أن بلاده اتصلت مع مصر وسورية حول كيفية مساعدة غزة, منوها أن ما قامت به ليس علاقات عامة. كما انها اقنعت حركة حماس بالذهاب إلى مصر. مشددا على عمق العلاقات الأردنية التركية القائمة على الاحترام المتبادل وديمومة التنسيق والتشاور بين قيادتي البلدين الصديقين الحكيمتين مؤكدا ان الجانبين متفقان على رؤى ثابتة وواضحة لحل الصراع الدائر في المنطقة وأنهما يشهدان تنسيقا عالي المستوى في المحافل والساحات الدولية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد