Al Jazirah NewsPaper Monday  14/09/2009 G Issue 134500
الأثنين 24 رمضان 1430   العدد  134500
الرئة الثالثة
وا لهفي علي عيدكِ يا (مشيّع)!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

 

كان العيدُ في مهد طفولتي (مشيّع) العسيرية ذات زمان.. فرحاً كلّه، أولُه وأوسطُه وآخره!

* كانت فرحتُه.. مطرزةً بالعفويّة والطُّهر والجمال!

* كان كابتسامة الطفل.. براءةً..

* وكعزف المطر.. عذوبةً..

* وكإشراقة الفجر.. ضياءً..

**

* كنتُ وأترابي من الأطفال في ذات الزمان والمكان نفرحُ بالعيد.. لكنه ليس كفرح أهل هذا الزمان والمكان!

* يومئذ.. كانت النفوسُ عامرةً بالحب.. وكانت القلوبُ غامرةً بالقناعة.. وكانت العقولُ نقيةً من الإثرة والطمع وحبِّ المال حباً جماً!

**

* كنّا نفرحُ بالعيد.. لأنه موسمُ فرح ولا شيء سوى الفرح، ولأن وعينا بما حولنا.. ومن حولنا من أهل الأرض لم يكن يتجاوز حدودَ القرية التي كانت تحتضنُ ابتساماتنا وآهاتنا وخفقات قلوبنا!

* لم يكن يعكّرُ صفاء فرحتي صباح العيد سوى الألم تأثُّراً ب(حزام) الحناء في الكفين والقدمين اتباعاً لتقليد قبلي قديم، كان يصعبُ بسببه لمسُ شيء ويكاد يتعذر معه السير.. والحذاءُ جديد! وقد بلغ بي الضيقُ حِدة ذات ليلةٍ لذات عيد، أن صِحْتُ بجدتي العجُوز (حرم جدي لأمي)، رحمهم الله جميعا، أن تكُف عن تكبيلي (بأغلال) الحناء، وكأنَّ لسان حالي آنئذٍ يقول: (العيدُ ينفعُ يا جَدَّة بلا حناء)!

**

* لم تكنْ هناك صحفٌ تنغِّصُ هناءنا ب(وجبات) الحزن اليومي من كل مكان، القريب منه قبل البعيد!

* ولم تكن هناك (فضائياتٌ) تربطنا ب(موَّال) الحدث السياسي المريع منه والسخيف.. لحظةً بلحظة! أو تداعبُ غرائزنا (فقاعاتُها الدرامية)، من شرقية أو غربية، فتلهينا عن أنفسنا ومنْ حولنا.. وقد تصبح هي حديث يومنا وساعتنا.. بل ولحظتنا!

**

* كنّا (نجْهل) الكثيرَ مما تلدُه الأيامُ الحُبلى من الخطوب في كل مكان!

* ولذا : كنّا أنقى سريرةً.. وأصْفى بالا.. وأسعد وجدانا!

**

* فإذا جاء العيدُ.. تجدّدت في أفئدتنا لهفة الاجتماع بسببه: فرحاً ومشاركةً وحضوراً وغدا العيد.. حديث ساعتنا ويومنا.. بل ولحظتنا!

**

* اليوم يذهبُ المرء منا يوم العيد لزيارة قريب أو صديق في بعض مدننا أو قرانا.. فإذا هي قَفْرٌ.. أو شبهُ قفْر، وإذا المنازلُ تفترش الصمت! وإذا الطرقات.. تستسلم لوحشة الراكب والسائر.. وعابر السبيل! وتتساءل في عجب: أين ذهب الناس؟ فيرتد إليك الصوت حزينا وهو يقول: (إنهم نائمون).. نعم. نائمون.. واليوم عيد!

**

وبعد ...

* فإنني بهذه الكلمات المعدودات.. لا أنعي فرحة العيد.. فهو أسمى من ذلك! بل أنعي فهمنا له.. وتعاملنا معه، وتفريطنا بصحوة الفرح فيه!

**

عيدية!

* إلى وطني الغالي وقيادته الحكيمة أيدها الله وشعبه الوفي الأمين.

* إلى كل أم أو أب أثكلهما الحزن فقداً لحبيب.

* إلى كل أرملة.. صادر منها الموت لحظة فرح.. وأطفأ في وجدانها.. شمعة رجاء!

* إلى كل قراء هذه الزاوية الكرام.

أزف باقات من الفرح بعيد الفطر المبارك.. وكل عام.. والكل بألف خير.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد