المسافة بين نوايا الأمير محمد بن نايف والإرهابي المنتحر أثناء المكالمة الهاتفية التي جرت بينهما تكشف حرص الدولة على سلامة أبنائها وعودة الضالين منهم إلى جادة الحق وحضن الوطن من جديد. فقد كان الأمير محمد بن نايف ودوداً حنوناً في مكالمته مع المنتحر يريد له الخير ولوالديه بعيدا عن الصلافة التي نسمع عنها في مسؤولي وزارات الداخلية في العالم والتي هي انعكاس لطبيعة أعمال ومهام هذه الوزارات وأحياناً تجاوزاتها، فقد كان سموه حليماً رئيفاً، وهو الذي تحمل ملف الإرهاب بشائكيته وخطورته والتواءاته الاجتماعية والدينية والسياسية وتصدى لتفاصيله المتداخلة بحكمة وحنكة رزينة وعميقة تتكئ على الصرامة في وقتها والرأفة والمناصحة حين يتطلب الأمر، حتى ذهبت صولة المنتحرين الرعناء وجفت أغلب منابعه، في المقابل بيّت المنتحر نيته الملوثة بالدم والمكر على الجريمة والاعتداء، هذه المكالمة وماتبعها من خيانة سوداء وجريمة غادرة تختصر المفارقة بين وطن يعمر الأرض بالخير وفئة باعت عقولها لوهم الجهاد الضال في تضاد وتعاكس لابد فيه من القوة الحازمة المستمرة مع تلك الشأفة الشاذة ديناً وثقافةً، وطن فتح الباب مفتوحاً لكل موطن لأن يقول ويقترح ويبادر ويراهن على المستقبل، ومجموعة من المجانين تتغذى على الظلام والتخفي أفقدها عدم الاتساق مع التطور الفكري والحضاري للوطن عقولها وراحت كهوام ضالة تتساقط في هالة النور.
الأمير محمد بن نايف رأس الحربة ضد الإرهابيين ورجل الأمن المتسلح بالإيمان وحب الوطن قدم أنموذجاً لكل مواطن في التضحية من أجل الذود عن قبلة الإسلام والدفاع حياض الوطن وهذا ليس بغريب منه ولا هو جديد فهو حفيد أسد الجزيرة العربية ومؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه -، وما حدث للأمير الباسل هو أيضاً عبرة لمن سبّل عقله لأفكار منحرفة لترتع فيه وتوجهه نحو الانتحار كيفما شاء نزقهم وجهلهم وأحقادهم العمياء، فالمسافة بين الإرهابي المنتحر وبين الأمير محمد بن نايف كانت مسافة قصيرة إلا أن الله كتب النجاة للأمير وفي ذلك درس رمضاني لهؤلاء التائهين في غي الكفر والدم والذين لم يراعوا قدسية الشهر الفضيل وبادروا فيه بجريمة ردت في عقولهم العفنة قبل صدورهم القذرة، وعضوا يداً ممدودة بالسلام كم كانت حانية على ذوي المنتحرين وكم بادرت بالخير والبر، ولها في خدمة الوطن ما لا يمكن حصره وعده.
ذهب المنتحر أشلاءً في زبالة التاريخ وبقي الأمير محمد بن نايف في شمال قائمة الوطن وما تلك المشاعر الجياشة التي أظهرها المجتمع السعودي والمجتمع العربي والإسلامي إلا دليل على الإسلام الحقيقي الذي حرم قتل النفس وتدمير منظومة المجتمع بالفوضى بعد أن فقدوا بوصلة الانتظام في سياقه الحضاري، تلك المشاعر المحبة ستكون وقوداً وعوناً لأميرنا المحبوب الذي فدى بنفسه كل مواطن سعودي وكل منجز حققه الوطن، ولباقي جنود الوطن للاستمرار في جث جذور الإرهاب وملاحقته بالنصح والدعاء والقوة، سواء قوة السلاح أو قوة الإرادة في بناء الوطن والاستمرار في مسيرة بنائه، فالبناء المستمر مدعاة لقتل نوايا الهدم وهي السلاح الأقوى والأكبر لعزل الإرهابيين في دائرة الخزي والخسة وخارج إطار الحضارة الإنسانية العظيمة رغماً من هؤلاء المخربشين الصغار.