لم تكن ليلة الجمعة الماضية السابع من رمضان ليلة هادئة عادية كسائر الليالي الهادئة ففي تلك الليلة وفي ظرف سويعات قليلة حدثت أمور قلبت الموازين، ولم يكد ينفلق نور الصبح في ذلك اليوم إلا وأصبح سمو الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية حديث وكالات الأنباء الإخبارية ويتصدر الصفحات الأولى من الجرائد وشاشات القنوات الفضائية في جميع أنحاء العالم بدون استثناء.
|
سبحان الله، إنهم يتحدثون عن نعمة عظيمة، ومنة كبيرة، بل عن كرامة جليلة حصلت للأمير محمد بن نايف بعد .
|
محاولة غدر فاشلة، ومحاولة يائسة، بقنبلة حاقدة، ولكن كانت العناية الإلهية سابقة.
|
صوت قوي هز الأركان، وأفزع القلوب وصم الآذان، لحظات وانكشفت الغمة وزالت الكربة وانكشف عن أشلاء متناثرة، وأوصال ممزقة، قادها عقل منحرف، وساقها فكر منغلق، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه.نعم انكشفت الغمة وزال الغبار عن عقول سقيمة كانت تخطط ونفوس مريضة كانت تدبر، للنيل من مهندس الحرب مع الخوارج بل من أمن واستقرار هذا البلد الطيب المبارك ولكن {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}.
|
إن مثل هذا الحدث الخطير لا ينبغي أن يمر هكذا دون تأمل ووقفات.
|
فأما أولى هذه الوقفات: حماية الله سبحانه وتعالى لهذه البلاد وما حصل لسمو المساعد من الحفظ والصون إلا خير شاهد وأكبر دليل على ذلك مع ما ذكره أهل الخبرة في المتفجرات من أن مثل هذا التفجير في الغالب لا يسلم منه أحد في محيطه ولكننا نتذكر عندها قول الله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} قال المفسرون أي: بأمر الله، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هم الملائكة يحفظونه بإذن الله حتى إذا جاء القدر خلو بينه وبين القدر.
|
ونتذكر عندها أيضاً أيها الاخوة قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) ونتذكر قوله تعالى:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}وقوله {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ}.إن ما حصل لسمو الأمير قد حصل مثله لجده المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله في الحرم الشريف يوم أن تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في عام 1353هـ حفظه الله منها، إذن فهم لا يراعون حرمة للزمان ولا حرمة للمكان، والله المستعان.
|
|
ما إن انتشر خبر نجاة سموه من محاولة الغدر الفاشلة إلا والاتصالات تنهال على سموه وعلى قادة هذه البلاد من كل مكان لتهنئتهم بسلامة سموه حفظه الله وكذلك انهالت التهاني عبر رسائل الجوال وكذلك ما امتلأت وتزينت به صفحات الجرائد من نشر ما فاضت به مشاعر كثير من الناس من الشركات والمؤسسات والأفراد على جميع المستويات يعلنون فيها جميعاً الحمد لله على ما تفضل به ويؤكدون فيها وقوفهم جميعاً في وجه الإرهاب وقبيح الانحراف.
|
إن هذه الصورة العظيمة من صور التلاحم لتعطي رسالة واضحة وقرينة دامغة إلى أعداء الدين والوطن بأن أبناء هذا الوطن وشعبه متلاحمون متماسكون لا تزيدهم هذه المحن وهذه الفتن إلا ترابطاً والتفافاً حول ولاتهم وقيادتهم وعلمائهم وإصراراً على مواصلة المسيرة في نشر التوحيد والسنة ومحاربة أهل الضلال والبدعة.
|
|
لماذا وقع الاختيار على سمو الأمير محمد بن نايف بالذات؟
|
|
إن الجواب على هذا يكمن في أن سموه قد أفشل مخططاتهم وأخرجهم من جحورهم بسمو أخلاقه وعلو تعامله ورحابة صدره.. وجزيل كرمه.
|
نعم لقد كان سموه على تنسيق واتصال دائم مع السلطات الأمريكية سعياً لإعادة الشباب من سجون غوانتنامو ومن ثم يبادر بالاتصال على الآباء والامهات والعجائز في البيوت قبل الفجر يبشرهم جميعاً بدخول الطائرة الخاصة التي تحمل أبناءهم إلى الأجواء السعودية وانه بعد قليل ستحط طائرتهم على أرض الوطن الذي طالما اشتاق إلى عودتهم بعد فراق دام ست سنوات أو أكثر لتلتقي الأسر بأبنائها في موقف يعجز اللسان عن وصفه، والقلم عن خطه، تختلط فيه دموع الفرح بحرارة العناق، وتلهج فيه الألسن وترتفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل بأن يحفظ هذا الأمير وأن يبارك فيه فاستجاب الله دعاءهم.
|
فلماذا ينقمون عليه إذن؟ لأنه تكفل بتزويج أبنائهم وتحمل نفقاتهم بل وحضر بعض زواجاتهم، وإن لم يتمكن من الحضور فإنه يرسل من ينوب عنه في تقديم التهنئة مشاركة لهم في أفراحهم واعانة لهم على أعبائهم.
|
من الذي سدد الديون عن المسجونين التي أثقلت كواهلهم حتى عمن تورطوا في أعمال الداخل بل وصرف مكافآت مقطوعة لأهليهم ومرتبات منتظمة مما يحقق لهم العيش الكريم باستقرار وطمأنينة؟
|
أليس هو الأمير الذي استهدفته يد الغدر والخيانة لولا حفظ الله؟
|
من الذي أمر بإعادتهم إلى وظائفهم وعلى نفس مراتبهم بعد أن طوى قيدهم وأوقفت رواتبهم؟
|
من الذي تبنى فكرة المناصحة والرعاية والتأهيل لتنظيف الأدمغة والعقول مما علق بها واعادة تأهيلها لتصبح أعضاء نافعة تخدم دينها ووطنها وأمنها؟.
|
من الذي هيأ لبعض من سلموا أنفسهم سكناً خاصاً وأثاثاً فاخراً ومرتباً مناسباً وسيارة فارهة بسائق خاص لحضور جلسات المناصحة والتوجيه، وقضاء الاحتياجات الخاصة؟
|
أبعد هذه الأعمال الجليلة والأخلاق الجميلة يكون الجزاء أن تمتد يد الغدر إلى أحد رموز هذا الوطن؟
|
إن أنت أكرمت الكريم ملكته |
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا |
|
ترى من يقف خلف هذا كله؟ فليس من المناسب أبداً أن نشجب ونستنكر ونحذر من خطر مرض أو وباء ما دون أن نتطلع إلى معرفة ما هي أسبابه وما هي مظاهره وكيف يكون علاجه؟.
|
إن الجواب على مثل هذا التساؤل يحتاج إلى جرأة في الطرح وشفافية في المعالجة وأما الدمدمة ومحاولة التشنيع على الفعل دون معرفة من يقف خلف هذا العمل ويدعمه ومن ينظر له وما هي الكتب التي تروج له ومن هم الدعاة الذين لهم صلة بهذه التوجيهات وما هي أساليبهم في إيصال هذا الفكر أقول هذه الدمدمة إنما هي محاولة لتشتيت الانتباه وصرف العيون عن السبب المباشر والجاني الحقيقي.
|
وما خبر القبض على الأربعة والأربعين أمنياً في الأيام الماضية أغلبهم ممن يحمل شهادة الماجستير والدكتوراة مع مرتبة الخيانة العظمى إلا خير شاهد على ذلك فلم تعد المسألة مسألة شباب غرر بهم بل أصبحنا نقف أمام أصحاب شهادات عليا وتخصصات دقيقة في فن التغرير بالناس فقد رأينا في كتب بعض منظريهم من يقول (ولا يبعد القول بأن مصلحة العمل الإسلامي قد تقتضي أن يقوم فريق من رجاله ببعض هذه الأعمال الجهادية، ويظهر النكير عليها آخرون).
|
إذاً لا تستغربوا كيف يحمل بعض شبابنا مثل هذا الفكر فقد سمعوا شريطاً يقول صاحبه (وأرجو أن تكون أفغانستان هي نواة الإسلام الأولى).
|
لا تستغربوا كيف يقومون بمثل هذه الأعمال في الداخل.وقد يزول العجب أيها الاخوة عندما تعلمون أن هناك أكثر من سبعة آلاف موقع على الانترنت يغذي الفكر المنحرف وتحتضنه ستون شركة مستضيفة فضلاً عن وجود أكثر من ثلاثة وثلاثين كتاباً مبثوثة على الشبكة تروج وتعلم بطرق مؤصلة لمثل هذه الأعمال الحقيرة والأفكار الخطيرة دون أن نجد ردوداً عليها سوى ما لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة وبجهود شخصية.
|
إننا أمام جيش من الحاقدين والحاسدين يتحين الفرصة ويتربص بنا الدوائر سواء من أبنائنا أو من غيرهم وإن العلاج لمثل هذه المعضلات لا يمكن أن يكون في يوم وليلة أو بين عشية وضحاها فإن أبجديات هذا الفكر المنحرف التي يرتكز عليها في تبرير أعماله ينبغي أن تفند وتفضح ويرد عليها بنصوص الكتاب والسنة الذين هما مصدر التشريع ودستور هذه البلاد المباركة وفهم السلف الصالح فلا تعدو هذه الأبجديات سوى نصوص لويت أعناقها لتوافق ما في نفوسهم وتتطلع إليه طموحاتهم وهذا هو دور العلماء والخطباء والمعلمين والمعلمات في كشف هذه الشبهات وفضح هذه المخططات وإيصال الفهم الصحيح لهذه النصوص إلى الناس قبل أن تتلقفهم شباك القاعدة وفخاخ أهل الأهواء فتصطادهم بضلالاتها.ولا ننسى دور الآباء وأولياء الأمور في وجوب المحافظة على من تحت أيديهم ومن ولاهم الله رعايتهم فالواجب عليهم النظر فيما يقرأ أولادهم وماذا يستمعون وماذا يشاهدون وبمن يحتكون ومن يصاحبون فلا يكفي إحسان الظن بكل من تظاهر بمظهر الخير والصلاح لتمرير فكره الخطير إلى أبنائنا وفلذات أكبادنا ليصبحوا عبوات ناسفة تنتظر دورها عاجلاً أو آجلاً في مسيرة الضلال والانحراف.
|
الرياض |
|