Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/09/2009 G Issue 13498
السبت 22 رمضان 1430   العدد  13498
لما هو آت
مطلق الحرية وقيدها..
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

في مدرسة رمضان صغاري، يتعلم الإنسان المعنى المطلق المقيد للحرية، ويمارسها في ضوء مطلقها ومقيدها؛ فالحرية المطلقة للمرء في عبادته, واهتبال ساعات يومه وليله لممارستها، حتى الوصول عزماً وأداءً إلى الاعتكاف دون أن يكون لأحد سلطة المنع أو الكسر, لهو أبعد مساحات الحرية الذاتية؛ فكبح كل انفعالات المرء وتقييدها بصوم مطلق لله تعالى عن أي فعل خادش لهذا الصوم؛ أي الامتناع الذي يتم برضاء مطلق ومتناه في السعادة والامتثال, لهو تمثيل دقيق وفاعل لقيود الحرية وإطلاقها، يتم ذلك في مداري الذات والآخر، فيما عين الله تعالى ترقب، ومشيئته تعالى تُقَدِّر ما لهذا المرء عند الله من القبول والرضاء والمثوبات...

إن هذا الدرس الذي تتلقونه صغاري في رمضان, تتعلمون منه كيف ومتى تبدأ حدود قيود حرياتكم تجاه أنفسكم فلا تظلمونها، وتجاه الآخرين فلا تتعدونها.., وفي البدء تجاه طاعتكم مناط حصادكم،..

ثم متى تنتهي هذه الحدود المقيَّدة، تبدأ حريتكم في الإيغال بكل ذرة في تكوينكم للطاعة, والتعبد، والتهام الوقت ونهب ساعاته, والركض في مضماره صلاةً, وصدقةً وإيثاراً, ورحابةً وكلمةً طيبةً, وفعلاً حسناً...

فحين تملكون زمام رغائبكم في الطاعة، فإنه منتهى التملك لمطلق الحرية الذاتية، فيما الوصول إلى غاية القدرة على الوقوف عند خيط الحد بين ما لكم وما عليكم فيها، يكون مطلق القيد لها..

هذا أحد دروس تتلقونها في رمضان، لن يتحقق لكم فهم دلالات حروفها ومفرداتها, ما لم تمارسوها بوعي، وتتفكروا فيها بإدراك..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد