خرجت من عملي يوم الثلاثاء الماضي وكنت أشد ما أكون حاجة للراحة بعد عناء ذلك اليوم المثقل والمتعب والحار، عندما وصلت المنزل - وليس بين عينيّ إلا الفراش - كانت المفاجأة، (انقطاع التيار الكهربائي عن الحي والأحياء المجاورة)، ومع انقطاعه توقف كل شيء في البيت، والكل في لحظة انتظار مفتوحة لا يعلم متى ستنتهي!! لقد عشنا في حائل ومثلنا القصيم منذ بداية هذا الشهر وحتى لحظة كتابة هذه السطور حالة سيئة مع شركة الكهرباء التي تسعّر وتفرض ونحن نسدّد ونوقع وأي تأخير فالمبالغ مضاعفة بزيادة الشريحة التي قد ترهق الكثير!! إنني أتساءل ومن منطق استثماري اقتصادي بحت: كم هي الخسائر التي سببتها شركة الكهرباء سواء على المستوى الفردي أو المؤسسات والشركات المنظورة وغير المنظورة المباشرة وغير المباشرة الآنية والمستقبلية؟ أتساءل ومن منطلق إنساني صرف عن البعد النفسي والتعبدي فربما امتد الأمر لخدش صومنا بالدعاء على من هو سبب في هذا الخلل نتيجة رفع الضغط والتلاعب بالأعصاب، وربما تلفظنا على موظف الطوارئ وهو لا يملك حلاً ولا عقداً؟ كنا نتوقّع خروج إعلان اعتذاري صريح وبلغة تشعر باحترام المستهلك لهذه الخدمة في وطن تعودنا منه وعشنا فيه بكل احترام وتقدير، كنا نتوقّع الوعد بالتعويض المادي المجزي ومن مصدر مسؤول كبير، على الأقل إعفاء شامل لجميع سكان المناطق المتضررة من جراء الانقطاع من دفع فاتورتي شهر رمضان وشوال مثلاً، ولأن لا هذا حدث ولا ذاك وإنما تأسف وعلى خجل من قبل بعض المسؤولين مع أن الأمر عظُم وصار حديث الصفحات الأولى في الصحف، وحظي بمتابعة أمراء المناطق وولاة الأمر رعاهم الله ولا أدل على ذلك من لقاء صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم بالرئيس التنفيذي للشركة السعودية الموحّدة للكهرباء المهندس علي بن صالح البراك ومناقشته معه وضع الكهرباء بالمنطقة وأسباب الأعطال التي حصلت خلال الأيام الماضية وانقطاع التيار الكهربائي بعدد من مدن ومحافظات ومراكز المنطقة لعدة فترات متوالية، وإنني أعتقد والأمر وصل إلى هذا الحد أن من حق كل مواطن أن يعبّر عن استيائه بالطريقة التي يراها بشرط أن تتوافق مع دائرة المسموح به شرعاً ونظاماً، ومن هذا الباب يأتي مقال اليوم معبِّراً عن استياء شريحة عريضة في منطقة حائل مما حدث من قبل شركة الكهرباء، وهناك من يطالب برفع دعوى قضائية على هذه الشركة الضخمة لأنها لم تف بالتزاماتها نحونا نحن المواطنين وفي وقت هو من أصعب الأوقات وأحرجها، وآخرون طالبوا بتدوين الأسماء ورفعها لولي الأمر وطرح الأمر بين يديه بكل ملابساته، فالمواطن كما أن عليه واجبات مالية لهذه الشركة وغيرها فإن له حقوقاً أدبية ومالية وخدمية، والعطل ليس مسؤولية المواطن ولا حتى منسوبي الشركة في المدن المربوطة بمحطات خارجية، بل تقع فيه التبعية بكل ملابساتها على المخططين والقائمين والمشرفين على هذه المحطة أو تلك!! وإن كان من حسنة تعد لهذا الحدث المشين فهي كشف حقيقة وواقع الصيانة وجودة الربط وجدة وتميّز الآليات والمعدات التي تمتلكها الشركة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها في الأزمات وحين المفاجآت، كما أن من حسناتها أنها ذكّرتنا بواقع الفقير الحقيقي الذي لا يجد ما يسدّد به فاتورة الكهرباء مما يعرّضه لفصل التيار عنه، صدقوني بأن الإنسان لا يستطيع في هذا الوقت أن يخلد للراحة دون تكييف فكيف بمن يعيشون طوال هذا الشهر المبارك دون كهرباء، بل العمر كله بالظلام والحر، إن هذه الفئة المعدمة إن وجدت بيننا - كما ينقل لي بعض العاملين في الجمعيات الخيرية - أقول إن وجودهم بيننا ونحن نرفل بهذه النعم ونتقلّب فيها صباح مساء عار وخطأ كبير خاصة وهم يعيشون في مجتمع عربي مسلم يعرف للجار حقه وللفقير قدره.. وإلى لقاء والسلام.