ارتفعت حرارة الجو السياسي في بغداد بين انفجارات شديدة اتجهت نحو السيادة العراقية في عدد من مراكز الحكومة متمثلة بوزارتي الخارجية والمالية ومحاولات عديدة لاغتيال مسؤوليها ابتداءً من وزير التخطيط وحتى عسكري يحرس نقطة تفتيش على الطرق العامة ناهيك عن تجدد الخوف والقلق الذي يعيشه أبناء الرافدين الصابرين!
وجاءت نتائج الانتخابات الخاصة بمجالس المحافظات كإشارة منبهة لكل القوى السياسية مذهبية وعرقية وليبرالية، وقد يكون صوت ناقوس الخطى أكثر قوة بين مجموعات الائتلاف الإسلامي الموحد برئاسة السيد الراحل عبدالعزيز الحكيم فتحرك أعضاء البيت الشيعي على اختلاف مراجعهم ليعيدوا تنظيماتهم الحزبية، وقد دامت هذه المحاولات المستمرة أشهرا للخروج من العمامة المذهبية وارتداء الزي الوطني العراقي وتشكل الاتلاف الجديد تحت غطاء الوطنية هدف كل مواطن عراقي ينشد تثبيت أركان الوحدة الوطنية والوجه العربي لعراق المستقبل وخشية من رفض الناخب لأي تكتل مذهبي طائفي يعتمد قراره السياسي من خارج حدوده الشرقية وبعجل أطاره الخوف تشكل الائتلاف الوطني الموحد من المجلس الأعلى الإسلامي والصدريين وتيار الإصلاح الوطني وكتلة التضامن وحزب الفضيلة ووضعت بعض الشخصيات الوطنية لتلوين هذا الائتلاف بالوطنية لمحاولة إقناع الناخب ببعده عن المذهبية!
وحاول العديد من أنصار هذا الائتلاف الجديد الالتفاف حول نجاحات ائتلاف دولة القانون برئاسة المالكي لإقناعه بالمشاركة بالوليد الجديد القديم الائتلاف الوطني الموحد ولضمان حصوله على الأغلبية البرلمانية القادمة إلا أن المالكي يعيش حالة من الزعامة الرئاسية للعراق القادم ولا يرغب في أي منافسة سياسية جديدة حتى من الصدريين الذين أوصله صوتهم إلى كرسي الرئاسة ومنصب القائد العام للقوات المسلحة العراقية! ووضع المالكي عدة مقترحات سياسية تضمن له التمديد في رئاسة الوزراء وتعطي لتكتله السياسي السيطرة الكاملة على قرارات الائتلاف الوطني الجديد ولخصها بنقاط أربعة قرار الرفض أقرب من قبول مؤسسي هذا الائتلاف حولها وأسهلها صعب على مكونات هذا الائتلاف وأهمها أن يمنح تكلته (دولة القانون) نسبة 51% من عدد المقاعد النيابية المتوقع فوزهم بها ليضمن استمرار ترشيحه لمنصب رئاسة الوزراء واستبعاد الصدريين لخشيته انتقامهم لما حل بفصائلهم في جنوب العراق، وأن لا يترشح الجعفري لرئاسة الائتلاف الوطني الموحد وقبولهم باعتماد النظام الرئاسي للطرق الجديد بدل المحاصصة الحزبية؛ أي أن تؤلف الوزارة في حزب الأغلبية البرلمانية!
وهذه شروط إعجاز للكتل السياسية المؤتلفة بهذا الائتلاف الجديد. وبوفاة السيد عبدالعزيز الحكيم من المؤمل تولي نجله عمار الحكيم لزعامة المجلس الأعلى الإسلامي أما زعامة الائتلاف الوطني الموحد فالتنافس يدور بين إبراهيم الجعفري وعادل عبدالمهدي وهمام حمودي أمين عام المجلس الأعلى الإسلامي.
ومع الاختلال الأمني المستمر يحاول المالكي أن يجدد اعتماد ائتلافه المسمى بدولة القانون على إسناد العشائر العراقية التي رجحت كفة قائمته في انتخابات مجالس المحافظات ومجالس الإسناد العشائرية تشكلت مؤخراً بقرار المالكي لدعمه في تنظيم سيل الأصوات الانتخابية نحو صناديقه ومن الملاحظ على زعماء هذه القبائل العربية نفورهم في التدخل الإيراني في الوضع الداخلي للمحافظات الجنوبية العراقية ويتمنون أي تقارب عربي نحو العراق! وسيأتي ائتلاف دولة القانون من تنظيمي حزب الدعوة تشكيل المالكي والموسوي وتكتل تجمع الوسط بزعامة الدكتور موفق الربيعي وصحوات الأنبار برئاسة أبو ريشة وكتلة المستقلين بزعامة وزير البترول الشهرستاني والعديد من المستقبلين الذين يسعون للمقعد النيابي محاطين بسلطة الحكومة ممثلة بشخصية المالكي!
ومن جهة أخرى تحاول الكتل الوطنية الليبرالية العربية تقريب وجهات النظر من أجل خوض الانتخابات البرلمانية القادمة منتصف شهر يناير لدخولها بتكتل وطني ليبرالي واسع ومؤلف من كتل عديدة وقد برز على المسرح السياسي تكتل تجمع الوسط الوطني بزعامة محمود المشهداني ونديم الجابري وهو تحالف من المستقلين السنة والشيعة تحت المظلة العراقية الوطنية مؤيدين من كافة الطبقة الصامتة المستقلة ويمثلون طبقة واسعة من المواطنين العراقيين الرافضين للطائفية والعرقية. وتكتل آخر تتسرب تحركاته إعلامياً برئاسة إياد علاوي وطارق الهاشمي من الحزب الإسلامي والحزب الدستوري ومن المنشقين عن قيادته الجديدة وكتلة الحوار الوطني بزعامة صالح المطلق وكتلة صالح العليان والعديد من العشائر العربية من الموصل حتى البصرة ولو تحقق ظهور ائتلاف سياسي بين تكتلي الشهداني الجابري مع علاوي والهاشمي والدخول للانتخابات البرلمانية بقائمة موحدة لتحقق لهما العديد من المقاعد النيابية وشكلا كتلة برلمانية مؤثرة في البرلمان القادم.
أما الحزب الإسلامي بزعامة التكريتي يحاول تجميع عدد من مؤيديه للدخول للانتخابات باتلاف سياسي قوي إلا أن حظوظه ضعيفة في تشكيل كتلة واسعة ابتعاد المواطنين عن الأحزاب المذهبية. إن أهمية الانتخابات البرلمانية القادمة تأتي من تحديد اتجاه الحكومة القادمة وهل يستمر المالكي لمرحلة ثانية أم تأتي الأجندة الانتخابية بوزارة ائتلافية من الكتل السياسية صاحبة الأكثرية البرلمانية حسب عدد مقاعدها النيابية. المواطن العراقي الصامت والضحية المباشرة لتصارع هذه الأحزاب السياسية يتطلع إلى تشكيله حكومة مستقبلية وطنية تحقق له الأمن الضائع والخدمات المفقودة والوحدة الوطنية المنتظرة.
محلل إعلامي - عضو هيئة الصحفيين السعوديين
جمعية الاقتصاد السعودية