المحاولة الغادرة التي تعرض لها سمو الأمير الإنسان محمد بن نايف مؤخراً جاءت لتفضح زيف شعارات هؤلاء الإرهابيين ودعاويهم ك(إخراج المشركين من جزيرة العرب)، وأظهرت بجلاء الوجه القبيح لهذا الفكر الدموي الذي طالما نبهنا إلى خطورته منذ وقت مبكر وفي رأيي أن التعامل معه ينبغي أن ينطلق من جذوره الفكرية بحكم .
أنه نتاج طبيعي لعملية الشحن وإلهاب المشاعر التي قام بها بعض رموز (الصحوة) ووعاظ الجهاد في زمن مضى، وحين كانت أشرطتهم وكتبهم وخطبهم (تلعلع) في كل مكان حتى خدعوا (السذج) والموتورين من شبابنا فانخرطوا ليكونوا (حطباً) لصراعات إيدلوجية وسياسية مشبوهة في شتى أنحاء المعمورة.
هؤلاء الوعاظ الذين زينوا لهم - أي للشباب - سوء عملهم، وراحوا يمطرونهم بنعوت الشهادة، والحور العين ورائحة المسك التي تنبعث من رفاتهم عند الممات.. هم المجرمون الحقيقيون، الذين يتحملون وزر ما آل إليه هذا الفكر التدميري من إفساد في الأرض، وترويع الآمنين.
فالفكر (القاعدي) فكر بدائي قائم على الدم والعنف وكراهية الحياة والمجتمع، وإني لاستغرب من بعض الطروحات التي ترى في محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف تحولاً في فكر هذه الجماعة لأن التاريخ يحدثنا على أن هؤلاء الخوارج ينطلقون في مخططاتهم إلى ترهيب الناس أولاً من خلال (الضرب) في المناطق الرخوة من المجتمع كالمجمعات السكنية وغيرها وصولاً في أهدافهم إلى القيادات التي تقف في وجوههم الكالحة بصلابة وإيمان تماماً كما كان الحال لجذورهم الأولية (الخوارج، والحشاشين، والجماعات الإسلاموية الأخرى).
وفي ظني أن التعامل مع هذه الجماعات بعيداً عن هذه الحقيقة سيقودنا إلى حالة مفرغة لا تضع حداً لهم.
المطلوب أن نبدأ بتجفيف المصدر عن طريق وضع حد للمتشددين و(الغلاة) الذين ينفثون سمومهم صباح مساء عبر المنابر المختلفة، ونشجع العلماء من ذوي الفكر الوسطي المعتدل الذي يبين سماحة الإسلام وإنسانيته، وصلاحه لكل زمان ومكان، وهو الفكر الذي قامت عليه هذه البلاد أصلاً منذ إنشائها على يد الملك عبدالعزيز يرحمه الله.
أما معزوفة التحاور مع هؤلاء القتلة، التي يدعو إليها باستحياء بعض المتعاطفين مع هذا الفكر التكفيري هنا وهناك، فهي (دعوة حق أريد بها باطل)، فالحوار كما نفهم يكون مجدياً مع متحاورين يملكون رؤى متحدة في الأصول ويختلفون في الفروع.
يبقى أن أشير إلى حقيقة تاريخية غائبة عن هؤلاء القتلة وهي: أن جميع الحركات السوداء التي اتخذت من العنف منطلقاً لتحقيق مآربها منيت بالفشل الذريع، فلم تستطع الوصول إلى مبتغاها، ولم تقوض حكماً، أو تفتت دولة على الرغم من جرائمهم البشعة عبر التاريخ، حمى الله بلادنا من كل سوء.
alassery@hotmail.com