ماذا لو؟هذا هو السؤال الأخطر.. كانت القاعده والخلايا الإرهابية تتمنى أن ينجح عبدالله عسيري في مهمته، ويحقق أهداف الهجوم الخطير.. نحمد الله كثيرا على سلامة ونجاة الأمير المحبوب محمد بن نايف بن عبدالعزيز..
ونحمد الله أن خذل طغمة الإرهاب، ومصدر الفساد، وخيب أهدف الإرهاب.. ولكن حتى نعرف حجم وخطر هذا العمل، ربما يجب أن نتخيل لو -لا قدر الله- نجح الإرهابيون في مثل هذه المهمة.. فلا شك أنهم سيكونون محتفلين بمثل هذا العمل المشين، ويدعون أنه بإمكانهم الوصول إلى أي مكان ولأي شخصية.. وهذا ما أحاول التأكيد عليه هنا بأن يجب أن تفوت المؤسسات الأمنية على هذه الجماعات أدنى فرصة ممكنة لمثل هذه الأعمال الإرهابية، ومخططات الأعمال الإجرامية.
إذن القاعده تستمر في خططها وبرامجها ونواياها التدميرية لهذه البلاد، ولهذا المجتمع، ولشخصيات وقيادات هذا الوطن.. ولن تتوقف لحظة عن أهدافها نحو الإخلال بالأمن ومحاولة زرع بذور عدم الاستقرار في هذه البلاد.. ومنذ الحادي عشر من سبتمبر والمملكة تعاني بشكل مباشر وغير مباشر من تبعات الإرهاب، وتحديدا منذ عام 2003م والمملكة في حرب صريحة مع الخلايا المحلية التي تحاول أن تسفك دماء الأبرياء وتدمر المنشآت الحضارية والاقتصادية.. ونحمد الله أن هيأ لهذه البلاد التوفيق في محاربة هذه الفئة الضالة، وكشف خططها ونواياها، ومكافحة أهدافها وعملياتها.. وفعلا وكما يتكرر دائما من لدن قائد مسيرة هذه البلاد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز وسمو مساعده الأمير محمد بن نايف بأن فضل الله على هذه البلاد جعلها معصومة والحمد لله من أي مكروه أو شر تريده هذه الفئات الضالة، سواء من الداخل أو الخارج.. ونحمد الله دائما أن مكن قوات الأمن والعيون الساهرة من متابعة كل صغيرة وكبيرة، ومنحهم الله الثقة فيما يقومون به من جهود وخدمات تصب في إطار انتزاع بذور الفتنة وعناصر الشر ومصادر الكراهية عن هذه البلاد..
ولا شك أن هذه المعطيات تجدد أهمية مواصلة المملكة لمحاربة الإرهاب، ومكافحة جذوره الفكرية، ومسبباته الاجتماعية، ولن يتحقق ذلك إلا بوجود استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف والغلو.. ونحسب أن وزارة الداخلية تعمل على بناء مثل هذه الاستراتيجية منذ سنوات، والتي يجب أن تكون شاملة وغير قاصرة فقط على مجال دون آخر، بحيث نتجاوز الاستراتيجية الفكرية إلى استراتيجية عامة وشاملة في مختلف النواحي والمجالات.. وتكون مثل هذه الاستراتيجية على مدى طويل يمتد لعشر وعشرين وربما ثلاثين عام، فقد ذكر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن الدولة ستكافح الإرهاب، ولكنه يحتاج إلى وقت طويل، قد يمتد إلى عشرين أو ثلاثين عام.. الظاهرة الإرهابية مرتبطة بظاهرة التطرف، فالتطرف هو الدافع الأساسي الذي يقود الى الإرهاب، ولهذا فمكافحة التطرف هو القاعدة الأولى في مكافحة الارهاب، وأي استراتيجية يجب أن تتوجه إلى المسببات التي أدت أو تؤدي إلى تنامي التطرف في العقول والسلوكيات.. وهنا تصبح المؤسسات الاجتماعية معنية بمناهضة التطرف، مثل المدرسة، والأسرة، والإعلام، والمؤسسات الدينية، والاقتصادية والسياسية والاجتماعية..
الحادثة غير المسبوقة التي تعرض لها سمو الأمير محمد بن نايف لن تكون هي المحاولة الأخيرة التي ستعمد اليها خلايا القاعدة وستحاول أن تصل إلى الشخصيات الأمنية، ولكن ندعو الله سبحانه وتعالى أن يفشل جميع خططهم، ويرد كيدهم في نحورهم، ويحفظ لنا بلادنا، ومؤسسات وقيادتنا، ولن يكون ذلك إلا بإخلاص الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى وفي هذا الشهر الكريم في أن يحفظ بلادنا ومجتمعنا وقيادتنا من كل مكروه يراد بها، أو شر يحيط بنا، ويجب أن نعمل جميعا في تلاحم أبناء وبنات هذا الوطن في الدفاع عنه وحمايته من أيدي العابثين، ومن فكر الظالمين، ومن سلوك الإرهابيين..
وأعود لأقول، لو نجحت القاعدة والخلايا الإرهابية -لا قدر الله- في مثل هذه العملية، أو في عمليات مشابهة، فسنكون لا شك في وضعية أصعب، وهذا ما يجعلنا نكون في أشد الحذر، وعلى يقظة تامة في مواجهة مخططات الإرهاب والكراهية، وهذا ما يجعلنا نحن -مواطني هذه البلاد- في مواجهة مستمرة أمام مخططات وعمليات الإرهاب التي تحاول أن تنال من بناء وشموخ وتماسك هذا الوطن وتلاحم مواطني هذه البلاد المقدسة.
المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية
أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa