Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/09/2009 G Issue 13499
الأحد 23 رمضان 1430   العدد  13499
عادت (حليمة)!..
حمَّاد بن حامد السالمي

 

* حليمة.. ليست هي حليمة، ولا حليمة، ولا حليمة..!

* حليمة.. ليست هي (حليمة بولند)، الشابة الكويتية الجذابة، وصاحبة (مسلسلات حليمة)، التي تعرض على التلفزات في ليالي هذا الشهر الفضيل.

* وحليمة.. ليست هي (حليمة مظفّر)، الأديبة والكاتبة السعودية المعروفة، التي تنشط في مجال الأدب والنقد، وتسببت في تحريق خيمة الشعر في الجوف، وتصافح القراء بما تكتب من مقالات شائقة في الصحافة.

* وحليمة.. ليست هي حليمة الشهيرة في الفلكلور الحجازي الذي غناه أكثر من فنان، وأشهرهم الفنان الطائفي (عبد الله محمد) رحمه الله، الذي كان يردد اسمها في أماسي المصيف الحالمة ويقول: (حليمة.. حليمة.. خيطي ثوبي الملّة.. جديد النقوش.. اليا لبسته يسليني.. يا وارد الما واسقني شربيت).

* حليمة.. هي (محور رمزي)، لمثل شعبي شهير، يتردد بين أهل الخليج والشام ومصر، ويوجد عند غيرهم من المجتمعات العربية.

* يقولون في الشام وفي المملكة: (عادت حليمة لعادتها القديمة).

* ويقولون في الخليج: (ردت حليمة لعادتها القديمة).

* وجد أهل الشام، القصة التي تؤصل وتفسر لهذا المثل في موروثهم الشعبي فقالوا: كانت الصغيرة حليمة؛ طفلة لعوب، لم تبلغ الحلم، وككل الصغار، فإن عندها عادة (تبليل) الفراش كل ليلة، إلا أنها ما لبثت أن شبّت، مما جعل الأهل يظنون أنها تركت عادتها القديمة، وصارت من أجمل الفتيات اللائي يتمناهن الأمير والفقير، إلا أن حليمة أحبت وسيما معوزا، وعملا بالقاعدة المعروفة في وسطها، أسرّت ذات يوم لأمها أن قد: (نضج البلح يا أماه)، فكان لها ما أرادت. ولما حضر موكب الزفاف، لم تخرج حليمة من حجرتها. استبطأها العريس وأهله، فلاذوا بأمها يسألون، عسى ألا تكون قد غيرت رأيها بابنهم الوسيم المملق، إلا أن الأم همست فيهم وهي تتلفت يمنة ويسرة وقالت: يا ناس.. لا تفضحونا.. (عادت حليمة لعادتها القديمة)..!

* أهل الخليج في تسويغهم وتسويقهم لهذا المثل قالوا: (كانت هناك امرأة اسمها حليمة، تقوم كل يوم في الصباح، وتسرح بالغنم في الجبل.. وكانت كل ما وصلت قمة الجبل، صاحت بأعلى صوتها كأنها مجنونة، وتشتد في الصياح حتى يسمعها من في الوادي.. كانت تعمد إلى هذه الطريقة كل صباح يومياً لمدة شهرين، وكان الناس يسمعونها ويدعون لها، وهم يظنون أنها مجنونة، وبعد هذين الشهرين، تعبت حليمة من كثرة الصياح، ووقفت لمدة يومين. فرح الناس وارتاحوا من صياحها، ولما جاء اليوم الثالث، صعدت حليمة الجبل من جديد وصاحت، فسمعها واحد ممن كانوا في الوادي وقال للجماعة حوله: (ردت حليمة لعادتها القديمة).

* إنه مثل شائع، يضرب لمن كان له طبع سيئ تعوّد عليه. يتظاهر بتركه، ثم يعود إليه.

* وحليمة - حليمتنا - يمكن أن تطل علينا عبر منافذ عدة في حياتنا اليومية دون أن تستأذن. لأنها تملك القدرة على تبليل الفراش أو الصياح، وقت ما تريد، ثم تتوقف عن هذه العادة وقت ما تريد، ثم تعود إلى عادتها القديمة، وقت ما تريد.

* لم أجد أذكى ولا أشرس من (حليمتنا) هذه.. رأيتها قبل العدوان الإرهابي على الأمير (محمد بن نايف)، وهي تجلد ظهور المثقفين والكتاب في هذا البلد.. تعمل فيهم تسفيهاً وشتماً، وتصف بعضهم بالغراب، وتحرض على قتل (الغراب) لأنه فويسقة..! أو تبذل كل جهد، لتشويه صورهم، وتدس برخص عليهم، وتستعدي عليهم، وتتهمهم بالعمالة، وبزيارة السفارات، وبالقبض منها أيضاً، ولا تتورع أن (تبصق) على الكل دون حياء أو خجل، أو تمسك عصاها، فتهبد هذا وذاك، وتدوش هذا وذاك، وتزغل هذا وذاك، وتلجِّن وتُبرِّك من تشاء، وتقصف عمر من يرفع أرنبة قلمه لنقدها أو التعرض لها.

* ما إن وقع الاعتداء الآثم، وارتفعت بوصلة الحمية الوطنية في وسط الكتاب الموسومين في قاموسها الأسود بأنهم: (علمانيون وليبراليون وتغريبيون وشهوانيون)، حتى همدت (حليمتنا) وخمدت. لم تقل شيئاً يذكر. هي بكل تأكيد، تفهم في السياسة، ولديها خبرة حركية سابقة. تعرف متى تحني رأسها للريح، حتى تمر العاصفة، ثم ترفع رأسها من جديد، وتمد لسانها، وتلدغ وتعكص كما تريد. لم تستنكر الجريمة الأثيمة. يا سبحان الله.. كأنها لم تسمع بها..! ولم تهاجم الأقلام الوطنية كما هي عادتها في وقتها، مع أن جيناتها الكامنة في لجينياتها، أرعدت وأزبدت وهددت، ربما خفية عنها، فقد قالت الجينات الكامنة في لجينياتها العنكبوتية: (إنه لا بد من التنبيه إلى مسار جديد، وورقة بائسة سيلعب بها (حملة الفكر التغريبي البراجماتي النفعي الذرائعي)، الذين سيستخدمون هذا الحدث القذر، لضرب معالم التدين في بلادنا، واستخدام المنهج الخفي، ليرسلوا للعامة رسائل إيحائية من طرف خفي وجلي، أن هذه الحوادث ثمرة الفكر المغروس في مناهجنا، ومراكزنا التربوية، ومؤسساتنا الخيرية، وحلقات قرآننا، وقنواتنا الفضائية المحافظة، وهم بذلك يكشفون مبيتاتهم في استهداف الخير وحملته، الذين هم أبر الخلق بالوطن وولاة أمره، دينا لا مجاملة، واعتقاداً لا محاباة، وهو مقتضى الطاعة التي أخذها الله عليهم تجاه ولاة أمرهم، في العسر واليسر، والمنشط والمكره).

* يا لها من ذكية.. حليمة وبس..! ردت كرة (المنهج الخفي)، إلى مرمى غيرها، بكل بساطة..!

* ومن طرف آخر، ظهر صوت عن (حليمتنا) الكامنة، يهدد ويتوعد كل من يستغل الحادث لتغيير مناهجنا.. ونطقتها (حليمتنا) على لسان المتحدث دون أن تعي - ربما - فقالت: (لن نسمح) جماعة..! ففهم الناس أن وراء (حليمتنا)، حليمات لا عد لها ولا حصر..!

* لم يكد يمر أسبوعان، حتى آنستنا (حليمتنا).. عادت حليمة لعادتها القديمة..! ظهرت مخالب حليمة، وأنياب حليمة، ولسان حليمة، ومهباد حليمة، وزغلال حليمة، وانتشرت مجاميعها البريدية عبر البسيطة، تنشر غسيلها القذر على كل الدنيا.

* عادت (حليمتنا) من جديد، مثلما كانت قبل حادث العدوان، تمارس هوايتها أو غوايتها، في تضليل الناس، وفي تجهيلهم وتوهيمهم والتشويش والتدويش عليهم، بغية إشغالهم، وصرف أنظارهم عن الأخطار الحقيقية المحدقة بالبلد، جراء استفحال الفكر التكفيري، وعمليات طلبنة المجتمع، وفرض الوصاية عليه، وإضعافه وإنهاكه، وسلب خيريته، وتمكين الأعداء منه في نهاية الأمر.

* عادت حليمة لعادتها القديمة. من أحب أن يتأكد منكم، فلينظر ما تكتب حليمة في منتدياتها وصحافتها ومواقعها الإلكترونية، وما ترسل به من رسائل عبر منابرها الخطابية، وقنواتها الفضائية، وما تبعث به من مواد تحريضية وتضليلية، عبر مجاميعها البريدية التي تسميها إسلامية.

* عادت (حليمة)، لكي تبلل الفراش، وتصيح من أعلى الجبل..!!



assahm@maktoob.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد