ما ها هو عيد الفطر يطل بعد أيام بمودة، ليذكرنا على نحو هادئ بأنه العيد العالمي الذي تسعى شعوب الأرض المسلمة من خلال أيامه الثلاثة أن تزرع بذور الفرح، وتشيع في أفق الحياة ألوان الفأل المبهج، سعياً إلى ودٍ عميم، ومحبة تفيض من قلوب المسلمين في شرق الأرض وغربها.
وبما أن عيدنا على الأبواب أعاده الله علينا وعليكم باليمن والمسرات فإن الفرصة مناسبة للحديث عن كثرة أعياد العالم واحتفالاته ومناسباته وكرنفالاته، فلو قسمنا هذه المناسبات على أيام العام لأصبح لدينا في كل يوم عيد أو عيدان أو ثلاثة على نحو أعياد النصر، والأم، والطفل، والورد، والحرية، وأيام الأرض والعامل والمعلم والتلميذ والمحارب والمحامي والطبيب والمزارع والحطاب وما إلى ذلك.
إلا أن أبرز هذه الأيام هو يوم العمال، حيث لا يزال يحظى باهتمام واسع، وكذلك يوم الجندي، أما أرق هذه الأيام أو الأعياد، وأكثرها عاطفة ورونقاً هو ما يعرف ب(عيد الحب) الذي يفرد له يوم كامل رغم الجدل الدائر حوله بين معارض ومؤيد، ولا ننسى بالطبع يوم (الصحفي) العالمي، أو عيده الذي يتذكر فيه أن مهنة المتاعب ما زالت محافظة على تعبها وشقاء أهلها.
لكن بعض الأيام نتمنى أن تكون حاضرة ولو لنصف يوم أو ربعه رغم ما يزاحمها من مناسبات ولاسيما تلك التي يمنح فيها الطلاب والموظفون إجازات رسمية على غرار عيدي الفطر والأضحى المباركين، وكذلك الأيام، أو الأعياد الوطنية، إلا أن كثرة هذه المناسبات والأيام، وتداخلها قد تتعارض مع بعضها بعضا، فيلغي بعضها بعضها الآخر، نظراً لأهمية المناسبة ودورها في حياة الناس.
المهم في أمر هذه المناسبات أن جلها حديثة عهد، وميلادها في الذائقة جديد، وقد تفرض وجودها بين الناس حينما تكون ذات صبغة شعبية، لا تكلف شيئاً، وقد تكون لمجرد التذكير بأمر مهنة ضرورية في حياة المجتمع كعيد الحلاقين، والجزارين، والفخارين، والنجارين، أو ما قد يذكر الناس بأي عمل مهني قديم.
وربما تكون هذه الأيام والأعياد هي من قبيل تخليد لذكرى قوية في الذات، فمن المهم مثلاً أن نخترع نحن أي مناسبة تذكرنا بماضينا وحقيقة وجودنا، فهناك أشياء جميلة في حياتنا تحتاج إلى مناسبة نتذكرها فيها ك(يوم الطين ( الذي قد نتذكر من خلاله بناء مساكن أهلنا الطينية الخالدة في الوجدان، أو يوم القربة، أو الزير العالمي، أو يوم الجمل وما إلى تلك الذكريات والمناسبات.
فالفكرة جميلة في أمر هذه الأيام، أو الأعياد أو المناسبات - ولنسميها بأي اسم مناسب - فهي التي تعيد لنا رسم تفاصيل الحياة التي عاش فيها الأهل، وتواصلوا مع الحياة بكل جمالياتها، وآلامها، فصنعوا من هذه الأدوات البسيطة هذا المنجز الإنساني الذي يستحق الاحتفاء به.
Hrbda2000@hotmail.com