Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/09/2009 G Issue 13491
السبت 15 رمضان 1430   العدد  13491

الإرهاب وضرورة الحزم والحسم
د. عبدالمحسن بن سعد العتيبي

 

تعرض صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود مساعد وزير الداخلية- حفظه الله- لحادث خطير في منزله بجدة قامت به أيادي الغدر والبغي في ليلة السابع من شهر رمضان المبارك من العام الهجري 1430هـ، وهو حادث لايجب أن يمر دون وقفات صادقة وراسخة ضد الإرهاب وجذوره ومن أجل تجفيف منابعه.

فلقد سلم الله بعونه ولطفه وطننا الغالي من كارثة لو حققت أهدافها - لاسمح الله - لكانت أعظم على المملكة من كارثة الحادي عشر من سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة الأمريكية، هذه الكارثة التي دفعها الله عن وطننا وحمانا منها تعد درساً واضحاً وجلياً للمواطنين والمهتمين على كافة الأصعدة. وما اشبه الليلة بالبارحة، فلقد عاشت هذه الأرض الطاهرة في السنوات الأخيرة مشاهد تقشعر منها الأبدان من قتل للأنفس وتدمير للممتلكات وإضرار بالمصالح العامة والخاصة.

وقد قامت الدولة- أيدها الله- بمد اليد البيضاء لإنقاذ الوطن من هذا التدمير الرهيب وحاولت ومازالت تحاول علاج هذا الفكر الضال على عدة محاور تجمع بين القسوة واللين والمراقبة وتطوير أساليب العلاج بشكل مستمر ودؤوب ولكن مازال الخبو والظهور يراود أصحاب الفكر الضال والضبابية تغطي موقفهم خاصة من الموقف الرسمي الذي مد إلى التائبين منهم يد العفو والأمن والتكريم. والمتتبع للأحداث الأليمة التي وقعت على أرض المملكة وضد مواطنيها وعلى أراضي دول شتى في مختلف أنحاء المعمورة يدرك مدى الحاجة إلى تفعيل إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وهو ما سبق أن نادى به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- حفظه الله- وقد تبناه (مؤتمر الرياض الدولي لمكافحة الإرهاب الذي انعقد في الرياض في العام 2005، بحضور ومشاركة ما يقارب من 60 دولة والعديد من المنظمات الإقليمية والدولية)، ولايزال المركز قيد الدراسة والتداول بين الهيئات والمنظمات العالمية.

هذه الحادثة استهدفت رمزا من أقوى رموز الوطن الأمنية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف أو كما أطلقت عليه بعض الصحف العالمية (عراب مكافحة الإرهاب في السعودية) لابد أن تكون نقطة تحول لنا في مختلف قطاعات الدولة فالمصاب جلل والخطب عظيم ولابد من المحاسبة من أجل القضاء على الفكر الضال، وما الزيارة العاجلة لخادم الحرمين الشريفين للأمير محمد بن نايف في المستشفى وإشادته- حفظه الله- بالخدمات الجليلة التي يؤديها سموه للوطن وتوكيده على السير في نفس الاتجاه في مكافحة الفئة الضالة وكذلك الاشادات من سمو ولي العهد ومن سمو النائب الثاني ومن كافة المواطنين بما قام به ويقوم به سموه إلا دليل واضح على أهمية الحدث وضرورة تقصي أسبابه ومنابعه وبيئته المكونة له.

إن المسؤولية الأمنية جماعية وكلية فالمواطن هو رجل الأمن الأول ويتحمل جزءاً لايستهان به من أمن الوطن وأذكر أن بعضاً من الدول عندما وقعت بعض الأحداث المشابهة في أراضيها كان المواطن عند مستوى الحدث والمسؤلية في تنفيذ المخططات الأمنية بتلك الدول وعندما تصدر الدولة أمراً فإن المواطن أول من ينفذ ذلك الأمر ويتابعه من خلال برامج توعية تقوم بها الجهات المختصة في ذلك البلد وبرامج رقابة على التغير الاجتماعي سواء من حيث الحالة الأمنية أم من حيث درجة الإجماع الوطني تجاه هذه القضايا الخطيرة.

إن من الواجب علينا في هذا الوطن المعطاء هو السجود لله شكراً وعرفاناً بأن حفظ لنا الله هذا البطل الأمني الفذ الذي تصدى للإرهاب والإرهابيين منذ أن تسنم الشؤون الأمنية، ففشل هذا الانتحاري الغادر من الوصول إلى مبتغاه هو بالدرجة الاولى توفيق من الله العزيز الحميد إذ حرس سموه بفضله وكرمه، ولعل من المناسب اليوم القيام بدراسة علمية لهذه الحادثة بالذات تأخذ في اعتبارها كثيراً من المستجدات من حيث التنوع في تمويل الإرهاب وتغيير أنماطه وشخوصه وأدواته، حيث سيبقى الإرهاب يتلون كالحرباء وعليه فإن التصدي له وطرق علاجه كل ذلك ينبغي أن يكون على مستوى المستجدات في تقلب ألوانه وتعدد تكتيكاته وتقنياته والايادي الخفية التي تقف خلف ذلك من مدبرين ومنظرين وأصحاب الاطروحات التي تسوغ للعنف بأي صورة كانت على ألا يستثنى من ذلك أحد وأن تسحب الدولة- أيدها الله- كل أشكال المجاملات وحسن الظن في هؤلاء وكما قال الشاعر:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته

وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

وفي الختام نحمد الله على سلامة سمو الأمير الذي في سلامته سلامة للوطن ونسأله جلت قدرته أن يجنب بلادنا الغالية قيادة وشعبا كل مكروه آمين.

أستاذ الاصول التربوية المشارك- جامعة الملك سعود


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد