Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/09/2009 G Issue 13491
السبت 15 رمضان 1430   العدد  13491
أوتار
الإرهاب...ومجلس وزراء الداخلية
د. موسى بن عيسى العويس

 

المسلم به أن الإرهاب لا دين يظله، ولا وطن يؤيه، ومن هنا كان التدويل لمشكلته، وكادت قضيته أن تكون من أبرز أولويات المنظمات العالمية، والمجالس الدولية ذات الصلة. ولا توجد دولة، أو قوة تتبنى شراذمه علنا على الأقل، أما تجنيدهم بأساليب خفية، ووسائل سرية، وتحت مظلات مختلفة فذلك أمر وارد وواقع، أدركت بعض هذه الفئات ذلك أم لم تدرك في تنظيماتها.

* ولم يكن هذا التدويل للقضية إلا أن هذا الداء الخطير لم تسلم منه بقعة من بقاع الأرض، ولم تسلم منه حقبة من حقب التاريخ، مما يجعله فرصة كبيرة للباحثين والدارسين لبحث أسبابه ودوافعه، وبخاصة لمن يعمل في (مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية) في الجهات المعنية.

* حياة الإرهابيين، والحياة الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية التي تلف بهم يحيط بها شيء من الغموض لكثير من الناس، أوعلى الأقل المهتمين بهذه الظواهر، لا أدري، هل هو اختلاف على المصطلح ومن يدخل تحت دائرته؟، أومحاولة مقصودة لعدم التعليل والتسويغ لمثل هذه الأعمال الإجرامية. كل ما نسمعه من عبارات وجمل جلها فضفاضة: (يعيشون في كهوف مظلمة.. يميلون إلى الانطوائية والعزلة.. يعشش الجهل في عقولهم.. مسلوبي الإرادة، والحرية، والتفكير أمام قياداتهم.. قتّالين، سفّاكين.. إعداء للإنسانية.. عملاء لجهات أجنبية.. تكفيريون تفجيريون...) هذه أبرز السمات والصفات التي تشكّلت في أذهاننا عنهم. أما كيف نتقي مصادرهم، ونجتنب طرقهم، ونعرف أسباب انحرافهم وغوايتهم، فذلك هو ما لم نصل إليه بشكل جلي وواضح.

* من الواجب في ظل هذا التعاون الدولي الملموس في محاربة الإرهاب دراسة حياة رموز هذه الفئات وقياداتهم، واستكشاف الظروف التي تشكلت منها حياتهم، سواء كان ذلك بالرواية الشفوية منهم، أو عن طريق الدراسات الاجتماعية والنفسية التي تستطيع أن تستقصي، وتستجلي بعمق أسباب التطرف، مع الأخذ بالاعتبار أهمية التصنيف العمري لهم، ومراعاة اختلاف بيئاتهم، فلا يمكن بحال من الأحوال استظهار من حياة حدث لم يتجاوز العقد الثالث كتلك التجارب، أو الظروف التي أحاطت بمن جاوز الخمسين من عمره، وأمضى زهرة شبابه في دهاليزهم المظلمة، متورطا في تلك التنظيمات.

* لا يساورنا الشك أن (وزارة الداخلية ) في المملكة العربية السعودية تبنت بعض الدراسات والأبحاث، لكن هل كان لها من العمق والاستقصاء ما يخدم القضية؟ وهل بإمكان بعض المهتمين، أو شرائح المجتمع التي اكتوت بنار الإرهاب وعانت منه أن تقف على ملخصات ونتائج تلك الدراسات؟

* لا أحد يستطيع أن يثبت أن حركات التطرف وموجات الإرهاب طارئة على المجتمع الدولي، أو أنه مستهدف فيها دول، أو ثقافات دون أخرى، فمن المعروف أن هذه الحركات والتنظيمات لم تهدأ على مر التاريخ، وتنتقل من بيئة إلى أخرى، حسب الظروف السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية.

* إذا كانت مؤسسات المجتمع المدني، وبخاصة التربوية والثقافية مطالبة بالتصدي بقوة لظواهر الانحراف، فأخشى ما أخشاه ألا يعرف بعضها من أين يبدأ، ولا كيف ينطلق، وبالنظر الفاحص لما يطرح تجد أنه في خلاصته لا يتجاوز الشجب، والإدانة، والاستنكار، أو يحمل شعارا معينا لا يتجاوز أثره تلك المناسبة التي اقترن بها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد