Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/09/2009 G Issue 13491
السبت 15 رمضان 1430   العدد  13491
الجزيرة استطلعت عدداً من الآراء حول الجامعات الجديدة
التوسع بالجامعات حل أزمة القبول وحقق تنمية متوازنة في المناطق والمحافظات

 

الجزيرة - سعود الشيباني - منيرة المشخص

أشاد عددٌ من المسؤولين بدعم القيادة الرشيدة لمشاريع التعليم العالي الذي مكن وزارة التعليم العالي من التوسع بإنشاء الجامعات وحل أزمة القبول وتوطين التعليم الجامعي وتحقيق تنمية متوازنة في المناطق والمحافظات ونوه عدد منهم بخطة الوزارة التي بدأت بنشر كليات المجتمع في المحافظات ثم طورتها إلى مجمعات لكليات جامعية وشيدت منشآتها من فائض ميزانيتها على مساحات شاسعة حتى باتت نواة لجامعات المستقبل مثلما حدث في الخرج والمجمعة وشقراء.

وعدَّ عددٌ من المختصين والأكاديميين أن ذلك يعد نقلة نوعية وإضافية في سبيل تطوير التنمية الاجتماعية والاقتصادية وبالمناطق والمحافظات وفيما يتعلق بهذا الصدد طرحت (الجزيرة) هذا التساؤل: توسعت وزارة التعليم العالي في إنشاء الجامعات في المناطق والمحافظات مما أسهم في استيعاب خريجي الثانوية في مناطق إقامتهم. وكيف يرون انعكاسات ذلك على جوانب التنمية في المناطق والخدمات.

تحدث في البداية عضو مجلس الشورى الدكتور فهد بن حمود العنزي قائلاً: لا أحد يشك في أن قطاع التعليم بمختلف مراحله وبالأخص قطاع التعليم العالي يعيش نهضة تنموية شاملة ومراجعة دؤوبة من لدن خادم الحرمين الشريفين. كما أن حكومتنا تولي هذا القطاع جل اهتمامها وتنفق عليه بسخاء. وأتفق معك كثيراً في أن التوسع في الجامعات وبرامج الابتعاث قد حل كثيراً من أزمة القبول التي يعانيها خريجو المرحلة الثانوية. وهذا خفف بدوره من الضغط على الجامعات الرئيسة مما يجعلها تعمل على تحقيق الأهداف المرسومة لها وذلك بتوجيه جزء من طاقتها إلى البحث العلمي.

كما أن هذه الجامعات الوليدة هي في الأصل عبارة عن كليات ترعرعت وتربت في أحضان جامعاتنا العريقة ولما اكتسبت الخبرة اللازمة في التعليم وتوفرت لها المقومات اللازمة واعتمدت على نفسها أصبحت الاستقلالية تحت مسمى جامعة جديدة مطلباً مهماً وخطوة تطويرية مناسبة ولها ما يبررها.

ولذلك فالمطلوب من جامعاتنا وخصوصاً الجامعات الناشئة التركيز على التخصصات التي يتطلبها سوق العمل والحرص على التنسيق مع الجهات المعنية بتوظيف خريجيها، فالجامعات لا ينبغي أن تكون بمنأى عن الواقع، فالتحدي الكبير الذي تعيشه جامعاتنا هو توافق مخرجات التعليم مع سوق العمل.

أما الكاتب الصحفي فضل بن سعد البوعينين فقال: دون أدنى شك فالتوسع في افتتاح الجامعات، وزيادة نسبة القبول مقارنة بالسنوات الماضية، إضافة إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي سيزيد من عدد الخريجين والخريجات، وهذا يتطلب خلق وظائف جديدة يمكنها من استيعاب الكم الهائل من الخريجين والخريجات، مع الأخذ في الاعتبار طالبي الوظائف الحاليين ونسبة البطالة الحالية.

أجزم بأن فتح باب القبول والتوسع في الابتعاث لن يصبح نافعاً ما لم يكن متطابقاً مع احتياجات السوق من جهة، ووفق الرؤية الوطنية الاستراتيجية المستقبلية من جهة أخرى. التخصصات النادرة، والدراسات العلمية والتقنية الحديثة هي ما يحتاج إليها الوطن ويحتاج إليها سوق العمل، وما لم تُبنّ عمليات القبول والابتعاث على هذا الأساس، فأعتقد أن النتائج ربما لا تأتي بحسب التطلعات التي من أجلها فُتح باب الابتعاث والتوسع في القبول وبناء الجامعات.

كما تحدث لنا الأستاذ الدكتور: إبراهيم بن مبارك الجوير أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام وعضو مجلس شورى وعضو الهيئة الاستشارية لوزارة التعليم العالي سابقاً وممثل المملكة في المجلس التنفيذي في الاسيسكو، حيث قال: من المعروف أن الجامعة أي جامعة هي مركز من مراكز الاستقطاب الشعبي للناس, والجامعة هي أيضاً مركز الاعداد للجيل الذي يتحمل مسؤولية البلد, وهي منطلق التنمية لأن من أهم عناصر التنمية هم الثروة البشرية والجامعة هي التي تصنع التنمية البشرية وما تفضل به خادم الحرمين الشريفين من الموافقة على إنشاء هذه الجامعات الأربع إنما هي تسير وفق خطة مدروسة ومحكمة للتنمية الشاملة والمستدامة في المملكة، فهذه الجامعات تنتشر في مجموع من المدن في محافظات المملكة.

وأوضح الدكتور الجوير أن هذه الجامعات أيضاً في تلك المدن ستخفف الضغط عن الجامعات الرئيسة في المدن فنحن نتحدث عن الجامعات الرئيسة وأعني بها: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك سعود وجامعة الملك فيصل وجامعة الملك عبد العزيز والتي انبثقت منها هذه الجامعات الأربع سيكون المجال واسعاً أمام الجامعات الأم التي ستركز على جامعاتها التعليمية والبحثية وخدمة المجتمع وستتفرغ الجامعات بإدارييها وأساتذاتها ومراكزها لخدمة المراكز الرئيسة فيها وستقوم هذه الجامعات في المحافظات بنشر الوعي والثقافة وتنمية المجتمع في هذه المحافظات، فمهمة الجامعات ليس فقط استيعاب الطلاب والطالبات وتعليمهم بل خدمة المجتمع، فوجود أعضاء هيئة التدريس سيرفع من المستوى الثقافي والعلمي فيها وسيخفف السكاني والبشري على المدن الرئيسة وهذه من العوامل الإيجابية بعيدة المدن فسنجد هجرة معاكسة من الرياض إلى المحافظات الأخرى التي نشأت فيها هذه الجامعات وستعود بفوائد كثيرة على المدن الرئيسة مثل الرياض والأحساء وغيرهما.

من جانب آخر قالت سيدة الأعمال: هدى الجريسي ورئيسة المجلس التنفيذي في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض. لا شك أن حكومة خادم الحرمين الشريفين حريصة كل الحرص على مستقبل شباب الوطن, وتوفير فرص التعليم للجميع، وما افتتاح الجامعات الجديدة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين إلا دليل على هذا الاهتمام، وحول إحصائيات وزارة التعليم العالي فهي نتاج طبيعي لهذا الاهتمام, وتضيف الجريسي: ومن المهم أن يكون التعليم نوعياً وملائماً لمتطلبات العصر, فهناك تخصصات من المهم التوسع بها بناءً على معطيات واقع العمل, كما أن إجراء الدراسات المسحية لتحديد التخصصات المطلوبة يعد مكملاً لخطط التعليم الجامعي والمهني, وأردفت هدى: فالطالب والطالبة عندما يدرس في الجامعة أو المعهد فهو يتطلع إلى الوظيفة بعد التخرج أو إنشاء مشروع له يترجم من خلاله ما استفاده في دراسته, ولهذا فإن توجيه قنوات التعليم إلى التخصصات المطلوبة بات أمراً ضرورياً لكيلا نواجه مشكلة مستقبلية في توفير فرص التوظيف لأبناء وبنات الوطن الخريجين.

وفي السياق ذاته قال المهندس خالد بن عبد الله القصيمي: تشهد المملكة في الفترة الحالية وبتوجيهات من قيادتنا الرشيدة العمل على تهيئة جيل وكوادر مؤهلة ذي إمكانات علمية وفنية عالية تكون قادرة على مواكبة النمو الاقتصادي خصوصاً أن المملكة إحدى الدول الـ20 ذات القوى الاقتصادية الكبرى في العالم.. ويتضح ذلك جلياً في المخصصات المالية المعتمدة لدعم التعليم العالي. وأرقام المقبولين في الجامعات السعودية.

ويطرح المهندس القصيمي تساؤلاً: هل ستتوافق هذه الكوادر مع متطلبات سوق العمل للوصول إلى الهدف المنشود من هذا الجيل؟. خصوصاً في ظل عدم دقة المعلومات المتوفرة لدى وزارة العمل عن الاحتياج الفعلي لمتطلبات سوق العمل, بالإضافة إلى التأخر في تنفيذ خطط توطين العمالة الوطنية المؤهلة في القطاع الخاص لتوظيفهم وتدريبهم على الانخراط في الأعمال والتخصصات المطلوبة, وعدم دعم القطاع الخاص من أجل خلق المنافسة المشروعة بينه وبين القطاع العام لخدمة الاقتصاد الوطني.؟؟

ويرى المهندس خالد وللحصول على إجابة لهذا التساؤل فإنه من الضروري العمل على تفعيل مايلي:

- تطوير نظام المعلومات لكي يمكن من رصد ومتابعة الخريجين ذوي المؤهلات العلمية العالية في سوق العمل.

- الدمج بين التخصصات التعليمية واحتياجات التنمية وسوق العمل، وذلك بالتنسيق مع الجهات المسؤولة عن مخرجات التعليم العالي لتأهيلهم للوظائف المطلوبة.

- وضع آلية لتهيئة هذه الكوادر للعمل في القطاع الخاص بما يتوافق مع التوجهات الاقتصادية للمملكة كإنشاء المعاهد والأكاديميات المتخصصة لاكتساب الخبرات العملية قبل الالتحاق بسوق العمل.

- إلزام القطاع الخاص بتوطين الكفاءات السعودية العلمية وإحلالها تدريجياً محل الكفاءات الأجنبية، وذلك بالتعاون مع الغرف التجارية وصندوق تنمية الموارد البشرية.

-العمل على المساواة في سوق العمل بما يكفل عدالة توزيع الفرص، والاستقرار والرضا الوظيفي.

فيما قال الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن حمود العناد (عضو مجلس الشورى) يعيش التعليم العالي في المملكة منذ سنوات قليلة فترة ذهبية، وربما يكون أكثر قطاعات الدولة استفادة من الوفرة المالية التي تميزت بها الفترة الماضية، فقد شهد التعليم العالي في المملكة تطورات كمية كبيرة حيث تجاوز عدد الجامعات عشرين جامعة موزعة في مختلف مناطق المملكة، وتجاوز عدد الكليات ثلاثمئة وثلاثين كلية، يدرس فيها ما يزيد على ستمئة ألف طالب وطالبة، وتضم نحو سبعة وعشرين ألف عضو هيئة تدريس، إضافة إلى الطلاب المبتعثين للدراسة بالخارج ضمن برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي.

وأضاف العناد: صاحب هذا التطور الكمي بعض التطورات النوعية مثل زيادة أعضاء هيئة التدريس وتحسين كادرهم بالحوافز المرتبطة بالإنجاز والتميز، والتركيز على التخصصات العلمية والطبية والتطبيقية، وإنشاء كراسي البحث العلمي، وتحسين مرافق الجامعات ومعاملها، وإنشاء مدن جامعية جديدة، وتطوير القائم منها كجامعة الملك سعود التي وضع فيها خادم الحرمين الشريفين قبل فترة قصيرة الحجر الأساس لعدد من المشروعات بكلفة زادت على أربعة عشر مليار ريال، يضاف إلى ذلك التوسع في الترخيص للكليات والجامعات الخاصة.

وأردف الدكتور عبدالرحمن: ولا جدال أن هذه التطورات الكبيرة كانت ضرورية وجاءت في وقتها، وهي جديرة بالثناء والإعجاب والتقدير، ولا يقلل من أهميتها وجدواها وآثارها الإيجابية ما يمكن أن يُثار من استدراكات وملاحظات حول عددٍ من القضايا المرتبطة بتطوير التعليم العالي، وأذكر هنا ثلاث قضايا رئيسة تستحق عناية خاصة في مرحلة التطوير المستمرة: الأولى أن هذا التطور الكمي يستلزم تطويراً نوعياً في الخطط الدراسية بما يستجيب مع التراكمات المعرفية والتطورات العلمية في التخصصات الأكاديمية المختلفة، وبما يناسب متطلبات العصر واحتياجات التنمية الوطنية وسوق العمل في المملكة، فما زالت النسبة العظمى من الخطط الدراسية كما كانت قبل أكثر من عقدين من الزمن، ويتضمن ذلك مزيداً من الاهتمام بتوفير أعضاء هيئة تدريس سعوديين وتحسين نسب الأستاذ للطالب، حيث تعاني الجامعات الحديثة وبعض التخصصات والكليات، الجديدة منها بالذات، نقصاً شديداً في هذا الجانب، وأشار العناد إلى أن التوسع في التعاقد لسد الاحتياجات الحالية، والقضية الثالثة تتمثل في ضرورة التركيز في دعم البحث العلمي أما القضية المهمة وهي ليست بالضرورة مسؤولية وزارة التعليم العالي وحدها، فتتلخص في الحاجة الماسة إلى أن تضع أجهزة الدولة المختصة الخطط اللازمة لاستيعاب خريجي الجامعات في الفترة المقبلة، ذلك أن الستمئة ألف طالب وطالبة الذين يدرسون حالياً يحتاجون إلى عدد مواز لعددهم من الوظائف خلال السنوات القليلة المقبلة، ويتطلب الأمر اتخاذ عددٍ من الخطوات والإجراءات منها إيجاد فرص عمل جديدة واعتماد حد أدنى للأجور وتحسين القواعد واللوائح المتعلقة بسعودة القطاع الخاص، فهو القطاع الأكثر قابلية لاستيعاب الأعداد الكبيرة المتوقع تخرجها من مؤسسات التعليم العالي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد