هذا الفيض من المشاعر النبيلة، وهذا التسابق بين المواطنين في إنكارهم لهذا السلوك غير السوي، وبمثل هذه العواطف الجياشة التي عبّر عنها المواطنون بعد أن فجعوا بمحاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف، ماذا يعني لنا أكثر من أنه استفتاء على تأييد أبناء هذا الوطن للسياسة الحكيمة التي تنتهجها حكومة المملكة وتتعامل بها مع أفراد الفئة الضالة، ومن أنه تعبير سخي وحقيقي وصادق عن محبتهم لمحمد بن نايف ومكانته في قلوب المواطنين.
***
على مدى أيام الأسبوع الماضي، ومنذ اللحظة التي تعرض فيها الأمير محمد بن نايف لمحاولة اغتيال فاشلة وإلى اليوم، ما زال تدفق هذه المشاعر الصادقة ينساب بازدياد، كما لو أن كل مواطن أراد أن يقول إنه المعني والمقصود بهذه العملية الإجرامية، ومن أنهم كما هو محمد بن نايف مستهدفون في هذا المخطط الإرهابي الذي يريد أن يضع المملكة في دوامة من عدم الاستقرار.
***
وما حدث - وهو مستنكر ومرفوض - يعلمنا الكثير من الدروس والعِبر، ويسقينا من المعلومات ما قد يكون بعضنا لا يعرف أن هذه الفئة الشاذة من المواطنين لن يرتاح لها بال ولن يهنأ لها مقام دون أن تفرغ شحنات حقدها الدفين وتوجهه نحو رموز الوطن معرضة حياتهم للاستشهاد حتى ولو كان ذلك على حساب حياة من يقدم على مثل هذه الأفعال الإرهابية من هذه الفئة الضالة.
***
ولا بأس أن يدفع الشرفاء والمخلصون من أبناء هذا الوطن العزيز حياتهم ودماءهم فداء للوطن ومن أجل راحة وإسعاد المواطنين، وبخاصة رجال الأمن الذين يقفون في بسالة وشجاعة وإقدام في جاهزية كاملة للذود عن حياض الوطن دون أن تهزهم أو تنال من إصرارهم وعزيمتهم أساليب الغدر والخيانة التي يقوم بها نفر منا دون أن يعطوا أي اعتبار أو تقدير لمن يمد لهم الأمان والتطمين فضلاً عن التسامح مع جرائمهم مثلما فعلوا مع محمد بن نايف بن عبدالعزيز.
***
وبقدر مكرهم وخداعهم، فقد أفشل الله مخططاتهم بأن أنقذ الله الأمير محمد مما كانوا يبيتونه له، من سوء فعل وتدبير، وأنجاه من موت محقق في معجزة إلهية ليكون ذلك عبرة لكل مخادع وكذاب أشر، بينما يتسامى هذا الأمير في نبل وشهامة وكرم وإخلاص ليتوجه إثر ذلك ورغم كل ما حدث لتعزية والد هذا المنتحر وأسرته، في بادرة مواساة إنسانية لا يقدم عليها إلا من هو بمثل صفات هذا الأمير النبيل.
***
وبالتأكيد فإن والد هذا المواطن الذي فجر نفسه، بينما كان قبل انتحاره في ضيافة الأمير وفي منزله آمناً ومستأمناً، يستحق مثل هذه المواساة من أمير شهم بل ومن كل المواطنين، إذ لا علاقة لهذا الوالد الذي عبّر في كلمات صادقة عن شعوره بالأسى والألم منذ لحظة معرفته بما حدث وإلى الآن بما فعله ابنه من جرم مشهود.
***
لقد شعر كل مواطن بالصدمة، وحين كان يتابع هذه التطورات المؤلمة، لم يكن أمامه إلا أن يعبّر عن تضامنه مع توجهات المسؤولين في التعامل مع هذه الفئة الباغية بلا شفقة ومن غير رحمة، حماية لحقوق الناس في حياة كريمة يسودها الأمن والاستقرار، ويملؤها الحب والوئام والتعاون الأمثل بين المواطنين والمسؤولين.
***
عاش الوطن عزيزاً وقوياً بلا غلو أو تشدد، تحميه إرادة الله، ويصون أمنه واستقراره الشرفاء والمخلصون الكثر من أبنائه، وطن لا مكان فيه لخائن أو مخادع أو كذاب أو متآمر، وإنما هو وطن الحب الممزوج بنبذ الكراهية والحقد وكل ما هو سلوك حقير وغير سوي.