Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/09/2009 G Issue 13499
الأحد 23 رمضان 1430   العدد  13499
المنشود
اغتيال التفوق!!
رقية سليمان الهويريني

 

وصلتني رسالة من طالبة تعليقاً على مقال (إحباط هيا) تقول فيها الطالبة سمية: تحدثتِ عن وضع كثيرٍ من خريجات الثانوية الباحثات عن قبول في الجامعة. ولامستِ جرحاً في نفسي، فقد تخرجت من القسم العلمي بتفوق، وبمعدل تراكمي 99.40 وهو معدل عال، أليس كذلك؟! درستُ في مدرسة أهلية، لم نستعن بالملخصات لنختبر فيها نهاية السنة، مثلما ذكرت في مقالك، بل كنا نسهرُ الليالي، نطويها دراسة ومذاكرة، وبرغم أننا نجتهد ونتعب، كنا نستمتع في مدرستنا. فهي صورة مختلفة عما عُهِد في المدارس، فقد علمتني الجدّ والمثابرة وطرق البحث المتطورة، وترسيخ القيم. وكشفت عن مواهبي المكنونة! وهيأتني لمستقبلي وجعلتني أنظر له بلا ضبابية. وبسبب هذا النموذج الرائع كرهتُ التعميم في مقالك، ولم أقبله!

حصلتُ على معدل 83% قدرات، و75% تحصيلي، وقدّمتُ لجامعة الملك فيصل في الأحساء مقر سكني. وسجلت في ثلاث رغبات من أصل ست (كلية الصيدلة، وكلية الحاسب الآلي، وكلية الطب) ولم أرغب التسجيل في باقي التخصصات الأخرى! وبعد أسبوع انتظارٍ وترقب، أُُعلنَت الدفعة الأولى، ولم أُقبل فيها، وشعرت بالإحباط كثيرًا؛ ليقيني بالقبول، بفضل الله ثم تفوقي، وأعلنت الدفعة الثانية والثالثة ولا شيء والرابعة الأخيرة، ولا أملَ يلوحُ في الأفق! وتصوّري أن النسب الموزونة المطلوبة لا تتغير، وتستطيعين الدخول على بوابة القبول في الجامعة لتري ذلك!

بعدها قدمتُ لبرنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي. وإن لم أقبل فيها - وكل شيء متوقع - سوف أسافر على حسابي أو سأدرس في جامعة أهلية تقدّر طموحي وجهدي! فلا أقبل إجباري بالتسجيل في كلية العلوم التي أكل الزمان على مناهجها وتخصصاتها وشرب! فأنا لم أجتهد وأثابر لأدرس تخصصاً بائسًا! وقريبٌ مني نماذج كثيرة، لكن النتيجة واحدة.

ما أريد قوله أن هيا وزميلاتها لا يُقارنَّ بنا لتحصيلنا درجات أعلى منهم على الأقل! ومع ذلك لم نُقبل، وهذا ليس غرورًا فكل شيء بكرم منه وفضل. لكنني تعلمتُ من أمي ومدرستي والحياة كلها، وأؤمن كثيرًا بأن (البقاء للأقوى) وها نحن، تعبنا واجتهدنا، وحرمنا أنفسنا من أشياء كثيرة، لإصرارنا أن نكونَ الأقوى، لنخدم ديننا، ووطننا، ولأجل شهادة تجدر بنا، وتليق بعائلةٍ تعبت كثيرًا وضحَّت لنبلُغ أعلى القمم، فخذلناها، أو أن وطننا العظيم خيب أملنا حين قابلَنا بهذا الجفاء، وحطم أحلامنا، فتهاوت طموحاتنا على عتبات الجامعات.

احملي يا أستاذتي عَزائي لزميلتي هيا آجرني الله وإياها في مصيبتنا وجميع مَن هن في مثل حالنا! وأخبريها أن هناك متفوقات لم يستفِدن من تفوقهن، وتم استبعادهن من القبول في الجامعات.

ولا يختلف الأمرُ سواء في المدارس الأهلية أو الحكومية التي هي أقرب للسجون بشدتها وصرامتها، فالطالبة تذهب للمدرسة وقد تعود باكية فتصبر وتتحمل. فكثيرٌ من الناس غير قادرين على دفع أقساط مدارس أهلية في ظل وجود مدارس حكومية تفي بغرض التدريس، ولا يهمها احترام الإنسان وتقدير عقله! وبرغم العذاب النفسي، والقلق والاضطراب، حصلنَ على نسب عالية ولم تحقق رغباتهن في القبول، أرأيتِ؟ الأوضاع مختلفة، والنتيجة واحدة! انتهى

***

وأما ما أريد قوله لابنتي سمية: لو كانت لي قدرة لكنتِ ضمن المقبولات، ولكنك لم توسعي الاختيارات ولو وضعت اختيارات أكثر لحصلت على القبول ومن ثم التحويل لتخصص مرغوب لك.

والوطن لم، ولن يخيّب أمل أبنائه فيه قط، فلا زال جوادا كريما. وها هي منح خادم الحرمين الشريفين في الجامعات الأهلية داخل المملكة وفي تخصصات كثيرة وتقبل المتفوقين. وأرجو أن تكوني من المقبولات في الدنيا والآخرة. فكم سمية بمثل نضوجك وجمال أسلوبك!

rogaia143 @hotmail.Com
ص. ب 260564 الرياض11342





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد