Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/09/2009 G Issue 13491
السبت 15 رمضان 1430   العدد  13491
الإرهاب لا يهزم القيم العظيمة
د. سعد بن محمد الفياض

 

رسوخ سياسة بلاد الحرمين يثير حقد الحاقدين، والشموخ في منهجها، يبرز حسد الحاسدين، وبساط الأمن الممدود هنا يستفز قلق المرجفين والقوة والتماسك والوحدة والترابط بيننا تزعج نفوس الطامعين، وحفظ الله وعنايته ثم حكمة ولاة الأمر يرد عنا كيد الكائدين

.. فاللهم لك الحمد بسطت رزقنا، وكبت عدونا وأظهرت أمننا.. والغدر والخيانة والعقوق وخفر الذمم لا يمكن أن يمر من دون عقاب إلهي أو يفلت من قبضة الحكم العدل فالمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.

إن الحوار الذي دار بين سمو الأمير محمد بن نايف والمنتحر حوار لا تنقصه الصراحة، ولا يشوبه أدنى شائبة في عظم المسؤولية التي تحملها سموه، والأبوة الحانية التي ينطق بها، والرحمة التي يتعامل من خلالها مع هؤلاء الشباب المغرر بهم؛ أقول بيض الله وجهك سمو الأمير وما قصرت وعدت فأنجزت، وسُئلت فأعطيت.. عز وشموخ، وعفو وتسامح.. فتحت قلبك قبل بيتك، ومددت يدك قبل أيديهم.. تريد حياتهم وهم يريدون قتلك.. إنها صفات العظماء وسجايا الرحماء وهذا ليس بمستغرب على بلادنا وولاة أمرنا ولكن المستغرب تلك الشيم والأخلاق التي غذت تلك المناهج المنحرفة والأفكار الضالة التي جعلت الغدر مطية لها والتكفير منطلقاً لأفكارها والتفجير مسلكاً لأعمالها، في بعد عن وسطية الإسلام وسماحته ومخالفة لهدي سلف الأمة وعلمائها وشذوذ عن جماعة المسلمين وإمامهم بعد أن أصبحوا أدوات وسهاماً مسمومة في أيدي أعداء الدين توجهها نحو بلادهم وأهليهم وأمتهم حيث شاءوا فأين هم من قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) (68) سورة الفرقان، ومن قوله سبحانه: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (93) سورة النساء، ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن مسعود قال: (لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً) رواه الشيخان، وفيما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الكبائر: الإشراك بالله وقتل النفس واليمين الغموس) رواه الشيخان.

ونحن ندعو الذين تأثروا وانخرطوا في مثل هذه الأفكار وتأثروا بمثل هذه التوجهات تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، الحكم فيها لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ..).

والإسلام يدين بشدة الغلوَّ في الدين واستعمال العنف ضد الأبرياء، والغدر والخيانة وقتل النفس المعصومة وليس هنالك من عذر أو تبرير لمن يمارس الإرهاب أو التطرف، كما أن استهداف حياة المدنيين العزَّل وممتلكاتهم عبر العمليات الانتحارية أو أي أسلوب هجوميِّ آخر حرام في الإسلام والذين يقترفون هذه الأعمال مجرمون قد حادوا الله ورسوله.

والقرآن الكريم ينصُّ على أنَّ: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأرض لَمُسْرِفُونَ) (سورة المائدة 32)، وقد بيَّن النبيُّ محمد صلى الله عليه وسلم أنه لا عذر لمن يقترف هذه الأفعال الظالمة فقال: (لا تكونوا إمَّعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنّا وأن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسَكم إن أحسنَ الناسُ أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا)، رواه الترمذي عن حذيفة بن اليمان.

كما أن الله عز وجل يأمر بالوسطية في الدين وفي كل جوانب الحياة، إذ يقول سبحانه وتعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (البقرة 143)، وفي آيةٍ أخرى يبيِّن الله واجبات المسلمين نحو دينه وأمته حين يقول: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (سورة آل عمران 104). والرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه والله يوصي نبيه بقوله (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) (والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) (والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم ودمائهم) والإرهاب مسلك مرفوض ومنهج مستنكر، وعلامة شذوذ، ودليل وحشة وانعزالية لا يعرف وطناً ولا جنساً ولا زماناً ولا مكاناً.. فهل يعي من خالف المنهج وتنكب الصراط ذلك؟



aad.alfayyadh@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد