(الجزيرة) - فن
مع مرور الأيام الأولى من شهر رمضان الكريم، بدأ مسلسل (للأسرار خيوط) الذي تعرضه شاشة (روتانا خليجية) يستحوذ اهتمام الشارع الخليجي والعربي، خاصة أن الشاعر الإماراتي محمد سعيد الضنحاني، مؤلف هذا العمل اختار أن يثير قضية إشكالية في معالجته لقضية الأرض والهوية في منطقة الخليج العربي التي تتوجه إليها أطماع إقليمية.
(للأسرار خيوط) مسلسل إشكالي، ورمزي في وقت واحد، لكن إشاراته واضحة وجلية، تفصح في مضامينها عن قوة الانتماء للأرض، ورغبة الطامعين من حولنا باغتصابها. وهي المرة الأولى التي يقدم فيه بلد خليجي عملا فنيا، يتعلق بمسألة الهوية والأرض، من دون حاجة إلى التساؤل حول ماهية العمل، وما إذا كان سيحمل في تضاعيفه ما يثير حساسيات اجتماعية أو سياسية، أم لا.
يدور مسلسل (للأسرار خيوط) حول الدالية وهي عبارة عن رمز كبير لإحدى البلدات القديمة في الخليج العربي حيث نرى أهلها وأناسها يشتغلون في الصيد وبيع السمك والغوص وكل ما له علاقة بالبحر إلى جانب الزراعة والعناية بالنخيل والتمور. إنهم أناس بسطاء ليس لهم هم سوى العيش بكرامة وعزة وتحقيق أحلامهم البسيطة تماماً كحياتهم التي تحفر في التاريخ صفحات صادقة.
يوجد في هذه البلدة الرمز (أبو مسرة) الطواش والتاجر الكبير الذي يضع يده على كل شيء فهو يشتري من أهلها كل ما يحصلون عليه من البحر والأرض، هو ورجاله الغلاظ القلوب ومن يعمل في كنفه من تجار يأتون من بلاد خارجية مثل قندور وبابو ولا يشبع من هذا فقط بل إننا نراه يستولي على مزارعهم وأراضيهم بإغرائهم بالمال وإذا رفضوا يستخدم القوة ليحصل على ما يريد، ومن هذه النقطة بالذات ينطلق المسلسل حيث إن أبو مسرة يريد امتلاك أرض أبو عبدالله، لأنها تجاور أرضه ومساحتها كبيرة، ولكن نرى أبو عبدالله يرفض بيع الأرض والمزرعة التي يعيش هو وزوجته وأولاده الأربعة وابنته منها، يرفض وبقوة ويتصدى لأبو مسرة ورجاله يدفعه لذلك ويشجعه جاره الطيب المطوع منصور (أبو صالح) والذي يكون في الدالية المنافح عن الحق فيها والمساعد لأهلها المظلومين.
من جانب آخر فإن أبو مسرة رجل يؤمن بالحظ والبخت والعرافات وله في البيت عرافة هي (عيشة) التي تستقي أخبار الدالية من الرجال وتلقمها لأبي مسرة فيفرح بها ويسير على هديها وهي أي عيشة يده اليمين في كل ما يقوم به ولهذا نرى ابنته مسرة تكرهها هي وعتيق مساعده الرئيسي والذي يخونه عندما تتوالي الأحداث فيقوم أبو مسرة بالخلاص منه وقتله.
في المسلسل هناك سهيل الشخصية المركبة والذي يعرفه أهل الدالية بالمجنون ولكننا نراه عاقلاً في مواقف كثيرة، إنه الضمير الحي ووجه الحقيقة المتخفي حيناً والذي يظهر حيناً آخر ليقول كل شيء، والذي سيلعب دوراً مهماً في هذا العمل.
المسلسل يدور في هدفه الأساسي الأول حول الوطن والإنسان، الأرض وضرورة التمسك بها والعمل والبناء في بناء تراثي قديم يتناول حياة إنسان الخليج العربي والخليج بشكل عام وصراعه النبيل في مواجهة الغطرسة والظلم، في حقبة زمنية معينة وهي فترة الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي أي قبل ظهور النفط ويعرض لنا حياة الناس في تلك الفترة وما كانوا يعانون منه بكل صدق وشفافية ومقاربة للحقيقة.
الجدير ذكره أن الفنان الإماراتي حسين الجسمي قام بغناء مقدمة العمل الذي أخرجه إياد الخزوز وشارك في بطولته نخبة من نجوم الخليج يتقدمهم غازي حسين وجاسم النبهان وشيماء سبت وبلال عبدالله وغيرهم، أما تصوير العمل فقد تم في إمارة الفجيرة في الإمارات والإنتاج هو لشركة (أرى الإمارات).
