Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/09/2009 G Issue 13491
السبت 15 رمضان 1430   العدد  13491
أنفلونزا الخنازير .... والمدارس وموسم الحج .... من الذي يدعي عدم القلق؟؟؟
د. فوزية البكر

 

لا حديث للناس في مجالسهم الخاصة أو العامة بعد قضاء حوائجهم الرمضانية إلا حديث (الخنازير). وبعد أن كنا نسمع عنها ونقرأ في الصحف بدأنا نرى أنها قريبة منا جدا وأنك وأنا نعرف بعضا ممن شاءت لهم الأقدار أن يكونوا ضحايا لها وما يشغل بالنا جميعا هو ما الذي سيحدث لاحقا؟؟

لا يمكن بالطبع لوم أحد هنا فالوباء عالمي الانتشار ولا يمكن لدولة أن تكون محمية...

...منه مهما فعلت وما نفكر فيه الآن هي المواسم المقبلة من مدارس وحج وما التدابير التي يمكن للجهات المسئولة اتخاذها لتفادي تفشي وباء سريع ومباغت كهذا؟

العامة يرددون شائعات من مثل تأجيل بدء العام الدراسي أو غيره من الإجراءات الحاسمة التي لم نضطر لها بعد لكن من المهم التذكير بعدد من الحقائق الأساسية التي لا بد من مراجعتها مع بعضنا قبل أن تقع (الفأس في الرأس) كما يقولون.

وأهم هذه الحقائق هو أن المسئولية هنا مشتركة ولا يمكن إلقاءها على عاتق وزارة الصحة مثلا أو وزارة التربية والتعليم أو هذه الجهة او تلك. كلنا نقع في حيز الشرك شئنا أم أبينا. أبناؤنا يذهبون للمدارس ونحن نعمل في هذه المنشآت صحية وتعليمية، حكومية وأهلية وكلنا نقضي بالضرورة حاجاتنا من هذه التجمعات التجارية والغذائية وهكذا فلا أحد محمي من الأذى. ومن الواضح أن العديد من الأجهزة ذات العلاقة المباشرة تعمل بصمت للاستعداد للمواسم وهي في نفس الوقت تأخذ على عاتقها نشر حملات توعوية نقرأ عنها في كبريات الصحف حول ما يمكن للفرد العادي أن يفعله للمساعدة في عدم التقاط الوباء وهو جهد محمود ستظل فاعليته قاصرة على من تصل لهم هذه الصحف وهم بالطبع قلة إذا ما أخذنا أرقام توزيع هذه الصحف نسبة لعدد السكان، ومن ثم فاستخدام وسائل أكثر فاعلية مثل التلفزيون خاصة في أيام الذروة في رمضان (بعد صلاة المغرب) ربما يعد ضرورة قصوى هذه الأيام للوصول إلى قطاعات ومناطق لا يصل لها (إلا طاش ما طاش) وبيني وبينك.

ويبدو أن خبراتنا البشرية مع هذا الفيروس طويلة وقديمة ففي العام 1917 ظهر كوباء اجتاح العالم وسمي آنذاك بالحمى الإسبانية(؟؟) رغم أنه ظهر أولا في الولايات المتحدة كما سمي هنا بسنة الرحمة حيث تمكن (دون رحمة) من إبادة أكثر من خمسة ملايين إنسان!

من جهة أخري فالمدارس على مستوى العالم بدأت فعلا سنتها الدراسية في مناطق عديدة من العالم مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا بل إن معظم المدارس العالمية في الخليج والمملكة والرياض نفسها قد بدأت الدراسة منذ منتصف أغسطس مع اتخاذ الإجراءات الوقائية حتى لا يتحول هذا المرض إلى وباء.

والفكرة بالطبع هي: عدم تعطيل العام الدراسي قدر الإمكان لما يترتب على ذلك من نتائج تتعلق بعدد الأيام التي سيتغيبها الطلبة عن المدارس وهل يمكن و بحسب قوانين المنظمات التربوية العالمية أن يحتسب العام الدراسي للطلبة إذا تجاوز غيابهم نسبة معينة مهما كانت الأسباب وهو الأمر الذي حصل في الأراضي المحتلة والعراق إبان الاحتلال، وهكذا ومن ثم فمن الحكمة محاولة تجنب هذا الإجراء بقدر الإمكان إلا عندما تعلن منظمة الصحة العالمية دخولنا مرحلة الوباء بمنع التجمعات العامة في العالم كله.

وما تفعله المدارس على مستوى العالم هو اتخاذ إجراءات وقائية كبيرة تحسبا لأي علامات وبائية بين الطلاب ومنها التواصل المباشر مع كل منزل للتوعية بمعنى هذا الفيروس وكيف ينتبه الوالدان لأية علامات ذات علاقة وذلك بإلزامهم بالكشف على درجة الحرارة لدي أبنائهم كل صباح قبل الذهاب للمدرسة بحيث لا تتجاوز 37.8 وإبقاء الطالب في المنزل إذا ما ظهرت عليه أعراض الحرارة مع عدم إعطائه أية مخفضات خلال أربع وعشرين ساعة وتزويد العائلة بأهم الحقائق حول هذا الفيروس الذي ورغم أنه بدأ في الخنازير فعلا إلا أنه اليوم يحمل جينات توجد في الإنسان والطيور والحيوانات وهو اليوم مرض بشري تماما. في كل مدرسة على مستوى العالم تعتبر الممرضة أو (النرس) كما ينادونها وحدة أساسية في المدرسة ولا يسمح على أية حال لأي طالب بالجلوس على مقاعد الدراسة إلا بعد اكتمال ملفه الصحي وبعد التأكد من حصوله على كافة التطعيمات التي يرى ذلك البلد أنها أساسية. هذه الممرضة تعمل على مدار الساعة للكشف عن أية حالات للأنفلونزا عموما باعتبار أن هذا الفيروس هو نفسه فيروس الأنفلونزا إلا أنه تطور وأصبح يحمل بعض المكونات الجينية التي تجعله أكثر خطرا عند حدوثه وأسرع انتشارا من الأنفلونزا العادية كما أنه قد يقتل حتى الأصحاء والشباب إذا ما حدثت بعض التعقيدات الصحية للحالة.

وحيث إن مدارسنا تفتقد وجود أي كادر صحي يستطيع متابعة أحوال الطلبة الصحية بشكل مباشر، كما في كل مدارس العالم لذا فإن المقاومة الحقيقية سيأتي حين نسلح الناس العاديين (خاصة ولم يعثر فعليا على تطعيم يقي منه) بما يحتاجونه من معلومات لتحقيق شرط النظافة اليومية وأن تحمل مسئوليتنا المباشرة كأفراد.

الحالة السعودية تجبرنا أيضا على مجموعة من الإجراءات التي لا حيلة لنا سوى في اتخاذها وأولها أن مستوى مواجهة الأزمات والتدرب على هذه المواجهة بالدخول في تفاصيلها (أقصد المستوى الفني للأداء) محدود على مستوى الفرد والمؤسسة ومرتبط بدرجة الوعي العام والتعليم وتوافر المنشآت المدنية خاصة في المناطق الريفية والنائية وهي الأكثر خطراً فيما لو حصل ما لا نرغب والوعي بهذه الحقيقة يجعلنا لا نأمل الكثير من القطاعات العامة أي المؤسسات والوزارات ويجبرنا على تأكيد أهمية تعليم مبدأ تحمل المسئولية الفردية في أخذ الاحتياطات الضرورية.

ما نتمنى أيضا هو استخدام كافة الوسائط التكنولوجية من رسائل نصية وتلفزيون وقنوات دينية عامة ثم التوجه للناس ليس فقط باللغة العربية وليس فقط باللغة الانجليزية بل باللغات التي يحكي بها العمال والعاملات المستقدمون بكثرة مثل الفلبين وسيرلانكا وإندونيسيا وبنغلاديش وغيرها من اللغات المحكية في البيوت والمؤسسات عبر العمالة الذي سيوقظ الطفل في الصباح وسيفطره ويأخذه للمدرسة هي العاملة المنزلية والسائق ووعيهم بما يحدث صمام أمان لحياتنا وبيوتنا وتعاملنا مع هذه الحقيقة بواقعية هو إحدى الوسائل التي يجب اتخاذها حتى لا تزورنا سنة الرحمة من جديد.






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد