Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/09/2009 G Issue 13499
الأحد 23 رمضان 1430   العدد  13499
شيء من
نظام الرهن العقاري والضرورة الملحة
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

في منتصف السبعينيات من القرن الميلادي المنصرم أوجدت الدولة (صندوق التنمية العقاري)؛ لإقراض المواطن قروضاً إسكانية، وأخرى استثمارية، دون فوائد. الصندوق ساهم آنذاك مساهمة فعالة وحاسمة في امتصاص أزمات السكن، ووفّر للمواطن فرصاً لتملك مساكن استفاد منها قطاع كبير من المواطنين. غير أن هذا الحل - أعني إقراض مؤسسة حكومية للإسكان دون فوائد - كان حلاً وقتياً، لا يمكن أن يستمر؛ فتزايد أعداد المواطنين، وبالتالي المحتاجين إلى الإسكان، جعل الصندوق لا يستطيع (عملياً) أن يواكبَ تزايد أعداد السكان؛ الأمر الذي جعل دوره يتراجع مع الوقت، وفي الوقت نفسه تعود مشكلة تمويل الإسكان إلى (التفاقم) من جديد.. وهذا يُثبت - بالمناسبة - أن الحلول التي لا تأخذ في الاعتبار التطورات المستقبلية، وعلى وجه الخصوص تزايد أعداد السكان، ولا تهتم إلا (بزمنها)، يُحيلها التطور والتغير إلى حلول فاشلة؛ صلاحيتها في الماضي لا تعني صلاحيتها للحاضر، ناهيك عن المستقبل.

لذلك كان لا بد أن تنتقل مهمة تمويل الإسكان من القطاع الحكومي إلى (القطاع الخاص)، مثلما هو حاصل في كل بلاد الدنيا. وهذا - بالمناسبة - يؤكد أن الذين يتذرعون (بخصوصية) مجتمعنا، و(اختلافه) عن المجتمعات الأخرى في التعامل مع المشاكل الحياتية، ليسوا (مخطئين) فحسب، وإنما هم مثل الطبيب الذي يكتفي بوصف حبة (بندول) لعلاج مرض الضغط مثلاً؛ فتختفي الأعراض الآنية، لكن المرض قد يتفاقم ويتجذر؛ ليُصبح سبباً لأمراض أخطر قد تودي بحياة المريض.

نظام (الرهن العقاري) هو الحل، أما صندوق التنمية العقاري فيجب أن نحيله إلى (المعاش) مثلما أحلنا (تلفون أبو هندل) إلى المعاش بعد أن تجاوزه الزمن، وانتهت صلاحيته، غير أن هذا النظام لم يحظ من الحكومة - للأسف الشديد - بما يوازي أهميته (كحل) لمعضلة يُعاني منها أكثر من 70% من مواطني المملكة، إذا ما أخذنا بالتقارير التي تؤكد أن هناك أكثر من ثلثي السكان في المملكة لا يملكون مساكنهم.

وكما يقولون فإن إصدار نظام الرهن العقاري المقترح يُعيقه إضافات أجراها مجلس الشورى على النظام، حسب الرأي الذي (يقطع) بسريان الربا الحرام في المعاملات البنكية التقليدية، مع أن هناك آراء أخرى - كما هو معروف - تنفي (شبهة) جريان الربا في مثل هذه المعاملات. وهذا في تقديري لا يُبرر تأخير إصداره؛ فطالما أن القضية قضية خلافية وليست قطعية فالأولى أن يصدر بصيغته المقترحة، قبل إضافات الشورى؛ فمن رأى أن هذا النظام قد يشوبه (الحرمة) فأمامه ما يُسمى بالصيرفة الإسلامية التي يستطيع أن يتموّل من خلالها، ومن رأى (الحِل) فيجب أن تتاح له الفرصة، ولا تتبنى الدولة رأياً معيناً طالما أن القضية من أساسها (قضية خلاف).

يقول وزير العدل الدكتور محمد العيسى في لقاء له مع جريدة (الحياة) عندما كان نائباً لرئيس ديوان المظالم عن كيفية الحُكم بمخالفة بعض الأنظمة في المملكة للشريعة ما نصه: (هذه المخالفة يجب أن تكون صريحة تماماً ولا تقبل الجدل ولا النقاش، وعليه فمن الصعوبة بمكان إيجاد مادة نظامية تخالف نص الكتاب والسنة أو أياً منهما مخالفة صريحة (بإجماع) علماء الأمة. وقد انعقد الإجماع على أنه: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو المعصوم في ما يبلغه عن ربه، ورحابة نصوص الشريعة الإسلامية في الفهم والاستنباط تضاف بلا شك لخصوبة مادتها وتؤكد على يُسرها).

وهذا تماماً ما نطالب بتطبيقه على مستوى الممارسة وليس الشعار.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد