المتمعن في الحوار الذي تم بين صاحب السمو الملكي مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية والانتحاري يتضح له جلياً عطف ولاة الأمر وصفاء سريرتهم ونقاء نفوسهم وشهامتهم المتناهية وحرصهم على احتضان أبناء الوطن وإيصالهم إلى بر الأمان وحمايتهم من أنفسهم والشيطان وأعوانه وكل ذلك تجسد في كرم سمو الأمير محمد بن نايف ودماثة خلقه وتواضعه الجم.. والحقيقة لسنا بحاجة إلى إثبات هذا الأمر فشخصيته الرائعة وخصاله النبيلة معروفة للجميع والشواهد على ذلك كثيرة، وتم التطرق لها في مقالات أخرى، ولكن هذا تأكيد بالبرهان الناصع للمشككين والمرجفين ومصدري الإشاعات والتبريرات لأعمال القاعدة الإجرامية كما أنه يفضح زيف إدعاءات هذه المنظمة الإرهابية وإتهاماتها المتكررة لأسلوب التعامل الأمني مع من يتم القبض عليهم من المتهمين أو المتورطين فإذا كان هذا حال المسؤول عن ملف مكافحة الإرهاب وأحد أهم الرموز الأمنية في المملكة مع شخص على قائمة المطلوبين فكيف يكون حال من يعملون تحت إشرافه وتوجيهاته ممن هم أقل نفوذاً وسلطة؟.. وفي المقابل يكشف لنا الوجه البشع والحقير لهولاء الخونة ومن يسيرونهم بالريموت كنترول ويحركونهم كالدمى وكيف يقابلون الإحسان بالإساءة ويستغلون هذه الصفات الحميدة لتحقيق أغراضهم الشريرة وأهدافهم في القتل واستباحة الدماء المعصومة. وفي اعتقادي أن هؤلاء أرادوا من هذه المحاولة الدنيئة إجبار وزارة الداخلية السعودية وصانعي القرار على تغيير سياستهم الأمنية التي اتخذت ثلاثة مسارات رئيسية في التعامل مع الإرهاب سوف أتحدث بإيجاز شديد عن اثنين منها والثالث سيكون في مقال مستقل لاحقاً، فإلى جانب استخدام القوة والحزم والعمل الاستخباراتي والمعلوماتي الذي تسبب في انهيار القاعدة في المملكة وتجفيف منابع تمويلها تم بموازاة ذلك انتهاج سياسة المناصحة والمناقشة الفكرية وتقديم الدعم المعنوي والمادي واتباع اللين والمرونة مع من يسلم نفسه إلى درجة أنه يحظى بشرف مقابلة سمو المساعد والحديث الودي معه وكأن هذا المطلوب ممن قدموا خدمات جليلة للوطن ويستحق عليها التكريم وهذا المسار تحديداً ترتب عليه تسليم عدد لا بأس به من المطلوبين أنفسهم للسلطات الأمنية مما أثار حفيظة سادتهم ومحرضيهم فلجؤوا إلى هذه المحاولة الجبانة حتى تتوقف هذه الإستراتيجية ويتوقف معها تسرب الأعضاء وعودتهم إلى الوطن كما أعتقد أنهم كانوا يخططون لبث هذا المقطع الصوتي لو نجحت المحاولة حتى يتفاخروا بها وتحقق لهم الدعاية التي ينشودونها، ومما يرجح هذه الفرضية تكرار الانتحاري لبعض الكلمات مثل (رمضان هذا بيكون نقلة) و(بيكون خير) فأي خير وأي نقلة كان ينويها من يريد أن يفجر نفسه سوى النيل من سموه ومن ثم إدعاء القاعدة تحقيق اختراق أمني ونصر مؤزر، ولكن خاب مسعاهم ورد الله كيدهم في نحورهم ولن يتمكنوا مرة ثانية من استغلال سماحة ومروءة ولاة الأمر لأنه لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ولكن أيضاً بدون تغيير في هذه السياسة الكريمة والحكيمة وإنما أخذ مزيد من الحذر والحيطة واتباع الإجراءات الأمنية اللازمة مع أي مطلوب يعلن عن رغبته في التوبة والرجوع إلى الحق حتى يتم التأكد من صحة نواياه وحقيقتها وهذا لا يتعارض مع التعامل الأخلاقي والإنساني المعتاد من قبل المسؤولين في هذا البلد الآمن بإذن الله تعالى.