الاعتداء الذي تعرَّض له صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية لا يقتصر على هذا الرمز الوطني الذي قاد ولا يزال معركة استئصال شأفة الإرهاب بتوجيه من قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز والنائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز (حفظهم الله)، الاعتداء الذي تعرَّض له الرجل الذي نذر نفسه ووقته للأمن وشؤونه، الرجل المتفاني المخلص الذي فتح مكتبه ومنزله وقبل ذلك قلبه للتائبين من العصاة والخارجين الرجل الذي تعهد أسر شهداء الواجب بالرعاية والاهتمام، بل تعهد أسر الخارجين أنفسهم وأسهم في حل مشكلاتهم وراعى ظروفهم، أقول لا يقتصر عليه وحده ولكنه اعتداء موجه إلى شعب المملكة العربية السعودية من أدناها إلى أقصاها موجه للقيادة والعلماء والوزراء ورجال الفكر والثقافة ورجال الأمن، بل موجه للشعوب العربية والإسلامية والدولية، فالمملكة هي قبلة المسلمين وهي بيت العرب وهي مملكة الإنسانية، والاعتداء الآثم عمل شائن وغادر وعار أسود يلطّخ مَن قام به ومن ساعده ومن خطَّط له ودعمه وتعاطف معه أياً كان سواءً من القاعدة (التي زعم أحد ممثليها تبنيها للاعتداء الآثم) أم غيرها من الأفراد أو المنظمات أو الهيئات في الداخل أو الخارج.
إن الأمير محمد بن نايف هو رجل الدولة ومساعد وزير الأمن وهو يد القيادة في الإنجاز الأمني الذي حظي بالإشادة من العالم شرقه وغربه وهو الرجل الذي حاز بتخطيطه وتنفيذه لمقاومة الإرهاب واستئصال شأفته وتجفيف منابعه قصب السبق في هذا المضمار وجعل التجربة السعودية مثلاً يحتذى في مقاومة الإرهاب بوصفه خطراً عالمياً لا يرتبط بدولة أو دين أو مذهب أو جنس فكل دول العالم تقريباً عانت منه بشكل أو بآخر.
إن من قام بالاعتداء الآثم الجبان إنما يستهدف أمننا وإنجازاتنا الأمنية يستهدف وطننا وطن العزة والتنمية والتعليم والجامعات وطن الخير والبذل والعطاء والمواقف التاريخية السابقة والحاضرة واللاحقة الوطن الذي يمد يد الخير إلى الجميع شعوباً ودولاً ومنظمات، ولقد خاب مسعاهم ولله الحمد والمنّة والتف الشعب بقيادته يستنكر ويشجب العمل الخسيس وتسمرت الأعين تشاهد قائد المسيرة يهب إلى المستشفى للاطمئنان على سموه ويمنحه شهادة التضحية والفداء موقّعة بدم سموه وإصابته وأمام أنظار المشاهدين في كل بلدان العالم ويقول له إن ما حصل لك هو في سبيل دينك ووطنك (والعدو معثور) وقد عثره الله وتقطع جسده بفعل نفسه إرباً إربا وسلم الأمير بحمد الله {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (43) سورة فاطر.
إن نجاة سموه معجزة ربانية لأن الله يحمي عباده ويلطف بهم ويدافع عنهم {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)}سورة الحج. فالأمير محمد لم يعرف عنه إلا كل خير رجل يعمل بصمت لا تهمه الأضواء فهدفه أمن الوطن تساعده أجهزته الأمنية وتوجيهات قادة الوطن، قال عنه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة إنه يعمل ليلاً ونهارا وأنه دائم التواصل معه وأنه كثيراً ما يتصل به فيجده على رأس العمل أو في الميدان، فلله دره من رمز وطني من رموز الوطن وهنيئاً للقائد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده ولوالده النائب الثاني بسلامته وهنيئاً للوطن وشعبه والحمد لله على ما قدَّر ولطف وهنيئاً لنا هذا التكاتف والتآلف الذي أظهرته حادثة الاعتداء للوقوف أمام تيارات الشر وتدبيرات المتربصين.
لقد عانت بلادنا من الفكر الإرهابي البغيض من قبل أناس وهيئات ومنظمات في الداخل والخارج هدفها بلادنا العزيزة وقيادتها ومواطنيها ولم يعجبهم أن تعيش المملكة العربية السعودية في أمن وأمان واطمئنان ورغد عيش لا مثيل له فسعوا بشتى السبل للنيل من وحدة البلاد وأمنها ومواطنيها وطوّروا أساليبهم الإجرامية الدنيئة، وإن ما قام به هذا الإرهابي المخذول على سموه إنما هو نموذج لأساليبهم وما تأصَّل في نفوسهم من ظلم وعدوان على الوطن وولاة الأمر وأن هذا النموذج من الخوارج لا يسعدهم ما هو عليه وطننا العزيز من اجتماع الكلمة وتآلف الوحدة بين المواطنين وقيادتهم الرشيدة، ولكن خاب مسعاهم - ولله الحمد - ونجا الأمير والتف الشعب بقيادته في تلاحم غير مستغرب على شعب المملكة والتف مع الدولة أشقاؤها العرب والمسلمون والدول الصديقة يستنكرون ويستهجنون العمل الجبان الغادر الذي يمثّل حالة اليأس التي وصل إليها تنظيم الفكر المنحرف الذي تم تحجيمه وإضعاف خطره خلال السنوات الست الماضية، ولكن مع ذلك يجب على الجميع أن يكونوا على حذر واستعداد للوقوف بحزم أمام خطر الإرهاب وأساليب الإرهابيين التي تتطور تقنياً تبعاً للتطور التقني على مستوى العالم، وأن يكون المواطن عوناً لقيادته وعلمائه ورجال أمنه في التصدي للخطر في أي وقت وتحت أي مسمى.
لقد ركّز الفكر الإرهابي جهوده على هذا الوطن وتصدت له القيادة بكل حزم وقام العلماء ورجال الفكر والقلم والأمن بدورهم مما أسهم في تحجيم الفكر واستئصال شأفة الإرهاب والإرهابيين ولكن الخطر لا زال وأربابه يحاولون استغلال أي مناسبة دينية كانت أم اقتصادية أم سياسية أم اجتماعية أم غيرها، بدليل استغلالهم فرصة التهنئة بشهر رمضان المبارك الشهر الكريم الذي تصفّد فيه الشياطين ويأمن فيه الناس ويستغلون أوقاتهم فيه للعبادة والتقرّب إلى الله بالأعمال الصالحة، إن أرباب الفكر الإرهابي المنحرف يستغلون كل شيء ممكن يحقق مآربهم الخبيثة ضد الوطن وأمنه ويستغلون الشباب والمدارس والتجمعات والقنوات الفضائية وشبكة الإنترنت والاتصالات المتطورة وغير ذلك مما يجعل الأمر في غاية الأهمية للتصدي له بعزم لا يلين وهمة لا تتوقف ويلقي على رجال التربية والتعليم في جميع المؤسسات التربوية والتعليمية دوراً أساساً في هذا التصدي ويجب ألا يغيب ذلك عن بال من يعنيهم الأمر لوضع أسس التربية السليمة للشباب لإبعادهم عن مزالق الفتن والشرور والأهواء والفكر المنحرف وهذا ما تتطلع إليه القيادة من المؤسسات التربوية من مدارس أو جامعات.
وإن ما يثلج الصدر بهذه المناسبة هو حجم التفاعل الإيجابي والوقفة الصادقة ضد هذا العمل الإرهابي والاعتداء الآثم من الجميع في هذا الوطن ولله الحمد وبلا استثناء وهي أبلغ رسالة لمن حاد عن الطريق وضل سبيل الحق ولعب به الشيطان أن يدرك أن هذا العمل الإجرامي الذي استهدف إنجازنا الأمني مخذول وميئوس، فالدولة بقيادتها الحكيمة ورجالها الأوفياء أقوى مما يتصوره أرباب الفكر المنحرف وقناتها لا ولن تلين وستستأصل شأفة الإرهاب والفكر المنحرف وستقف أمام خوارج العصر الحاضر بكل قوة وحزم مستمدة قوتها وهيبتها من عقيدتها السمحة وقيادتها الحكيمة وعلمائها المعتبرين ورجال أمنها البواسل ورجال الفكر الواعي والمثقفين، فهي معركة بين الحق والباطل وقد تأذن الله بنصر عباده وخذلان أعداء الدين والوطن.
ومرة أخرى نهنىء أنفسنا وقيادتنا الرشيدة على سلامة سموه، ونسأل الله أن يكلأ بعينه ورعايته كل عامل مخلص للدين والوطن، وأن يرد كيد أعداء الدين والوطن إلى نحورهم وأن يكشف سترهم على رؤوس الأشهاد، ونسأله جلَّ وعلا أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وأن يحفظ بلادنا وشعبها وقيادتها الرشيدة ويسدد على دروب الخير خطاهم إنه سميع مجيب.
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية