أبو نايف أمير في العقد الرابع من العمر، ولد في أحد أحياء جدة الهادئة، وترعرع وتعلم في مسقط رأس آبائه وأجداده الرياض. طفولته تنذر بقدوم مروءة نادرة وإقدام منقطع النظير..اتجه إلى الأفق العلمي خارج الوطن ليعود بمزيج فريد بين الأصالة التاريخية والسلاح العلمي، لكنه شرب عن أبيه القائد المحنك حب البطولات والعظماء وسيرة الملك المؤسس التي عشقها حتى النخاع.
أحب أن يناديه الملأ أجمعين (بعضد الأمن) نسبة لوالده (رجل الأمن الأول، ورغم شموخه وانشغالاته المتزايدة فإنه يحب أن يعيش في أجواء البسطاء والضعفاء.. ليحس بتطلعاتهم ويرصد قدراتهم..
لقد روض الجلد، وتعامل مع الرجل والولد.. تحسبه لا ينظر إليك.. لكنه قد أبحر أبعد مما أنت عليه.. تظنه لم يعرفك وهو الذي عرف نسبك وحسبك وأصلك وفصلك.. يمهلك لكنه لا يدعك حتى يشفي غليلك ويلامس فحيح صدرك..
باختصار وبكل تواضع إنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية حفظه الله ورعاه.
الوطن إشراقة المدى، الوطن تسامي الروح، الوطن إنكار الذات.
هكذا تعلمنا من الأمير الشهم (الهرم الأمني الأول) نايف بن عبدالعزيز.. هكذا أكدها ذلك الأمير الحالم الشهم محمد بن نايف بن عبدالعزيز..
ولكن.. من منكم لا يزرع هذا الإحساس في قلوب أبنائه؟!
من منكم لا يروي قصة المجد بدموعه ودمائه، من منكم لا يشمر عن ساعديه بندائه، بينما الجهل حين يطبق على فئة ضالة يبدأ في نخر أركان وطنيتهم الصلداء ليفتك بآخر عاطفة وطنية شماء!، والضال (وهم كذلك) يخيّل إليه أنه يعرف كل شيء عن أي شيء.. فيكون عدو نفسه وعدواً للآخرين (لأن ثقته برجاله الأكثر منه جهلاً) تجعله لا يفرق بين اللعب بالحجر واللعب بالنار، والجاهل حينما يتحول إلى (مُنظّر تحت عباءة الدين)، فإنه لا ينجح إلا مع آفاق مثله كما هو حال أولئك الضالين، والمُكفّر لا يقترب أبداً من أناس قانعين وواثقين من أنفسهم وإنما يبحث عن الإنسان الضعيف المهمش الذي يعميه جهله وتمرده ونكرانه للجميل عن رؤية فخ ذلك الآفاق الذي ضلل به!.
وقديماً قالت العرب: (إنما الحيلة في ترك الحيل) وحيلة أولئك تولد في يوم وليلة، وتموت في ساعة وضحاها.
والخائن الخارج لا يقف بجانبه أحد عندما يتخلى الناس عنه، ولا يثبت أحد بجواره عندما يظهر شر فعله بنفسه، ولا ينطق أحد باسمه عندما يكون النطق باسمه جريمة نكراء، ولن يدافع أحد عنه عندما يكون الدفاع عنه خيانة.. ولن يجد فص الألماس الذي زعمه في جبل الزجاج الذي خُيّل إليه.
أتعلمون لماذا؟ لأنهم لا يستطيعون أن يضعوا إعلاناً في الصحف بطلب أصدقاء حقيقيين! ولا يستطيعون أن يدفعوا خلو قدم لكي تحبهم الناس؟، ولن يقدروا على وضع مواصفات الرجال المخلصين المؤمنين الصادقين لجلبها من أي مكان في العالم!
فالخائفون لا ينتصرون، والمقيدون بالنقص لا يقاتلون، والمحبطون في تطلعاتهم لا يتأملون، والجبناء لا يتقدمون البتة، والله أعلم وأدرى بخفايا الصدور وتقلبات القلوب.. وما العباد إلا شهداء صدق في أرضه.
هذا المرض (الدخيل) على أمتنا ومجتمعنا ووطننا القائم على الخيانة، المضمحل بالحقيقة.. هذا المرض المسمى (بالإرهاب) يجب أن نكشر الأنياب لحربه، يجب أن نزرع مخالب الأسود في أكفنا للدفع به نحو الهاوية، ويجب أن نصرخ في وجهه بأن الوطن أعز وأكرم وأجل من كل هذا الإجرام المفتعل غدراً وهذا الكره المفروض غباء وهذا النكران المسفوك هواناً، وهذا الفعل المحرم شرعاً.
بالأمس ومع بداية فئة الضياع نادت أصوات ضالة.. إنك متهم لو انتقدت الحال الضائع لهم!، ومشكوك في وطنيتك إن تحدثت عن أسباب هذا التعنت والتنطع!، ومكروه حتى النخاع لو سوّل لك فكرك انتقاد الوضع التكفيري الخاطئ، بل أنت أحد (المهندسين).. ليصل الحال بك إلى أن تمنع من دخول صوالين الذكر لتلاحقك الشتائم عن يمينك وعن يسارك.. ومن بين يديك وخلفك، فتنعت بالباطل من القول.. وتبهت بالخبث والهول لمجرد استشعارك مرض الجسد التكفيري المترنح منذ البداية.. ومحاولة الوقوف في وجه تلك الشرذمة قبل النهاية!
وربما وضعك أحدهم على سكين النقد.. يستلذ بأكل لحمك في غيابك، وكما قيل قديماً (قوّال ليس بفعّال يداري ضعفه بضجيجه).. لتكون بين أمرين أحلاهما مر!! إما أن تصمت إكراماً (لوطنك وطن العز) فيدنس سيفك.. ويغلب أمرك.. وتكون كما هي الشاة التي تسوقها العصا.. ومن من؟.. من النطيحة والمتردية وما أكل السبع، أو أن تطلق العنان لجوارحك فتبتر الجزء من جسدك حتى يسلم الكل، ولما كان الأمر كذلك.. فقد عزمنا أمرنا.. وصممنا آذاننا.. وجردنا أقلامنا.. وأشهرنا سيوفنا.. ووقفنا لحمة واحدة أمام هذا الطغيان من تلك الشرذمة، وتركناهم يستلذون بأكل لحومنا في غيابنا، ويتمادون بنكران الجميل بالجحود وسندعهم كذلك، شريطة أن نجتث هذه الفئة حتى لو تركت ندوباً صغيرة على سحنة الوطن الأعز وحكامه الأكارم.. فإما أن يكون صلاحهم عاجلاً غير آجل أو أن يموتون غير مأسوف عليهم.. أقسم أن يموتون غير مأسوف عليهم.
فسيد الأمن ورجله الأول (نايف بن عبدالعزيز).. لم يندم حين أعلن ذات يوم عن موقفه باحتواء التائبين منهم لأنهم أدرك أن العمل الجاد له رجاله ونجاحاته ومواقعه التي لا يتوقف عند نكران رجل واحد أو فئة هاملة أو القيام بمهمة واحدة صلداء قابعة خلف حدود المكان والأزمنة!!
ولم يتأخر نائب الأمن (أحمد بن عبدالعزيز) حين نصب الأشرعة ونادى باجتثاث الشرذمة وتحطيم بوق الفتنة، ولم يتوان الأمير المحبوب (محمد بن نايف) حين بات يضرب بيد من حديد لذلك (الخوار الأجوف) المليء بالثعابين والعقارب دون أن يتناسى أن العفو من صفات الكرام وشجاعة الفرسان.. ولم نكن نحن الشعب المحب لولاة أمره لنقلل من شأن المخلصين الذين فادوا بأرواحهم من أجل اجتثاث هذه الفتنة حتى لو كانت في آخر لحظات الرحيل المر!؟، لأنه كيان وطن، وقصة مجد ولحظات شموخ.. وهل ينتظر الولاء منا إذناً لاكتساح كل هذا النكران وتلك الأزمات! أناشدكم الله هل ننتظر الوطن أن يدخل في عروق أجسادنا عنوة دون تشريع! بالله عليكم أجيبوني هل نضب معين إدراك أولئك وباتوا صوتاً للنشاز وأصبح قرارهم سادياً أعوجاً. نتناً، أيوجد صوت في غار أجوف!؟، أيوجد أنين في جسد أشعث!!. عودوا معي إلى تلك الأرواح التي أزهقت دون ذنب اقترفوه أو فعل مارسوه.. ألا تظنون أن أرواحهم الطاهرة لن تغادر إلا بعد الأخذ بالثأر.. ثأر التبشير بالقتل للقاتل ولو بعد حين.
يا لهم من متخاذلين وجبناء أولئك الذين هزلوا فأبكوا فكانت دموع ألمهم ونسيانهم سوداء حالكة السواد!
(والله عليم بالظالمين).
تلك الفئة.. أجهد أفرادها فكرهم الضال فكانوا الضائعين في صحراء التيه!!، وأجهدهم فكانوا يحسبون السراب ماءً، ثم أجهدهم فاستبقوا لمكان مقفر.. تراوغ الخطى فيه الأدمع!!.
يحتارون في أمرهم فلا يجدون من حيرتهم حلاً، يفكرون في وضعهم ثم ينادوا فلا يجيبهم إلا من أعتاد الكبوات وتعود الهفوات، فقصة السقوط أو نهاية النهاية لأولئك السفلة.. الشرذمة الفجرة.. أو شكت على أن تكون قد حانت.. فما ينزفه القلب تكتمه الأفئدة لتمزقه الجوارح، لأنهم يتلاشون.. يختفون.. ثم يموتون واقفين.. دون حراك!
بينما النبلاء في وطني يتساءلون.. يتحاورون.. يتناظرون من المستفيد من وراء كل هذا؟ والغيورون في وطني يصمتون إجلالاً.. وعيونهم تذرف بكاء مراً لأن يد الآثم من صنع الوطن وهل يغدر المرء بمن مد له يد العون والإحسان والجود!؟، فقد قال قادة الفكر الضال لسفهائهم الجهلة إنها مسألة وقت.. والطريق إلى الجنة ليس بهذه السهولة، فأجلسوهم القرفصاء ينتظرون لحظة الغدر بفارغ الصبر.. فألفانا (صنيعهم) برمة رجل دميم الخلقة كريم العين.. أعرج القدمين.. يتكئ على عصا الانتظار.. يتسبق فاجعة الأيام.. ولا ندري كيف نصف أي فاجعة وطنية قذفنا بها أولئك.
أيها الوطن.. ها أنت تستقبل غدر أبنائك الجهلة الذين طالما أعطيتهم وأغدقت عليهم بكل الخذلان والنكران والألم والنسيان، لكننا المخلصين عشقاً تستقبلهم بدموع حارقة وهموم كالحة وعيون آسفة قد قطعنا على أنفسنا عهداً أن نقول بصوت واحد (وطن يحيا وشرذمة تموت)!؟، (فالموت حياة من أجل الوطن يا أولي الألباب).
وهم ينغمسون ويتشبعون بالجهل والتعصب المستتر علانية والثمن المدفوع سراً والدم المسفوك هواناً، ومن الصعب أن يفرق أولئك بين المجرم الضال.. والمخلص الواعي، فالمجرم الضال (وهم كذلك) يعرف كل شيء عن أي شيء، ولكن المخلص الواعي يعرف أشياء كثيرة عن أشياء قليلة!!، والمجرم (وهم كذلك) يتكلم ثم يفكر!!، بينما المخلص يفكر ثم يتكلم!!، المجرم الضال (وهم كذلك) كتاب ضخم صفحاته بيضاء.. فارغة.. مهمشة!!، والمخلص الواعي كتاب صغير مليء بالأفكار والحكم والأدب، المجرم الضال (وهم كذلك) عالم.. ومنظّر.. ومفسّر أحلام.. ومشرع.. وعالم فقه!!، والمخلص الواعي واحد من هؤلاء فقط. المجرم الضال (وهم كذلك) عدو نفسه وعدو للآخرين!!، والمخلص الواعي صديق نفسه وصديق الآخرين أيضاً. ومن صفات المجرم الضال (وهم كذلك) أنه لا يثق إلا في الأشخاص الذين هم أكثر منه إجراماً لأنفسهم وجهلاً لحقيقتهم.. فهو لا يستعين بالخبراء الواعين والمتدينين المعتدلين ليعوضوا جهله.. ولكنه يستعين دائماً بمن هم أقل كفاءة وعلماً وخبرة وجهلاً منه.. ليبدو هو البدر بين النجوم والمصباح الكهربائي بين أعواد الكبريت!؟
ولأن الإجرام والجهل توأمان لا يفترقان.. فإن أبرز صفات المجرم الجهل وأبرز صفات الجاهل الإجرام (وهم كذلك)، فإن قدر لك (لا قدر الله) ووضعت مجرماً جاهلاً على رأس أكبر عملية مفاوضات في العالم فلا بد أن تسقط المفاوضات وتقلب الطاولة ويرفع الجميع أيديهم إلى السماء!!، وإن أدار هذا المجرم الجاهل عملاً توعوياً للناس.. فهو قادر على أن يفعل به أكثر مما تفعله القنبلة الذرية من حيث التأثير على الأشخاص الأكثر منه جهلاً وتمرداً!!؟
وعيب المجرم الجاهل (وهم كذلك) أنه لا يكتشف أبداً أنه المسؤول عما يجري لأبناء جلدته الذي ينتمي إليهم في الفكر والعمل.. فهو يجد دائماً شماعة يعلق عليها أخطاءه البليدة!!
ومن أجل ذلك فإننا نحتاج لدعاة معتدلين.. متعلمين.. مدركين خطر اللعب بالنار وخطر التغرير بأولئك السفهاء أكثر من حاجتنا إلى مدعين ونافخي بوق!!، نحتاج إلى خبراء ودارسين وباحثين ومتخصصين يتعلمون من تجربة (عضد الأمن) أكثر من حاجتنا إلى متصعلكين ومتشردين في أروقة التدين المقنع بالخديعة والكذب.
باختصار هم ثلة شحت بهم عرى الدين والتدين فتشبثوا بها بعد أن أخفوا أنهم فتية فعل الذئب بهم ما لم يفعله بيوسف!؟، أما أولئك الداعمين لمثل تلك الصبية من الإرهابيين والمجرمين السفهاء الذين باعوا دينهم ووطنهم وأنفسهم فنقول لهم: إن جارنا الحلاق يستطيع أن يفتح البطن كما يفتحها أكبر جراح في العالم!؟، ولكن الجراح العالمي هو الذي يستطيع أن يقفل البطن المفتوح (بعد قدرة الله) أما جارنا الحلاق فسيستطيع إغلاق.. الأغلال التي ستوضع في يديه ورجليه معاً لجهله وتعنته كما هو ماضي وحاضر ومستقبل أولئك المجرمين!!، لأننا وطن وولاة أمر وشعب ماضون نحو اجتثاث تلك الشرذمة بإذن الله تعالى مهما كلف الأمر (ولن يفلح المجرمين).