يحب الإنسان الشرف ويحرص على بلوغه وأعظم الشرف أن يكون للإنسان ذكر جميل وثناء يذكر به الإنسان بما له من الأعمال الطيبة والخلال الحميدة.
|
وقد سأل الخليل إبراهيم عليه السلام ربه ذلك فقال تعالى {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} قال الإمام الطبري: (واجعل لي في الناس ذكرا جميلا وثناءً حسناً باقياً فيمن يجيء من القرون بعدي قال ابن زويد اللسان الصدق الذكر الصدق والثناء الصالح..)
|
قال ابن كثير: (أجعل لي ذكراً جميلا بعدي أذكر به ويقتدى به في الخير). فأراد نبي الله إبراهيم ذكرا طيبا وعملا يقتدى فكان قدوة الموحدين وخليل رب العالمين.. وقال الله عن ذرية إبراهيم عليه السلام: (وجعلنا لهم لسان صدق عليا) قال الطبري رحمه الله ورزقناهم الثناء الحسن والذكر الجميل من الناس.. وحين يذكر الإنسان بالخير ولم يكن قصده إطراء الناس ومدحهم كان ذلك عاجل بشرى المؤمن.
|
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت الرجل يعمل الخير ويحمده الناس عليه وفي رواية يحبه الناس عليه قال تلك عاجل بشرى المؤمن.. رواه مسلم.
|
وخير ما يبقى للإنسان بعد موته ذكر حسن جميل يذكره الناس به فيدعون له.. فيكون قدوة في الآخرين وإماماً في الخير.
|
وعن أنس قال: (مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال وجبت فقال عمر ما وجبت فقال هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض) متفق عليه. وفي رواية (المؤمنون شهداء الله في الأرض).
|
وقال صلى الله عليه وسلم أي مسلم شهد له أربعة نفر بخير أدخله الله الجنة قال عمر فقلنا وثلاثة فقال وثلاثة فقلنا واثنان قال واثنان ثم لم نسأله عن الواحد.. رواه البخاري.
|
وقال صلى الله عليه وسلم توشكون أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار قالوا بم يا رسول الله قال بالثناء الحسن والثناء السيئ.
|
وحين يطلب الإنسان الثناء لذاته وطلب العلو بالفخر دون رجاء الآخرة فلا يحصل من ذلك إلا ثناء الدنيا ففي الحديث الثلاثة الذين هم أول من تسجر بهم جهنم قارئ قرأ القرآن ليقال له قارئ ومنفق المال ليقال جواد والغازي ليقال جريء وقد قيل.. الحديث.
|
وقد سألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبدالله بن جدعان هل ينفعه إنفاقه واعتاقه فقال لا. لم يقل يوماً من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين .. (وفي رواية ابن جدعان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه قال لا ينفعه..) رواه مسلم.
|
وقد سأل عدي بن حاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه وإكرامه واطعامه فقال ان أباك رام أمراً فبلغه.
|
قال صلى الله عليه وسلم بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب.. رواه أحمد وهو صحيح.
|
والذكر للإنسان عمر ثاني به يذكر فيترحم عليه، ويدعي له.. فيذكر بالخير والعمل الصالح.. فيخلد اسمه على مرّ الأيام والأعوام والدهور.. وتذهب الدنيا بأهلها ولا يبقى إلا الأعمال الخالدات والباقيات الصالحات.. وحين يذهب أهل الدنيا يبقى أهل الآخرة.. وحين يذكر أهل الشر بشرورهم وبغيهم يذكر أهل الخير بخيرهم وفضلهم.. فآثارهم الجميلة وأياديهم الطيبة تصل الدنيا بالآخرة..
|
وان يقتسم مالي بني ونسوتي |
فلن يتقسموا خلقي الجميل ولا فعلي |
أهين لهم مالي وأعلم أنني |
سأورثه الأحياء سيرة من قبلي |
وتذكر أخلاق الفتى وعظامه |
مغيبة في اللحد بال رميمهما |
فكم مضى من أهل الدنيا ما مضى ولم يبق ذكر إلا من كان بالخير متصفاً وبالعلم مرتفعاً وبمحمد صلى الله عليه وسلم متبعاً..
|
قيل لبعض الحكماء ما أ؛مد الأشياء قال إن يبقى للإنسان أحدوثة حسنة.. وقال أكثم بن صيفي إنما أنتم خبر فطيبوا أخباركم
|
وما ابن آدم إلا ذكر صالحة |
وذكر سيئة تسري بها الكلم |
أما سمعت بدهر جاءت |
بأخبارها من بعدها الأمم |
وإنما المرء حديث بعده |
فكن حديثاً حسناً لمن وعى |
والأخيار والصالحون يفقدهم الإنسان والشجر والجماد.. فتبكي الأرض لفقد الصالحين وتبكي السماء وفي الحديث (ما من عبد إلا وله في السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله وكلامه فإذا مات فقداه وبكيا عليه. وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (فما بكت عليهم السماء والأرض). فما أطيب هذا الذكر وما أحسنه حين يبقى معلماً وذكرى للخير والفضيلة..
|
الرياض |
|