كلنا نسعى للخير والتقرب لله في شهر رمضان المبارك، ففي هذا الشهر الفضيل يسعى الجميع إلى فعل الخيرات، إلا أن البعض لا يحسن الوصول إلى الجهات التي يقدم لها ما تجود به النفس، كما أن هناك أولويات وجهات تستحق الدعم والمساعدة كونها أكثر حاجة وأكثر فائدة للمجتمع، ولأنها مدعمة بتزكيات العلماء والمشائخ الذين نقبوا في مقاصد تلك الجهات، فإن المتبرع يكون قد وجد الطريق الأفضل والأكثر شرعية، وفي بلادنا المباركة أنشئ الكثير من الجمعيات الخيرية التي تفتح أبوابها لاستقبال إسهامات أهل الخير، وهناك الكثير من الوسائل والأساليب التي تسهل لطالبي الثواب وكسب الحسنات تحقيق رغباتهم بدءاً بإعلان أرقام حسابات تلك الجمعيات أو فتح الاسهام في اقامة مشاريع منتجة استثمارية تدر ريعاً لتلك الجمعيات الخيرية تساعد في الصرف على مشاريعها وأعمالها الإنسانية.
في هذه الأيام المباركة التي تنشط فيها الجمعيات الخيرية للتعريف بأعمال لدفع المتبرعين لدعمها وقد تلقى المواطنون سيلاً من المطبوعات ومن الإعلانات التي جميعها تستحث أهل الخير للوقوف مع هذه الجمعيات ومساعدتها على تنفيذ برامجها وهذا النشاط التعريفي يشيع ويزيد من مساحات الاهتمام بالأعمال الخيرية، إلا أنه يظل وقتياً إذ ينشط في المناسبات الدينية وخاصة في شهر رمضان المبارك إلا أنه يخفت في الأيام الأخرى ومع هذا فإنه الأفضل ومن المستحسن أن يكون منطلقاً لتأسيس ثقافة ترتكز على إشاعة عمل الخير والتحبيب به من خلال توطين وتوسيع ثقافة المجتمع من خلال جعل فعل الخير والتطوع لعمل الخير وحث أفراد المجتمع على فعله والانغماس به جزء من ثقافتهم وحياتهم اليومية حتى يصبح جزءا من مقومات المجتمع، وبما أن الناس والمجتمع بكل فئاته يكون أكثر تفاعلاً وأداءً لدور إذا ما فهم وعرف فائدة ما يقوم به وما يسهم به فإن أفضل ما يجب أن تقوم به الجمعيات الخيرية هو العمل على تأسيس ونشر ثقافة عمل الخير والعمل التطوعي لنشر وتعميم فعل الخير، ويكون عمل الخير أفضل وأكثر تأثير كلما اتسعت مساحته وكثر المساهمون في أدائه ولهذا فإن أفضل طريقة لتعميم ثقافة فعل الخير وإشاعة التطوع هي إشراك الجميع في فعل الخير، وعلى الجمعيات الخيرية إن أرادت تحقيق هذا الهدف النبيل استنباط آليات وأساليب بسيطة تتيح للجميع مشاركتها في أعمالها من خلال إعطائهم الفرصة للمشاركة في تقديم خدماتها من خلال تقديم ما تجود بها أنفسهم وبما يستطيعون القيام به من أعمال تطوعاً لمساعدة الجمعيات في إيصال خدماتها للجميع.
من الجمعيات الخيرية التي نجحت في تحقيق هذه المعادلة البسيطة جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، فمن خلال تعاون طيب بين الجمعية الخيرية وشركة الاتصالات STC أطلقت خدمة SMS من خلال إرسال رسالة عبر الرقم 6050 تجعل المرسل يقدم تبرعاً 12 ريالاً عن شهر كامل وهو قيمة وجبة واحدة لشهر كامل وهو ما يتيح لكل إنسان مقيم على أرض هذا الوطن المعطاء من سعوديين ومقيمين ولكل من يبحث عن فعل الخير ومساعدة المحتاجين وخاصة الذين يعانون من الفشل الكلوي هذه المشاركة الشاملة هي التي ستؤسس لثقافة إشاعة الخير وإعطاء الفرصة للمشاركة في الخير.
jaser@al-jazirah.com.sa