Al Jazirah NewsPaper Saturday  29/08/2009 G Issue 13484
السبت 08 رمضان 1430   العدد  13484
جامعات المحافظات.. النقلة الجديدة في التعليم العالي
د. علي بن شويل القرني

 

دخل التعليم العالي مرحلة جديدة في بلادنا، بعد أن تم استحداث تأسيس ثلاث جامعات جديدة في محافظات، وليست مدناً رئيسة، وقد تلقف الوطن بفرح تأسيس ثلاث جامعات في الخرج وشقراء والمجمعة..

وهي كليات وفروع استقلت عن جامعة الملك سعود.. هذه الجامعة الرائدة في توليد جامعات حديثة.. ولا ننسي أن جامعة الملك سعود قد أطلقت وأسست على الأقل خمس جامعات هي جامعة الملك خالد في أبها، وجامعة الجوف، والآن مع القرارات الجديدة جامعة الخرج، وجامعة شقراء، وجامعة المجمعة..

والجديد في قرارات مجلس التعليم العالي التي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هو استحداث جامعات في محافظات المملكة، حيث بدأت المحافظات تحتضن جامعات، بعد أن تعددت الكليات التي تحتضنها وتنوعت تخصصاتها.. ودخلت محافظات الخرج وشقراء والمجمعة التاريخ بتأسيس أول جامعات المحافظات بها، باعتبارها محافظات وليست مدنا رئيسة. ويجب أن نشير إلى أن الطائف محافظة من محافظات مكة المكرمة، ولكنها محافظة على شكل مدينة، ولم تكن محافظة على شكل محافظة، ولهذا لا نعتبر الطائف إلا مدينة من المدن الرئيسة في المملكة.. أما محافظات المجمعة وشقراء والخرج فهي محافظات بمفهوم المحافظة الإدارية، ولهذا فنحن يجب أن نحتفي بإنشاء هذه الجامعات في هذه المحافظات، كبداية نقلة جديدة في مفهوم نشر الجامعات إلى المحافظات، بعد تغطية جميع مدن المملكة بجامعة أو اكثر من الجامعات الحكومية أو الأهلية.

وجامعة مثل جامعة الملك سعود قبل فصل الجامعات الثلاث كانت في ظني أكبر جامعة في العالم - من غير الجامعات المفتوحة - في عدد طلابها وكلياتها.. وعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية، تزيد جامعة الملك سعود عن أكبر جامعة أمريكية (اوهايو الحكومية Ohio State) بحوالي 150%، حيث بلغ عدد طلابها حوالي 54 ألف طالب، بينما جامعة الملك سعود إلى اكثر من 120 ألف طالب قبل عملية الانفصال. ولا شك أن الأعداد الكبيرة من الطلاب، والكليات التي وصلت إلى 73 كلية، إضافة إلى توزيع هذه الكليات في اكثر من 20 محافظة ومركز إداري يشكل عبئأ كبيرا على مركز الجامعة بالرياض. ولهذا فقد جاء الفصل مرحبا به من ناحيتين، أولهما الابتهاج بتأسيس هذه الجامعات في محافظات جديدة، وثانيهما إعادة هيكلة الجامعة، والإبقاء على الكليات الموجودة في مدينة الرياض، وهذا يعطيها فرصة اكبر للتركيز على أهداف الجامعة الاستراتيجية في الريادة العالمية، والبحث النوعي، والاعتماد الأكاديمي، كما أشار إلى ذلك معالي مدير الجامعة في اكثر من مناسبة.

وإذا نظرنا إلى الجامعات الجديدة، سنجد هذه الجامعات تستحق التأسيس والاستقلال، بما تشتمله من كليات وأقسام علمية، حيث وصل عدد الكليات في جامعة الخرج 20 كلية في 133 قسما أكاديميا، وفي جامعة شقراء 21 كلية في 138 قسما أكاديميا، وفي جامعة المجمعة 12 كلية في 81 قسما أكاديميا. وتبلغ مجموع الكليات التي تحتضنها هذه الجامعات الثلاث 53 كلية منتشرة في معظم محافظات ومراكز منطقة الرياض، وبمجموع 352 قسما أكاديميا. وهذه الأرقام هي أرقام مستحقة في تأسيس هذه الجامعات الثلاث. وتنضم هذه الجامعات الثلاث إلى شقيقات كبرى لها في منطقة الرياض، جامعة الملك سعود، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، جامعة الأمير سلطان، جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية, جامعة اليمامة، جامعة الفيصل، وبمجموع عشر جامعات في منطقة الرياض لوحدها، سبع جامعات في العاصمة، وثلاث جامعات في المحافظات. ومن المتوقع أن مسيرة التعليم العالي ستتواصل في محافظات أخرى بتأسيس جامعات جديدة.

لقد أحدث الملك عبد الله بن عبد العزيز ثلاثة منعطفات محورية في تطور التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، وهذه المنعطفات هي:

1 - تعميم الجامعات على مناطق المملكة، وفعلا خلال السنوات الماضية افتتحت جامعات في جمع مناطق المملكة الإدارية، ولم تترك أي منطقة بدون جامعة. (نجران، جيزان، الباحة، الحدود الشمالية، الجوف، حائل، تبوك).

2 - إطلاق مرحلة جديدة من التوجه نحو تأسيس الجامعات في المحافظات، وهذا ما حدث بشكل واضح في استحداث جامعات الخرج وشقراء والمجمعة، والبقية تأتي.

3 - برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وفيه ابتعاث لحوالي سبعين ألف طالب وطالبة في حوالي ثلاثين دولة من كبرى دول العالم المتقدمة في التعليم الجامعي، وهذه البعثات ستغذي الجامعات القائمة والجديدة بكوادر متعلمة ومتخصصة ودارسة في أرقى الجامعات العالمية.

وهذه المنعطفات الثلاثة هي نقلة تاريخية ومبادرة وطنية كبرى من الملك عبد الله بن عبد العزيز نحو المستقبل، ونحو المواطن. فمن ثماني جامعات قبل سنوات قليلة إلى أكثر من ثلاثين جامعة.. وهذا التوسع في استحداث الكليات والجامعات من شأنه أن يرتقي بالتعليم في بلادنا، ويجعله في مصاف المجتمعات المتقدمة - بمشيئة الله تعالى -. وقد استطاعت هذه الجامعات أن تستوعب حوالي ربع مليون من خريجي الثانويات العالمة، برقم قياسي عالمي يصل إلى اكثر من 90% من خريجي الثانويات يجدون مقاعد لهم في التعليم الجامعي، ولا يوجد في أي مكان في العالم. وأخيرا ما يحدث في بلادنا والحمد لله من نقلات نوعية، سيجد ثماره في تعزيز العلوم والمعرفة، واعداد الكوادر البشرية المتعلمة، التي تساعد على استكمال مشروع التنمية الشاملة في المملكة.

*المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية - أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود


alkarni@ksu.edu.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد