في مدرسة رمضان تأملوا كثيراً صغاري، تجدونه ينعقد على المساواة الواجبات، بين الصائمين، الفقير لا يختلف عن الغني، والعربي لا يختلف عن غير العربي، كل الألسنة والجوارح في أجساد الصائمين مطلوب منها الصوم، ومرسومة لها الحدود، مقدمة لها بنود الأجر، وواضحة لها قواعد الأداء،.. لكن هناك ما لابد من التنبه إليه؛ فالمساواة في صفوف الصلاة لئن كانت حكمة ورسالة، فإنها جزء من منهج الله في خلقه على المطلق في الزمان والمكان، في رمضان وخارج أسواره، تتم هذا المنهج متطلبات العبادات، وأركان الإيمان، وفقه المعاملات، وما للإنسان وما عليه في كل ما يصدر عنه ويطلب منه في المجتمع الخاص والعام.
هذه مسلمات يا صغاري، لكن رمضان يفتح الأبواب بين الناس أكثر، ويلغي الحواجز النفسية بينهم إيماناً، ويحث على التكافل والتقارب طاعة؛ فإطعام صائم مدار تنعقد عليه دلالات بليغة؛ فحين يكون الصيام لله تعالى، فإن دعوة الصائم هي إكرام لمَن هو في أداء واجب لله تعالى، إذن هو تقرب لله عن طريق استضافة عابد ممتثل؛ فتخيلوا وأنتم تكرمون أصدقاء أصدقائكم محبة فيهم، كيف تتآلفون وتتقاربون وتجعلون أواصركم قوية وقرباكم رضية؟ ولله المثل الأعلى حين يكون ضيفكم هو ممتثل في أداء طاعة لله، والتزام بها؟,.. إنكم هنا تشترون رضاء الله، وتعملون قربى إليه، ولا يستطيع هذا إلا من سكنت في نفسه أنوار الله تعالى إيماناً واحتساباً..
فلتصوموا إيماناً واحتساباً، لتملكوا أزمة نفوسكم، فيكون إلى موائدكم الفقير والمحتاج، والجار والقريب، فكلهم في صفوف صلاتكم سواء، وكلكم في طاعة الله كذلك.. عسى الله أن يجعلكم بهداه موفقين، وفي طاعته متسابقين، وعلى موائد أجره غراً محجلين...