الجزيرة - وهيب الوهيبي :
أكد الشيخ ياسر الدوسري إمام جامع الدخيل بحي غرناطة بالرياض والأمين العام لجمعية الأمير سلطان لتحفيظ القرآن الكريم بقوات الدفاع الجوي أن مسؤولية إمام المسجد في شهر رمضان المبارك عظيمة من خلال توجيه الناس وتبصيرهم في أمور دينهم ودنياهم، لافتاً إلى أهمية تلاوة القرآن الكريم في صلاة التراويح بتدبر وخشوع، ولا نكتفي بحروف القرآن دون فهم معانيه.
وانتقد الشيخ الدوسري في حواره الرمضاني مع (الجزيرة) بعض سلوكيات المصلين خلال صلاة التراويح وفي مقدمتها التدافع الشديد نحو بعض المساجد ومضايقة سكان الحي، وفيما يلي نص الحوار:
مقاصد الصوم
* ونحن في مطلع الشهر الكريم كيف يمكن للصائم أن يحقق مقاصد الصوم؟
الصائم إذا استحضر الغايات والمقاصد التي شُرع من أجلها الصيام، والتي من أعظمها وأجلها (تحقيق التقوى) كما في قول الله تعالى: (....كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). وأكد الدوسري أن الصائم عندما يسخر طاقاته وإمكاناته في تحقيق ذلك المقصد العظيم، وتحقيق ذلك من خلال إقامة أوامر الله والتي من أحبها إلى الله (الفرائض)، فأول ما يجب أن يشتمل عليه برنامج الصائم إقامة الفراض على أتم وجه وأكمل صورة، ثم ينتقل بعد ذلك إلى النوافل والمندوبات والتي من أجلها في رمضان قيام الليل وصلاة التراويح مع المسلمين في المسجد بالنسبة للرجال وإقامتها في البيت بالنسبة للمرأة، وكذلك من العبادات قراءة القرآن بتدبر وفهم، ويستحسن أن يكون لديه حال قراءته للقرآن (تفسير مختصر) مثل تفسير ابن سعدي -رحمه الله- أو غيره، لافتاً إلى ضرورة أن يكثر من الذكر والاستغفار والصدقة والإحسان والبر، على أن يكون في ذلك كله مستمداً العون من الله، راجياً في الوقت ذاته القبول منه سبحانه وتعالى.
بوابة للتغيير
* كيف نجعل من رمضان بوابة للتغيير والتحسين؟
- أعظم مقصد من مقاصد الصيام هو التغيير والانتقال بالصائم إلى مرحلة التقوى والتي بها تصلح الدنيا والآخرة، وذلك لقول الله عز وجل: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
وقال عز وجل: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
وقال عز وجل (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).
وأشار أن على الصائم أن عرف بأن رمضان من أعظم الفرص الربانية للتغيير والانتقال من ضعف الإيمان إلى قوة الإيمان، ومن طاعة النفس والشيطان إلى طاعة الواحد الدَّيان، فمن كان يشكو من عادة سيئة ففرصته رمضان، ومن عجز عن تغيير خُلق في نفسه ففرصته رمضان، ومن استعصى عليه سلوك في حياته ففرصته رمضان، ومن كان يطمح ويتطلّع لمعالي الأخلاق والسلوك ففرصته رمضان.
المرأة ورمضان
* بماذا تود أن تهمس في أذن صاحبة المطبخ في رمضان؟
- إسلامنا دين التوازن والاعتدال وإعطاء كل شيء حقه ومستحقه، وهذا الفهم هو الفهم الذي فهمه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمل معادلة في التوازن هي تلك العبارة التي قالها سلمان رضي الله عنه لأبي الدرداء وأقرّه النبي صلى الله عليه وسلم عليها حينما قال: (إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً، فاعط كل ذي حق حقه).
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صدق سلمان)، وأكد أن المرأة كما أنها مطالبة بالقيام بشؤون زوجها وأولادها وبيتها، لكنها في الوقت ذاته مطالبة بالقيام بحقوق الله وواجباته والتقرب إليه سبحانه. وهي قادرة على ذلك متى ما استطاعت أن تحقق هذه المعادلة التي قالها سلمان رضي الله عنه. فعلى المرأة أن تسعى في تحقيق هذه الموازنة وطلب العون من الله، وهي يسيرة سهلة على من يسرها الله عليه.
للشباب
* ما توجيهك للشباب والناشئة في شهر الصوم والخير؟
- على الشباب أن يستثمروا أوقات الشهر الفضيل في فهم القرآن وتدبره وكشف أسراره وكنوزه، وأن نبذل وسعنا في أن نعيش روح القرآن وألا نكتفي بحروف القرآن دون فهم معانيه. فلا حياة ولا نجاة إلا بفهم القرآن وتطبيق وترجمة معانيه على أرض الواقع، كما أود التنبيه من إضاعة الفرائض بحجة إقامة المستحب والمندوب، فأحب ما يتقرب به العبد إلى ربه إقامة الفرائض كما ثبت ذلك في الحديث القدسي الشريف: (أحب ما تقرب إليّ به عبدي ما افترضته عليه..).
يجدر بنا أن نتحلى بالأخلاق الحميدة والسلوك القويم في نهارنا ومسائنا ولا سيما في أوقات الاختلاط بالناس في الشوارع والمساجد خصوصاً المزدحمة منها، وأن نحذر من أن يبدر منّا ما يخالف الأخلاق والذوق العام، كالوقوف في منتصف الشارع أو الوقوف أمام أبواب البيوت والمنازل، فقد حصل بذلك أضرار كثيرة وقصص مزعجة يطول الحديث في سردها.
إمام المسجد
* ما الرسالة التي توجهها إلى إمام المسجد في رمضان؟
- دور إمام المسجد من أهم الأدوار في رمضان، وذلك في توجيه الناس وتبصيرهم بأمور دينهم وتوعيتهم في ذلك. ويعظُم دوره في محرابه حينما يتلو كلام الله، فكلما كان الإمام صادقاً متدبراً في قراءته كلما انعكس ذلك على المصلين، لأن القراءة الصادقة إذا خرجت من القلب استقرت في القلب.
وأوضح أن من أعظم ما يعين الإمام على فهم القرآن وتدبره، أن يلزم نفسه بقراءة التفسير في المقطع الذي سيقرؤه في التراويح.
كما أن على إمام المسجد أن يسعى في أن يكون قدوة عملية ونموذجاً حياً للصائم المسلم من حيث الأخلاق والسلوك وتأدية الواجبات والمندوبات وغيرها من الأعمال الفاضلة.