كذلك عرفناك.. عند النداء أول المجيبين..

وعند الفزع أول الملبين..

وعند الحق أول المطالِبين..

هكذا عرفناك..

تعمل ليلا ونهارا..

فالمرأة تلجأ إليك تفرغ لها من وقتك ما تصغي فيه لشكواها، ومن عزمك ما تسند به حقها، ومن حزمك ما تزيل عنها عثرتها..

هكذا عرفناك..

شديدا في الحق لا تأخذك لومة لائم.. رحيما بالمظلوم لا تقصيك

سلطة قائد..

مركبتك مكتظة بالأثقال، لكنها ترسو خفيفة عند النجدة، والواجب..

هكذا عرفناك..

دؤوبا تعمل بصمت، يتفق عليك الظالم والمظلوم.. يعرفان أن النجاة في عدلك للمظلوم، والحدَّ في حكمك للظالم...

هكذا عرفناك...

دون أن نراك إلا طيفا متحركا على شاشة.. أو رسما في قرطاس..

لكننا عرفناك هكذا كلما بلغنا واجبا فتكون أول السامعين له.. ولتفاصيله أدق المنصتين, وفي قراره أشد الحريصين..

هكذا عرفناك...

حين نحيل إليك ما يردنا من زميلة تبحث عن مخرج، أو قارئة تتعشم في إبلاغك حقها، فبابك مشرعٌ.. ومكتبك مُشعلٌ.. وأنت يقظٌ بما تحتاج إليه مسؤوليتك..

ولهذا عرفنا أنك هدف الظالمين، وطغاة الجاهلين، لكننا نثق يقينا بأنك محفوف بعناية الله، محجوب عنك أذاهم بلطف الله، فلا يجازي الله الخلَّص إلا رحمةً وحفظاً وعوناً ونجاةً، ولا يُردي الباغين إلا فشلاً وسحقاً وهواناً..

بابك في بيتك كبابك في عملك.. مفتوحان.. بل أكثر رحابة بدماثتك التي كل من يقرب منك يعهدها فيك...

حماك الله تعالى..

نسأله أن يحفظك في أمانه..

ويقوَّيك الله القدير بمحجته وعونه..

ونسأله أن يمدَّك من عنده بمدده, ويجعلك في نور من نوره، ويكشف لك عن خبايا الضالين، ويهبك قدرة الموفَّقين، ويُخرجك من غلهم آمناً محفوفاً برعايته تعالى، ويمدُّ يدك حيث خيوط خلاياهم، ويقرِّب منك مفاتيح أقفالهم، وينصر عزيمتك بتأييده..

يا أب الفتيات في ضياعهن، وأخ الأمهات في قسوة الحياة بهن، وابن الأمهات في خيبات دروبهن..

حمداً لله على لطفه بنجاتك، وحِفْظه بسلامتك، وكشفه عن منهجك في أدائك: باب مفتوح، وقلب مشروح، وليهما الله بما أنت أهل له بإخلاصك الذي نعهد، ونبلك الذي نعرف، وصدقك الذي بين كفتي ميزان الحزم واللين..

حمداً لله على سلامتك محمد بن نايف وجعلك في أمن وأمان.